يعمد رئيس الوزراء الإيطالى سيلفيو برلسكونى هذه الأيام إلى طرح نفسه ك«ضحية» لوسائل الإعلام والقضاء، لاسيما بعد تجريده من حصانته القضائية مؤخرا، مستنداً فى ذلك إلى قاعدته الانتخابية، التى تمثل نحو 70%من أصوات الإيطاليين. فمثلما يعد برلسكونى نموذجا غير مسبوق للساسة الأوروبيين، تعد إيطاليا استثناء بين محيطها الأوروبى فيما يتعلق باحتكار رئيس الوزراء للسلطة والإعلام، إذ يعانى كثير من الإيطاليين من استغلال نفوذه فى السيطرة على وسائل الإعلام بشكل تام، فإلى جانب كونه رئيساً للحكومة الإيطالية، وممسكاً فى قبضته السلطة السياسية، يعد برلسكونى أيضاً من أثرى أثرياء إيطاليا نظراً لامتلاكه مؤسسة «موندادورى»، وهى واحدة من كبرى مؤسسات الصحافة والنشر، كما أنه يمتلك 3 محطات تليفزيونية خاصة رئيسية من المحطات ال7 للبث الحر فى إيطاليا. ورغم مساحة الانتقاد الواسعة التى يفردها الإعلام الإيطالى لرئيس الوزراء، والتى تبدو لكل من هو خارجها شفافية وحرية إعلامية تفتقر إليها دول أخرى كثيرة، لا يتوقف برلسكونى عن مقاومة الاتهامات الموجهة إليه باستغلال نفوذه المزدوج فى الإعلام والسلطة لمصلحته الشخصية طوال ال12 عاما الماضية التى بدأت مع دخوله مضمار السياسة. ولم يعد مستغرباً على برلسكونى الهجوم الذى يشنه على وسائل الإعلام، كما أن عدد الدعاوى القضائية التى يرفعها ضد المؤسسات الإعلامية الناقدة له وضد الصحفيين لا حصر له، فقد بدأ معركته الهجومية منذ بضعة شهور ماضية، عن طريق طلب إيقاف الإعلانات فى الجرائد والمجلات التى تهاجمه، كما هددت الحكومة الإيطالية، التى تحظى بدعم الغالبية البرلمانية، بإلغاء برنامج تليفزيونى دعت إليه باتريتسيا دادريو، وهى مومس تدعى أنها أمضت ليلة برفقة برلسكونى. واعتبر الوزير المكلف بالاتصالات كلاوديو سكاجولا أن «حرية التعبير لا تعنى حرية سب» رئيس الحكومة. الصحفيون فى المقابل يؤكدون أنهم لا يرغبون فى التلصص على حياة برلسكونى الخاصة، ولكنهم يبحثون عن «حرية الصحافة والمعلومات» وتحقيق الشفافية والوضوح والمصداقية، ومحاربة الفساد ومواجهته، لذلك تظاهر عشرات الآلاف من الإيطاليين فى وقت سابق فى روما ضد إحكام قبضة برلسكونى على الإعلام. إشكالية الإعلام وحرية النشر الراهنة فى إيطاليا عبر عنها بإيجاز رئيس اتحاد الصحفيين الإيطاليين قائلا إن «حرية الصحافة تعانى حالياً من وقت عصيب»، مشددا على قناعته بأن مهمة الصحافة هى إخبار المواطنين بالحقيقة وبالواقع الذى يدور من حولهم. روما – تيتسيانا باروتشى ترجمة – سمر النجار