بين إدانة لاستخدام تعبير «الإبادة»، والحديث عن «انفراجة» فى السياسة الأمريكية التى أعلنتها مؤخرا إدارة الرئيس باراك أوباما على لسانه ولسان وزيرة خارجيته هيلارى كلينتون، تباينت ردود الفعل السودانية على الاستراتيجية «الجديدة»، التى أغلقت واحدة من جبهات الحرب التى فتحها سلفه جورج بوش فى الشرقين الأوسط والأقصى، بحسب البعض، رغم تمسك البعض الآخر، لاسيما وجهة النظر الرسمية، بالتركيز على النصف الفارغ من الكوب، والمتمثل فى استخدام هيلارى كلينتون لعبارة «الإبادة الجماعية»، لدى تطرقها للحديث عن إقليم دارفور. فريق ثالث أكد أن الاستراتيجية الأمريكية تجاه الخرطوم، المنتهجة لسياسة العصا والجزرة «لم تكن جديدة أساسا» بل ولم تخالف توقعاتهم فى كثير من نقاطها، لكنهم يرون فى الوقت ذاته أنها جاءت مغايرة لتمنيات حكومة الرئيس عمر البشير، رغم «النقاط الإيجابية» المتمثلة فى عدم التلويح بالتهديد العسكرى، ويرون أن البشير كان يأمل فى أن تدفع تحركات سكوت جريشن، المبعوث الأمريكى الذى يزور السودان حاليا، بفرضية تطبيع العلاقات بين البلدين إلى سطح التنفيذ بجانب تسريع الخطوة لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، التى أدرجها الرئيس الأمريكى السابق، ضمن دول مثل سوريا وإيران. ورغم انتقادات غازى صلاح الدين، المستشار، السياسى للبشير، والتى خرجت كأول رد فعل رسمى عن الخرطوم، اعتبرت الحركة الشعبية لتحرير السودان، شريك المؤتمر الوطنى فى الحكم، أن ما أعلنه كل من أوباما وهيلارى يأتى انسجاما وليس تناقضا، وقال يان ماثيو، الناطق الرسمى باسم الحركة الشعبية، ل«المصرى اليوم» إن «منفيستو الحركة الشعبية منذ تأسيسها يتعامل فيما يختص بالعلاقات مع المحيطين الإقليمى والدولى وفق المصالح المشتركة التى يجب أن تراعى الإنسانية وحقوق الشعب السودانى»، معولا فى ذلك على الاقتراح الأمريكى الذى حوته الاستراتجية بأن «تحل قضيتا دارفور والجنوب فى آن واحد». وبطبيعة الحال، أقر الدارفوريون بتحول فى الاستراتيجية الأمريكية «من العزلة إلى التعاون»، واعتبر جناح مناوى ذو النون، الناطق الرسمى باسم حركة جيش تحرير السودان، فى حديث ل«المصرى اليوم» أنهم يتطلعون للسياسة الجديدة لأنها تسعى إلى سلام فى دارفور عبر دبلوماسيتها لتوحيد الفصائل، وتحسين العلاقات السودانية التشادية. أما فيما يتعلق بتخفيف العقوبات المفروضة على السودان، فقد كان هذا الأمر غير متوقع فى الأساس فى هذا التوقيت من قبل كثير من المراقبين، لذا رأى صفوت صبحى فانوس، المحلل السياسى وأستاذ العلوم السياسية أن الإعلان عن الإستراتجية «لم يكن ليستحق كل هذا الزخم والترقب»، واعتبر أن وصف الإستراتيجية لما يحدث فى دارفور ب«الإبادة الجماعية» جاء «لإرضاء أطراف الضغط»، لافتا إلى أن الإدارة الأمريكية على قناعة بأن نظام الخرطوم لا يجدى معه أسلوب الترغيب دون الترهيب. من جانبه، رأى بشير آدم رحمة، أمين العلاقات الخارجية بحزب المؤتمر الشعبى المعارض، أن ما أعلنته أمريكا - بعد مداولات استمرت أكثر من 8 أشهر - بادرة تظهر أن هناك توجها جديا لحل مشكلة دارفور وتنفيذ اتفاق السلام ومساعدة الحكومة على الخروج من عنق تهمة إيواء الإرهاب، الموصومة بها دوليا، وقال إن ما ورد فيها من إصرار على إجراء انتخابات حرة ونزيهة واستفتاء على تقرير المصير توجه مقبول «نرحب به»، لكنه انتقد فى الوقت نفسه عدم تطرق التصريحات الأمريكية لمسألة «الحريات»