رغم قلة الأعمال المسرحية التى ينتجها مسرح الدولة عن القضية الفلسطينية، وتجاهل إدارة مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى مشاركة فلسطين، ورفض السلطات المصرية دخول الممثلة الفلسطينية «ميرا صيداوى» مصر للمشاركة فى المهرجان، لم تغب القضية الفلسطينية عن فعاليات المهرجان، فبعد العرض الأردنى «بلا عنوان» الذى يتناول قضية احتلال القدس، عرضت الثلاثاء الماضى على المسرح الصغير بدار الأوبرا المسرحية اللبنانية الصامتة «وامعتصماه» تأليف وإخراج سمير عواد وبطولة مالك عندارى وبسام أبودياب وزاهر قبس وأحلام عواد، التى تدور أحداثها حول حق الشعب الفلسطينى فى أرضه والعيش فى سلام بلا حرب. فى 50 دقيقة هى زمن المسرحية، استطاع المخرج أن يجسد الفكرة فى عرض صامت راقص تفاعل معه الجمهور، استعرض من خلاله تاريخ فلسطين منذ ألفى عام وحتى الآن، وأظهر المعاناة التى عاشها المسيح على يد اليهود وواقعة صلبه وتعذيبه، وبكاء السيدة مريم عليه. تبدأ المسرحية بجلاد يهودى يجلد الفلسطينيين ثم يعذب المسيح ويصلبه، ثم تنتقل الأحداث إلى الوقت الحالى، الذى يثبت من خلاله المخرج أن الواقع لم يتغير، وأن الجلاد الذى كان يمسك سوطا يعذب به الفلسطينيين أصبح يمسك مدفعا يفتك بهم وبأطفالهم ونسائهم. واستعرض المخرج تطور إسرائيل فى استخدام الأسلحة، وانتقد الجيوش العربية وسخر منها، مؤكدا أن العرب أصبح لا شغل لهم سوى الاهتمام بالجنس لدرجة أنه جعل علم إحدى الدول العربية يشبه الملابس الداخلية للسيدات، ويضرب لها الجنود تعظيم سلام أثناء تحية العلم، ثم يتبول شخص على مدفعه فى إشارة إلى تناقص فعاليته وربما انعدامها. ومع تجسيد ضعف العرب شعوبا وجيوشا، استعرض المخرج القوة الضارية للعدو الإسرائيلى، التى تتطور يوما بعد يوم على جميع الأصعدة، كما أكد العرض أن السلام وحده لن يحرر فلسطين، ودعا إلى أن الحرب على إسرائيل هى الخلاص الوحيد، لأن الدخول فى المزيد من المفاوضات سيزيد من ضعفنا ومن قوة العدو. وفى نهاية العرض برع المخرج فى تجسيد يأس الفلسطينيين فى الحصول على مساندة من الدول العربية عندما مشى أحد الممثلين على خشبة المسرح جاراً وراءه كل الملابس التى تتميز بها كل دولة عربية «العمة، الجلباب، الطربوش، العقال، الكوفية، وغيرها» حاملا على إحدى كتفيه مجسماً للمسجد الأقصى، يليه مشهد الفلسطينيين وهم يقذفون الحجارة على الإسرائيليين ويرددون: «لن نرحل يا بلادى» وهى الجملة الوحيدة فى العرض. المؤلف والمخرج سمير عواد أكد أن العرض هو الثالث الذى يقدمه عن قضية فلسطين، ووصف تناول القضية بالواجب، وقال: سأستمر فى تقديم مسرحية عن القضية الفلسطينية كل عام حتى يخرج اليهود ويحصل الفلسطينيون على حقهم فى الأرض، وقد تعمدت أن يكون العرض صامتا حتى أتجول به فى كل دول العالم، لتفهمه مختلف الجنسيات، وتصل رسالته إلى كل الناس، والهدف منه التأكيد على أن التاريخ يعيد نفسه، والعرب كما هم، والعرض يوجه صرخة لهم مضمونها: «اصحوا يا عرب». ووصف عواد العرب بأنهم «مثل أهل الكهف ما زالوا نائمين لا يشعرون بشىء»، وقال: الجميع فى خطر، والهجرة ليست فى فلسطين فقط، فكل العرب يهجرون أرضهم بحثا عن حياة أفضل، ويجب على الحكام أن يتعلموا من الانتفاضة الفلسطينية، التى استطاعت بالحجارة أن تهز جزءاً من عرش إسرائيل، فالقوة تحمى السلام، والضعف والاستسلام لن يرجعا لنا كرامتنا المنهوبة، والمسرحية تدعو إلى إعلان الحرب على إسرائيل وتجهيز جيوش قوية ضدها، بدلا من الانشغال بالجنس. اللبنانى مالك عندارى، بطل المسرحية، قال: نحن اللبنانيين أكثر شعب يشعر بهموم الشعب الفلسطينى، فنحن مثلهم نشعر بمرارة العدو، وهناك الكثير من الفلسطينيين يعيشون فى لبنان لذا تربطنا سويا علاقة قوية، وقد اندهشت جدا من السلطات المصرية، التى منعت الممثلة الفلسطينية ميرا صيداوى من دخول مصر لأنها فلسطينية، رغم أنها إحدى بطلات العرض، لذلك استعنا بممثلة أخرى.