بعد قليل.. وزير الزراعة يلقي بيانا أمام مجلس النواب    بحضور الوزير.. "قوى النواب" تناقش قانون العمل الجديد اليوم    جامعة قناة السويس تحقق إنجازا عالميا جديدا    بالأسماء، 21 شخصًا يتنازلون عن الجنسية المصرية    دفاع النواب: حرب أكتوبر إحدى العلامات المضيئة في تاريخنا المعاصر    تعليمات جديدة .. المديريات التعليمية توجه بتحصيل المصروفات الدراسية إلكترونيا    صعود جنوني لسعر الجنيه الذهب الأحد 20 أكتوبر 2024    جامعة سوهاج تنظم برنامجا تدريبيا على الحاسب الآلي ضمن مبادرة "بداية"    وزير الإسكان: تغيير حدود الدخل ضمن الطرح الجديد بمبادرة «سكن لكل المصريين»    وزيرة التنمية المحلية: أسيوط احتلت المرتبة الأولى في استرداد أراضي أملاك الدولة    المالية: بدء صرف مرتبات شهر أكتوبر الخميس المقبل، وهذه مواعيد نوفمبر    تراجع أسعار الفراخ في أسواق مطروح اليوم الأحد 20 أكتوبر 2024    سماع دوي انفجارات في الكرمل وفي حيفا وخليجها    رئيس إقليم كردستان يوجه الشكر لرئيس الوزراء العراقي لتأمين العملية الانتخابية    عاجل:- تسريب وثائق سرية من البنتاجون تكشف استعداد إسرائيل للهجوم على إيران    تعرف على برنامج الزمالك اليوم قبل مواجهة بيراميدز    يوتيوب دون تقطيع الآن.. مباراة مانشستر سيتي ووولفرهامبتون Manchester City vs Wolverhampton اليوم في الدوري الإنجليزي الممتاز 2024    السوبر المصري.. التشكيل المتوقع للأهلي في مواجهة سيراميكا كليوباترا    بث مباشر مباراة الزمالك وبيراميدز في السوبر    إحالة أوراق شقيقين متهمين بقتل جارهما للمفتى في عين شمس    المديريات تستعد لبدء صرف مستحقات معلمي الحصة بالمدارس    النشرة المرورية.. كثافات مرتفعة للسيارات بمحاور القاهرة والجيزة    السكك الحديدية تنقل السائحين من محطة بشتيل لأسوان لمشاهدة تعامد الشمس    قدما 7 أفلام معًا، قصة دويتو محمد فوزي ومديحة يسري في السينما    السيسي يصل إلى مقر افتتاح النسخة الثانية من المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية    استشاري: السيدات أكثر عرضة للإصابة بهشاشة العظام «المرض الصامت»    دورة تدريبية لتنمية مهارات القيادات المحلية في مجال إدارة الأزمات ومواجهة الشائعات    قافلة جامعة عين شمس تقدم خدماتها ل10 آلاف من أهالى الشلاتين وحلايب    لماذا توفى الله سبحانه وتعالى نبيه محمد وهو خاتم الرسل؟.. علي جمعة يوضح    للمتوجهين إلى السعودية.. سعر الريال السعودي اليوم في البنوك    تصميم عصري وكاميرات تخطف الأنظار.. فيفو تكشف النقاب عن هواتفها الجديدة    عمرو أديب عن "كلب الهرم": قدم دعاية مجانية للأهرامات    أمريكا تُحقق في تسريب المعلومات بشأن خطط إسرائيل لمهاجمة إيران    وزير الأمن القومي الإسرائيلي يُهاجم جيش الاحتلال.. ما السبب؟    نجم بيراميدز السابق يكشف مفاجأة مدوية بشأن موقف رمضان صبحي من العودة للأهلي    تامر عاشور يشدو بأروع أغانيه لليوم الثاني بمهرجان الموسيقى    طارق الدسوقي خلال افتتاح ملتقى المسرح للجامعات: هذه الدورة الأصعب على الإطلاق    متعب والحضرى وشوقى ويونس فى الاستوديو التحليلى لمباراة الأهلى وسيراميكا    تفسير آية | معني قوله تعالي «أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى»    اليوم.. محاكمة 6 متهمين في «خلية الحدائق»    اليوم .. محاكمة اللاعب أحمد ياسر المحمدي بتهمة اغتصاب فتاة في قطر    السيطرة على حريق محل حلويات شهير بوسط البلد    أمريكا: سحب المئات من منتجات الوافل المجمدة بسبب احتمال تلوثها ببكتيريا الليستيريا    لبنان: 4 شهداء و13 جريحا جراء غارة للاحتلال على بعلول في البقاع الغربي    هل تذكيري لأصدقائي بتلاوة القرآن وذكر الله عليه أجر؟.. دار الإفتاء تجيب    اللهم آمين | أثر الدعاء للشهداء وأهلهم    بعد اغتياله.. ماذا قال الطبيب المشرف على تشريح جثمان يحيى السنوار؟    منها الجوع الشديد..تعرف على أعراض مرض السكري عند الأطفال    للمسافرين كثيرًا.. كيفية الصلاة في المواصلات ومعرفة اتجاه القبلة |الإفتاء تجيب    غارات جوية للاحتلال تستهدف منطقة المواصي في قطاع غزة    طريقة حجز شقق ذوي الهمم من موقع «مسكن محور الأراضي»    5548 فرصة عمل في 11 محافظة برواتب مجزية - التخصصات وطريقة التقديم    بسبب مكالمة هاتفية.. مقتل سائق على يد شقيقان وزوج شقيقتهم بشبرا الخيمة    درس قاسٍ في مكان العمل.. برج العقرب اليوم الأحد 20 أكتوبر    إعلام فلسطيني: غارات متتالية تستهدف منطقتي الصبرة وتل الهوى غرب غزة    عبد الرحمن فيصل: بطولة إفريقيا هديتنا للجماهير    يوفنتوس يهزم لاتسيو ويقفز لصدارة الكالتشيو    نشرة الفن.. حقيقة صادمة في سبب انفصال نادين نجيم عن خطيبها وشيرين ترد على اعتذار أحلام بمنشور مفاجئ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرض مصر الحقيقى

كثيرا ما تعرض المجتمع المصرى لأزمات ومشكلات عانى منها الأمرين، ومع ذلك كلما كانت تضيق به الحال، وتتعاظم فى مواجهته التحديات، كان يزداد تماسكاً وصلابة حتى تجاوز الكثير من هذه المحن بسلام، وهل زال الاحتلال الإنجليزى إلا بتوحد المصريين على كراهيته وحتمية مقاومته لإجباره على الجلاء؟ وهل عبر المصريون نكسة 1967 إلى انتصار أكتوبر إلا على ثوابت كان يحرص عليها الجميع؟ وأى مجتمع مبنى على أساس قوى وأهداف لا اختلاف عليها، هو مجتمع صحيح الفطرة، مهيأ دائماً لتطوير ذاته وتحريرها وليس البحث عن عيوب الآخرين.
نعم عانى المجتمع المصرى من الفقر والقهر، لكنه كان مسلحا بالقناعة وليس الخوف، نعم غابت الحرية السياسية فى كثير من الحقب، بينما بقيت الحرية الفردية همزة وصل للجميع، أما بعد انفتاح السداح مداح عام 1975، فاختلط الحابل بالنابل، وانقلب المجتمع المصرى رأسا على عقب، لتقفز شرائح اجتماعية وتهمش شرائح وتموت شرائح وتولد شرائح وتصل للسلطة طبقة بلا جذور تملك المال ولا تملك الأخلاق، حصدت الثروة فى غفلة من الزمن، وفازت بنفوذ لم تكن تحلم به، مكنها من إدارة البلاد فى الاتجاه الذى يخدم مصالحها، بمعاونة مجموعة من المنتفعين من أولئك الذين لا شغل لهم ولا شاغل سوى الطبل والزمر لمساعدة هذه الطبقة على هضم حقوق الناس وفى الوقت نفسه إلهائهم بالعوز والحاجة والقضايا المفتعلة لصرف الأذهان عما يرتكب من فضائح وتجاوزات يندى لها الجبين، وعندما يأتى الفساد من أعلى فسيجرف فى طريقه كل الثوابت والقيم والفضائل، وسيزيل جدران الأمن وسيجعل من التسيب منهجا يفرض نفسه على كل شىء.
فالتسيب فى مواجهة مشكلة حوادث الطرق أدى لتفاقمها وزيادة مخاطرها عاما بعد عام، حتى سقطت نتيجة هذه الحوادث أعداد كبيرة من الضحايا يفوق عددهم شهداء ومصابى الحروب التى خاضتها مصر ضد إسرائيل منذ عام 1948 حتى حرب أكتوبر عام 1973، وما يؤكد تفاقم الظاهرة ما أعلنه الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء مؤخرا عن ارتفاع إجمالى حوادث السيارات إلى 22793 حادثة عام 2009 بنسبة تزيد 8.9٪ عما كانت عليه عام 2008، وكذلك زيادة عدد حوادث القطارات لتصل إلى 1575 حادثة فى عام 2009 بزيادة قدرها 22٪ على ما كانت عليه فى 2008، وقس على ذلك ارتفاع نسبة الحوادث على الطرق السريعة وبسبب المقطورات أو الأخطاء الميكانيكية أو الأخطاء الشخصية، لتتربع مصر بذلك على قمة الدول الأكثر عرضة لمخاطر الطريق.
- التسيب هو الذى سمح بتهميش القانون لصالح الحزب الوطنى، وتحويل صلاة عيد الفطر المبارك إلى لافتات انتخابية وسباق للعيديات بين الوطنى والإخوان، وحول الرشاوى الانتخابية رغم مخالفتها للقانون لتجاوزات ممكنة، وبالتالى ليس من حق أحد أن يستغرب قيام الدكتور أحمد فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب، بتوزيع 250 ألف جنيه فى صورة عيديات على أهل منطقة السيدة زينب، ثم قيام داكر عبدالله منسق حملة تأييد جمال مبارك، بتفريق 50 ألف جنيه على فقراء حى الجمالية.
- التسيب هو الذى مكّن بعض رجال الأعمال من الفوز بأراضى الدولة والتربح من ورائها بمليارات الجنيهات، ولا أظن أن الحكم الأخير ببطلان عقد مدينتى سوى خطوة تستحق كل الاحترام والتقدير فى سبيل تصحيح الأوضاع المقلوبة واستعادة الحقوق المنهوبة.
- التسيب هو الذى جعل حكومة الدكتور نظيف تستصلح 12 ألف فدان فقط من مليون فدان كان مقرراً استصلاحها فى الفترة الأخيرة.
- التسيب هو الذى تسبب فى سرقة لوحة زهرة الخشخاش من متحف محمد محمود خليل بالقاهرة لعدم اكتراث بعض الموظفين لما لهذه الآثار من قيمة، وإلا بماذا نفسر تقاعس هؤلاء فى الإبلاغ عن تعطل أجهزة الإنذار داخل المتحف وعمل 7 كاميرات فقط للمراقبة من أصل 43 كاميرا، وإلا بماذا نفسر العدد غير الكافى من أفراد الحراسة الذين بدا وجودهم قبل الحادث مجرد وجود شكلى؟
- التسيب هو الذى ضمن أن تكون تنمية الموارد من جيب المواطن فقط، الأمر الذى حفز مدير حديقة الحيوان إلى أن يسعى منذ أيام لرفع قيمة التذكرة من جنيه إلى 5 جنيهات دفعة واحدة، علما بأن هذه الحديقة من أهم المتنزهات التى يستطيع المواطن محدود الدخل التردد عليها هو وأفراد عائلته.
- التسيب هو الذى حوّل الملاهى والأندية والحدائق العامة فى أيام عيد الفطر الثلاثة إلى بؤر متنوعة لممارسة التحرش الجنسى من خلال مجموعة منحلة من الشباب صغير السن، ممن نسى أن للدولة هيبة وأن بنات الناس لسن مستباحات بل حرام على كل من تسول له نفسه إيذاؤهن أو المساس بهن.
- التسيب هو الفساد الذى لابد من بتره، بعد أن طمى السيل حتى غاصت الركب، هو العدو الأول للقانون والنظام والإصلاح السياسى والاقتصادى والاجتماعى، والخطر الواجب اجتثاثه من جذوره كى نلحق بقطار المدنية والحضارة، هو الدليل على أننا نخالف سنة الحياة ونتقدم للخلف، ونتفنن فى تدمير ما تبقى لنا من موارد للأجيال القادمة.
إن ظاهرة التسيب صناعة برع فيها الكبار، لكننا جميعاً فتحنا لها قلوبنا وعقولنا وبيوتنا وشوارعنا ومدارسنا وجامعاتنا ومتاحفنا ودور عبادتنا وسمحنا لها أن تتوازى فى حضورها الطاغى من التطرف والهوس الدينى، بينما تتقاطع مع كل ما نتطلع إليه ونحلم به، وحولناها إلى مرض عضال سيقضى علينا إن لم نقض عليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.