أعلن جيش جنوب السودان أنه أرسل مئات الجنود إلى مواقع المذابح القبلية التى وقعت أخيرا فى ولاية جونجلى لحراسة المدنيين ولمحاولة وقف تصاعد حوادث القتل فى المنطقة. وقال جير تشوانج ألونج، وزير الداخلية فى جنوب السودان: «هناك فرقة من الجيش الشعبى لتحرير السودان فى المنطقة». وقال ضابط بالجيش طلب عدم نشر اسمه، إن كتيبة مكونة من 500 جندى موجودة فى المنطقة وإن مزيدا من القوات فى الطريق إليها. شهدت جونجلى الأحد الماضى هجوما من قبيلة لو نوير على قرية دوك بادييت التى تقطنها غالبية من قبيلة الدينكا هول المجاورة، وأوقع الهجوم أكثر من 100 قتيل كما أدى إلى نزوح الآلاف. وبخلاف الوضع فى جونجلى يشهد جنوب السودان معارك قبلية وعرقية منذ يونيو الماضى خلفت مئات القتلى، وتشير تقديرات الأممالمتحدة إلى سقوط أكثر من 1200 شخص فى هجمات مماثلة فى جنوب السودان منذ أشهر. وفيما يحذر الخبراء من أن النزاعات بين القبائل فى جنوب السودان تنذر بحرب أهلية داخل الجنوب بالنظر إلى تزايد أعداد ضحايا العنف القبلى، فمازالت أسباب «الحرب القبلية» فى الجنوب غير واضحة، إذ يتحدث الخبراء عن عوامل متعددة، من بينها سرقة المواشى والنزاع على الموارد الطبيعية وعمليات الثأر القبلية والصراعات الداخلية فى الجيش الجنوبى، فضلا عن اتهامات للخرطوم بإعداد خطة لزعزعة الاستقرار فى جنوب السودان مع اقتراب الانتخابات السودانية فى أبريل 2010 والاستفتاء المقرر إجراؤه عام 2011 حول استقلال الجنوب عن الشمال. ولكن أغلب الخبراء يتفقون على أن أحد أبرز الأسباب الرئيسية فى إثارة تلك المعارك القبلية هو وجود خلافات داخل الجيش الشعبى لتحرير السودان، الذراع العسكرية للحركة الشعبية المتمردة السابقة فى الجنوب. وفى هذا السياق يرفض «إن آى جى هوجندورن» مدير مجموعة الأزمات الدولية فى منطقة القرن الأفريقى، اتهام حزب المؤتمر الوطنى الحاكم فى شمال السودان بإثارة النعرات القبيلة فى الجنوب لإضعاف الحركة الشعبية، مؤكدا أنه «لا توجد أدلة كافية تدعم هذه المزاعم»، ولكنه يرى أن النزاعات داخل الجيش الجنوبى سبب رئيسى فى إثارة العنف فى الجنوب. فمع انتهاء الحرب الأهلية فى الجنوب تم دمج مختلف الميليشيات الجنوبية بما فيها تلك التى تعاونت مع القوات الشمالية، داخل الجيش الشعبى لتحرير السودان الذى صار اليوم جيش جنوب السودان. ويعتقد الخبير أنه «مازال هناك توتر بين هذه الميليشيات إذ مازال ولاء وحدات عدة لقائدها الأصلى وليس للمؤسسة التى أصبحت جزءا منها. لذلك هناك خطر حقيقى بأن تتحول هذه الوحدات إلى ميليشيات مستقلة مرة أخرى». من جانبه، يرى الخبير البريطانى فى شؤون جنوب السودان، دوجلاس جونسون، أن تصاعد المواجهات سببه صراعات بين الأجنحة المختلفة لقبيلة الدنكا التى تعتبر أبرز قبائل الجنوب، مؤكدا وجود ما وصفه ب«بقايا ميليشيات لديها مخزون من الأسلحة تعمل لتحقيق أهداف لا علاقة لها بالضرورة بالخلافات المحلية». جدير بالذكر أن الحرب الأهلية فى جنوب السودان التى استمرت فى الفترات (1955-1972 و1983-2003) حصدت ما يزيد على مليونى قتيل، وأعدادا أخرى لا تحصى من الجرحى والمعوقين، وكان نصيب الهجرات الداخلية الناجمة عنها ضعف أعداد القتلى، فقد تشرد أربعة ملايين سودانى وأصبحوا لاجئين.