بينما انشغلت الساحة الفلسطينية، أمس، بتداعيات صفقة العشرين، التى حررت بموجبها سلطات الاحتلال الإسرائيلية 20 أسيرة من معتقلاتها، مقابل حصولها على «دليل ملموس» تمثل فى شريط فيديو يبرهن على بقاء جنديها الأسير جلعاد شاليط على قيد الحياة، ساد التوتر أروقة مبنى الأممالمتحدة فى مدينة جنيف، عقب تأجيل مشروع القرار الذى تقدمت به المجموعات العربية والأفريقية والإسلامية وعدم الانحياز، بشأن إقرار توصيات تقرير «جولدستون» بإدانة الممارسات الإسرائيلية خلال حرب غزة الأخيرة. وتصاعد التوتر فى مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، بعد المفاجأة التى أحدثها الوفد الفلسطينى بطلبه من منسق المجموعة الإسلامية، السفير الباكستانى سمير أكرم، الإعلان عن سحب مشروع القرار، الأمر الذى أصاب الدول الداعمة للمشروع بالصدمة والإحباط، رغم نفى إبراهيم خريشة، مندوب فلسطين الدائم لدى الأممالمتحدةبجنيف، الذى أكد ل«المصرى اليوم» أن «ما يُشاع عن سحب مشروع القرار غير صحيح.. ما قمنا به هو التأجيل»، خاصة أن فلسطين ليست عضوا فى اللجنة وإنما تشارك بصفة مراقب، ومن ثم لا يحق لها سحب المشروع، لكنه برر تأييده للتأجيل بأنه «لإعطاء جميع الأطراف مزيدا من الوقت لمزيد من النقاش.. الدبلوماسية الفلسطينية أرادت بالتأجيل كسب مزيد من الوقت لتطبيق تقرير جولدستون الجرىء والشجاع، والذى يعد أهم تقرير دولى بشأن القضية الفلسطينية». وحسب مصدر دبلوماسى فإن «التأجيل تم باتصال هاتفى من رئيس السلطة الفلسطينية بعد تلقيه مكالمة هاتفية من الرئيس الأمريكى»، وأضاف أن هناك مبادرة أمريكية - لم يعلن عنها بعد - لتسوية الصراع الفلسطينى - الإسرائيلى فى نوفمبر المقبل، وأن تلك المبادرة هى التى تسببت فى تأجيل القرار، خوفا من عرقلة المسار السلمى، وأشار المصدر الدبلوماسى إلى أن فحوى تلك التسوية يتمثل فى «صفقة لوقف بناء المستوطنات، مقابل سحب مشروع القرار». وأحدث انضمام الولاياتالمتحدةالأمريكية لعضوية المجلس انقلاباً فى موازين الكتل الجغرافية بداخله، إذ كانت مشاريع القرار التى تدين إسرائيل وتدعم القضية الفلسطينية تجد طريقها للمصادقة دون عراقيل، خلافا لموقف المجموعة الأوروبية من تقرير جولدستون، الذى أعلنت رفضها له، واعتبرت إرجاءه «نصراً دبلوماسياً»، ويعود ذلك إلى أن إسرائيل جندت لوبياتها وجماعات ضغطها، بمساندة أمريكية، للتأثير على الدول المؤيدة للتقرير، وذلك مقابل إخفاق منظمات المجتمع المدنى الفلسطينى فى لعب دور مماثل، مكتفية بانتقاد قرار التأجيل الذى وصفته ب«تمييع لتقرير جولدستون وصفعة قوية لمصداقية المجلس»، كما استنكرت المبادرة الوطنية الفلسطينية موافقة خريشة على التأجيل «بحجة الرغبة فى الوصول إلى إجماع». وفى الأراضى المحتلة، خرجت ردود الفعل المرحبة بصفقة الأسرى أقوى على الجانب الفلسطينى، إذ أكد خالد مشعل رئيس المكتب السياسى لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن «المقاومة» أجبرت إسرائيل على القبول بشروطها، ميدانيا، شنت مقاتلات الاحتلال الإسرائيلية 5 غارات على المنطقة الحدودية، جنوب قطاع غزة، مستهدفة أنفاقاً لتهريب الأسلحة، وأسفر القصف عن أضرار مادية فى الممتلكات دون وقوع إصابات.