لم يعد خافياً على أحد أهمية العلم والتقدم العلمى فى تقدم الشعوب، ليس على المستوى المعيشى وخدمة الإنسانية فقط، ولكن على المستوى السياسى والتواجد فى موقع يزاحم الدول المتقدمة، وبرغم التقدم العلمى الذى تحرزه الولاياتالمتحدةالأمريكية، ويقف خلف كل إنجازاتها، فإن الرئيس الأمريكى باراك أوباما وضع نصب عينيه الاستفادة من العلم والعلماء فى صياغة المستقبل الأمريكى بداية من الشهور الأولى لولايته، فقد استطاع أن يضع خطوطاً عريضة تتواصل لما بعده. وكان الخبر الذى نشرته الزميلة «الشروق»، حول اختيار العالم المصرى الفذ أحمد زويل، الحائز على جائزة نوبل، عضواً ضمن مجموعة العقول الأمريكية الحاصلة على جائزة نوبل فى مختلف العلوم لصياغة مستقبل أمريكا، مؤكداً لأهمية هذا العالم العظيم، وتلك العقلية التى استطاعت أن تواصل انتصاراتها العلمية حتى حصل على جائزة نوبل، ويعتبر اختياره لهذه اللجنة هو جائزة أخرى تضاف إلى انتصاراته، وهو انتصار لاسم مصر كسفير للعلم يلمع نجماً فى سماء العالم فى موقع جديد، وقد صرح زويل ل«الشروق» بأن هذه التجربة سوف تثرى خبراته، وأنه على استعداد لوضع كل هذه الخبرات لتصبح فى خدمة وطنه الأم مصر من أجل صياغة مستقبل أفضل مثل باقى الدول الكبرى. ولعل الدكتور زويل يذكر جيداً حوارى معه حول استفادة الوطن منه، وأن مصر تضع تحت تصرفه ما يؤكد خروج أحلامه العلمية للوطن إلى الوجود.. ومضت أعوام على نوبل زويل، ولم تستفد مصر سوى ببعض صالونات بالأوبرا، بل وضعت بعض الدول العربية تحت تصرفه الأموال اللازمة للبحث العلمى، ولكن زويل تظل أحلامه معلقة بقلبه وقلبه معلقاً بمصر. ويأتى بصيص من نور، بل إضاءة يجب الإمساك بها وانتهازها، فقد حضرت منذ أسبوعين ميلاد مصر العلم، بعد أن نادت «المصرى اليوم» بشعلة أشعلها الشاعر جمال بخيت هى فكرة حلم العلم، التى التقطها ولدنا مجدى الجلاد، رئيس التحرير، وفعّلها بتغطية صحفية شباب «المصرى اليوم». حضرت ميلاد سبعين عالماً وعالمة من سن 9 سنوات حتى سن 18 سنة، يمثلون عشرين مدرسة من بعض محافظات الجمهورية، هى: القاهرة والجيزة والإسكندرية والدقهلية وبورسعيد وحلوان.. حضر الشباب والشابات يعرضون مشاريعهم وأحلامهم العلمية فى العلوم والهندسة، حضروا ليتسابقوا، فى تنافس علمى شريف، للفوز بالحصول على فرصتين لتمثيل مصر فى مسابقات دولية. ضمتهم جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب فى مشروع بدأته فى صمت رئيس مجلس أمناء الجامعة الدكتورة نوال الدجوى، وقد اختارت مجموعة من الجنرالات العظام لخوض معركتها فى بث الفكر العلمى والتسابق فى هذا المجال، وعلى رأسهن ورأسهم الدكتورة الطبيبة نرمين عابد، التى أخذتنى لأرى كيف تصاغ أفكار هؤلاء البراعم وتصبح اكتشافات تفيد الإنسانية. هذا المقال الصغير لن يكفى لعرض هذه الاكتشافات التى أيقظت الدهشة التى افتقدناها وأنبتت الفرحة التى نسيناها فى خضم الاكتئاب اليومى والتراجع والانحدار عن الموقع المصرى المرتفع. أصبحت لا أفكر فى نصر صحفى ولا سبق صحفى، أصبحت أفكر فى دوام هذا المشروع ليصبح أسلوب عمل يضم الوطن كله، تصبح له استمرارية الضرورة لإيقاظ الفكر العلمى لدى هذا النبت الطيب لبلد طيب.. هؤلاء الصغار والشباب المحتاجون، كلاعب السيرك، إلى «تسقيفة أمال» «تشجيعة أمال» ليكتشف نفسه ويغير وجه الحياة، تسقيفة بإنفاق، وتشجيعة بمعامل ومراكز لاستقطاب هذه الأحلام لتحقيقها على أرض الواقع. أطالب الدكتورة نوال الدجوى بأن تعلن تعاونها وتآخيها مع مديرات المدارس سواء الحكومية أو الخاصة ليصبح مشروعاً من أجل «مصر العلم» وليتحقق نداء «المصرى اليوم» (حلم العلم) حقيقة كما رأيته بعينى. لا يمكن أن يتخيل أحد منكم كيف يفكر الشباب فى نزع الألغام أو إعادة الخلايا لجسم فقد جزءاً منه فى حريق ولا فى آلة تحول القمامة إلى سماد!!.. أشياء كثيرة وأحلام كثيرة لا يمكن أن تدخل فى باب السبق الصحفى، ولكنها لابد أن تتحول إلى مشروع قومى. ولنا فى علمائنا مصطفى مشرفة ود. سميرة موسى وغيرهما وغيرهما قدوة وأمل، إننا نتعلق بحجارة الهرم، بينما بمصر عقول تطال الهرم وتعلو عليه، ولعل د. أحمد زويل، خريج مدارس دمنهور، حينما وجد المناخ الدافع للاكتشاف نجح واكتشف وتواصل ومازال، والتقطته مؤسسة الرئاسة الأمريكية بعينى جواهرجى ليكون عضواً فى لجنة صياغة مستقبل أمريكا.. ووضعت عالمنا الجليل فى حيرة، فعقله مصادر هناك وقلبه هنا! هل نطمع أن تكون مؤسسة الرئاسة فى مصر كوكبة من علمائنا لإعادة صياغة مستقبل مصر؟ قبل الطبع: هناك مفاجأة حملها إلينا الأثير بعد اشتراك خمسة من أبناء مصر العلماء الصغار بمشاريعهم مع الصغار العلماء من ستين دولة حول العالم.. أضن بها كسبق صحفى، لأنها ضمن المشروع القومى لتصبح «مصر العلم».. إن مصر قادمة بعقول العلماء.