جاء حكم محكمة القضاء الإداري في قبول الإستشكال المقدم من وزارة الاتصالات والممثلة في الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات لوقف تنفيذ الحكم الصادر بحجب موقع يوتيوب لمدة 30 يوماً، متماشياً مع الواقع، مؤكداً أن الحل ليس في الحجب و إنما في الانفتاح و المعرفة. و كان البعض قد اعتقد أن قرار المحكمه بحجب وحظر جميع المواقع والروابط الالكترونية على الانترنت التي تعرض مقاطع الفيلم المسيء للرسول الكريم أنه انتصار كبير، متجاهلين كل العقبات التي تحول دون تنفيذ هذا الحكم أو الأضرار التي قد تترتب عليه، بالرغم من تأكيد قيادات وزارة الاتصالات والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بأن ما يمكن أن يتخذ هو حجب روابط الفيلم المسيء من داخل جمهورية مصر العربية فقط ، أما حجبه عن بقية دول العالم فهو أمر مستحيل، وهذا لإن الموقع المسؤول عن غلق أي رابط على اليوتيوب خارج جمهوريه مصر العربيه فهو تابع للولايات المتحدةالأمريكية التي تمتلك وحدها القدره على غلقه سواء من تلقاء نفسها أو من خلال حكم قضائي أمريكي. ومع أن القرار القضائي يجب إحترامه، إلا وأن عملية حجب المواقع الإلكترونيه عمليه في غاية التعقيد من الناحيه التقنية والفنية ، فتلك العملية تستهلك أموالا باهظه بسبب وجود برامج عديده يمكنها أن تتخطى حجب هذه المواقع، هذا لأن الروابط التي تعرض الفيلم أو أي محتوي آخر على الشبكات الإلكترونية تتزايد وتتغير بشكل مستمر، مما يتطلب من الجهاز متابعة الروابط بشكل دائم و العمل على حجبها. ولذلك قام الجهاز بمطالبه المجتمع في حصر تلك الروابط على موقعي جوجل ويوتيوب. الأمر يصعب تطبيقه من الناحيه التقنيه لما تتطلبه هذه العملية من تكاليف باهظة، لكن الخسائر لا تنحصر فقط على الجانب المادي فهناك خسائر اجتماعية وتعليمية وسياحية وصناعية سنتعرض كلنا لها إذا تم حجب الموقع لمدة 30 يوماً. وبما أن هناك استحالة فنية في عمل حصر مستمر وشامل لكافة المواقع والروابط على شبكه الإنترنت وبالتالي استحالة حظرها بصوره كاملة، فأنا أؤكد مرة أخرى على أن الحل في الانفتاح و المعرفة. فأنا أرى أن حجب المواقع المسيئه للرسول أو للإسلام أو للرموز الدينيه بوجه عام ليس إلا مضيعة للوقت والمال، كما يذكرني ببعض المبادرات التي نادى بها بعض الشيوخ لوجود ما يسمي ب"الإنترنت النظيف». هذا لأن الحجب سيطبق علي القائمين بداخل مصر فقط أو على البلد الصادرمنها الحكم، ولكنه سيستمر في البث في جميع أنحاء العالم الأخرى وربما يكون هذا الحكم بمثابة ترويج له بمزيد من المشاهدة ، فما هي الجدوى إذاً؟. وهل الهدف هو، كما أشارت وزارة الاتصالات، الحفاظ علي القيم والأخلاق وحماية المعتقدات الدينية والأسرة المصرية؟، فهذه بالطبع أهداف سامية، و لكن هل تأتي حمايه الشباب عن طريق الحجب أم عن طريق التنوير و المعرفة؟، هل من الممكن حجب معلومات عن أبنائنا و شبابنا فى عصر العولمة و تكنولوجيا المعلومات ووسائل المعرفة اللا حصرة لها؟، قد يكون للتطور التكنولوجى أثار سلبية مثل القدرة علي إنتاج أى مضمون «غير مسؤول» و إذاعته وإمكانية مشاهدته من أي مكان، ولكن قد يعتبر هذا السبب من النتائج الإيجابية فى نفس الوقت، لأنه من خلال استخدام التكنولوجيا قد نستطيع أن نصحح صورة الإسلام عند الآخر من خلال إنتاج مواد إعلاميه، نرد بها علي الأعمال المسيئة للإسلام، و نعكس صورته الحقيقية و رسالته ومبادئه وننير العقول بأهمية إحترام الأديان السماوية ورموزها. إن نصرة الدين الإسلامي و رسوله لا تأتي عن طريق الحجب، و لكن تكون باستخدام نفس الوسيلة، وهي التكنولوجيا، لإبراز رسالاته قولا وفعلا وبذلك سنكون قادرين علي تصحيح صورة الإسلام ورسالته في عقول الآخر وستهمش هذه الأعمال العبثية. قد تكون عملية تصحيح صورة الإسلام من الأمور التي يمكن التعامل معها، و لكن يبقي التحدي في كيفية مواجهة المواقع المضللة والمفسدة أخلاقياً والتي لا يمكن تفاديها عن طريق الحجب.