مسحة صغيرة من أنف خنزير لا تلفت نظر أحد على الإطلاق، ولا تسترعى انتباه كبير أو صغير، أصبح لها أهمية عظمى داخل مبنى المعمل القومى للرقابة البيطرية على الإنتاج الداجنى التابع لوزارة الزراعة، مسحة صغيرة يعمل عليها ما يقرب من 60 طبيب تحاليل على مدار ال 24 ساعة، ويحبس الناس فى مصر أنفاسهم هلعاً لمعرفة نتيجة تحليلها، وما إذا كانت سلبية فيطلقون أنفاسهم، أو إيجابية فيهرعون إلى بيوتهم يغلقونها عليهم خوفاً من وباء يقضى على الأخضر واليابس إذا حدث لا قدر الله واجتاح العالم. «المصرى اليوم» زارت المعمل القومى للرقابة على الإنتاج الداجنى، الذى يحتل موقعاً هادئاً من فناء معهد بحوث صحة الحيوان، وتتبعت رحلة العينة الصغيرة بداية من دخولها المعمل، حتى ظهور نتيجتها التى يترقبها الجميع. تبدأ رحلة العينة الصغيرة التى تتمثل فى مسحة من أنف أو حلق خنزير من باب المعمل السفلى، حيث يتسلمها عامل يرتدى ملابس واقية، داخل «آيس بوكس» أو صندوق ثلج فيقوم برشها بمحلول مطهر على باب المعمل قبل إدخالها. وفى الخطوة الثانية، تدخل العينة حجرة التسلم الواقعة فى الطابق الأرضى، حيث ينتظرها الأطباء الذين يرتدون كمامات وقفازات واقية، يتسلمونها ليعطوها «أمر شغل» بأن تكتب بياناتها فى ورقة، وتسجل فى الأسفل برقم كودى حل شفرته مع الأطباء العاملين فى حجرة التسلم، لضمان الشفافية، ثم تدخل مصعداً كهربائياً يرتفع بها للطابق الثانى. تتجه العينة من المصعد إلى حجرة تحضير العينات فى الطابق الثانى، حيث التعقيم أشد، فيرتدى الأطباء دوبل جلوفز أو قفازات مزدوجة، بالإضافة إلى زى خاص شبيه بزى رجال الفضاء، وتصل العينة قادمة من الأسفل، ليتسلمها أطباء التحليل ويقوموا بتجهيزها لمرحلة تالية. بعد ذلك، تدخل العينة وحدة استخلاص الحامض النووى RNA وفى الوقت نفسه يتم تحضير ال master mix فى حجرة أخرى لعمل تفاعل إنزيم البلمرة والذى يهدف إلى الكشف عن الحامض النووى الخاص بالفيروس. الخطوة التالية من وحدة استخلاص الحامض النووى إلى حجرة تحضير ال master mix الذى يتم تحضيره حسب عدد العينات الواردة على المعمل لاستخلاص ال RNA أو الحامض النووى الخاص بالعينة. تذهب العينة إلى حجرة الكشف عن وجود الفيروس باستخدام السوفت وير، إذا كانت النتيجة سلبية يتم التخلص من العينة، وإذا كانت النتيجة إيجابية تنتقل العينة للمرحلة التالية. تتحرك العينة إلى حجرة السيورلوجى، حيث يتم عمل اختبار «مانع تلزم الدم» والذى يكشف عن وجود الأجسام المناعية للفيروس، الأمر الذى يمكن العلماء من دراسته، وتحديد أنسب الأدوية للقضاء عليه، وكذلك عمل دراسات وفحوصات على الفيروس نفسه.