«قليلون هم من حازوا انتباه العالم مثلما فعل.. لقد أعطى العالم أملا فى التغيير والمستقبل الأفضل.. ودبلوماسيته قامت على مبدأ أن من يقود العالم عليه أن يكون مثالا يحتذى فى القيم والمبادئ».. من هذا المنطلق منحت الأكاديمية السويدية، أمس، الرئيس الأمريكى باراك أوباما جائزة نوبل للسلام لعام 2009 بعد أقل من عام على توليه حكم أكبر دولة فى العالم، إلا أن لجنة «نوبل» فى ستوكهولم لمست فى جهوده «الاستثنائية» من أجل تعزيز الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب وإحلال السلام العالمى وخفض مخزون العالم من أسلحة الدمار الشامل ومساهمته فى تعزيز الحوار لحل القضايا الشائكة، أسبابا كافية وموضوعية لمنحه الجائزة العالمية. وبررت اللجنة اختيارها بأن أوباما من نوعية الرؤساء القادرين على خلق جو جديد فى السياسة الدولية وعادت من خلاله دبلوماسية العمل الجماعى إلى موقعها، مع التركيز على الدور الذى يمكن أن تلعبه الأممالمتحدة ومؤسسات دولية أخرى. وأعرب رئيس لجنة نوبل للسلام النرويجية ثوربجورن جاكلاند عن اعتقاده بأن أوباما يستحق بجدارة الجائزة، لأنه بذل جهودا خارقة فى مجال تحسين نوعية المناخ ودعم النهج الدبلوماسى على المستوى الدولى بالإضافة إلى دعمه للجهود الرامية إلى التوصل إلى عالم خال من الأسلحة النووية. ونفى جاكلاند صحة ما تردد عن وقوع خلافات أثناء اختيار الفائز بجائزة نوبل للسلام هذا العام، مشيراً إلى أن جميع أعضاء اللجنة كانوا متفقين على اختيار أوباما، وأن عملية الاختيار تمت بسلاسة ودون مشاكل على الإطلاق. وأكدت شبكة «سى. إن. إن» الإخبارية الأمريكية أن منح أوباما «نوبل للسلام» كان مفاجأة غير متوقعة، بالنظر إلى الفترة القصيرة التى قضاها فى منصبه حتى الآن كرئيس للولايات المتحدة. وبهذه الجائزة يكون أوباما الرئيس الأمريكى الرابع الذى يفوز ب«نوبل للسلام» خلال حكمه، علماً بأن الرئيس الأسبق جيمى كارتر فاز بها ولم يكن فى البيت الأبيض عند منحه إياها. وعلق الرئيس الفنلندى السابق مارتى اهتيسارى - الفائز بالجائزة العام الماضى – قائلاً: «أرادت اللجنة أن تشجع أوباما على المضى قدما فى نهجه ولذلك منحته الجائزة» بينمااختار معهد نوبل للسلام الثنائى ويل سميث وزوجته جادا بينكت سميث لتقديم الحفل السنوى لتسليم جائزة نوبل ال16 للسلام، والمقرر لها 11 ديسمبر المقبل. وعلق الثنائى على اختيارهما قائلين: «نشعر بالفخر تجاه اختيارنا لتقديم حدث عالمى بهذا الحجم، ومساهمتنا فى حركة السلام العالمى ستكون تجربة مهمة بالنسبة لنا، ونتطلع لأن نجتمع فى هذه الليلة التاريخية مع فنانين وشخصيات مهمة من مختلف أنحاء العالم». تعد «نوبل للسلام» أكثر الجوائز إثارة للجدل والتنافس بين الشخصيات السياسية المختلفة، وهو ما يعكسه العدد القياسى من الترشيحات للجائزة هذا العام حيث دار النقاش بين أعضاء اللجنة المسؤولة حول 205 مرشحين، وهو عدد غير مسبوق فى تاريخ الجوائز الذى يعود إلى أكثر من 100 عام، فيما يرى الخبراء أنه لا يوجد مرشح يتمايز عن الآخرين بصورة واضحة. لم يكن أوباما أول رئيس من أصل أفريقى للولايات المتحدة من بين الأسماء المطروحة لنيل الجائزة، التى توقع كثيرون أن تفوز بها السيناتور الكولومبية بييداد كوردوبا، الناشطة من أجل حل بالتفاوض للنزاع الجارى فى بلادها منذ نحو نصف قرن. وكان من أبرز المرشحين رئيس وزراء زيمبابوى المعارض السابق مورجان تسفانجيراى الذى تمكن من تسديد ضربة لهيمنة الرئيس روبرت موجابى بلا منازع على السلطة فى بلاده، بالإضافة إلى الأمير غازى بن محمد بن طلال ابن عم العاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى والناشط من أجل الحوار بين الأديان، والطبيبة الأفغانية سيما سمر، المدافعة عن حقوق الإنسان فى بلد تحرم نساؤه من حقوقهن. ويستمد هذا الفرع من الجائزة أهميته من تأثير هذا التكريم على أداء السياسيين والارتقاء بعملهم ودورهم فى إحلال الأمن والاستقرار لتنعم الشعوب بالحياة الهادئة، وعلى ضوء هذه الغاية النبيلة تناول كتاب لانجيليكا روتر وان روفر، سير حياة 11 امرأة ناضلن للسلام وحقوق الإنسان فى مجالات شتى، وتم التركيز على نضالهن وما ميز حياتهن، وحمل الكتاب عنوان «نساء السلام.. 11 امرأة نلن جائزة نوبل للسلام 1905- 2003» وصدر عن «الدار العربية للعلوم ناشرون» و«مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم».