لم تسهم القمة الثلاثية، التى رضخ الجانب الفلسطينى لعقدها فى نيويورك، رغم رفض إسرائيل تجميد بناء مستوطنات الضفة الغربية، تحت وطأة الضغوط الأمريكية، سوى فى تأزيم الموقف بين طرفى عملية السلام فى الأراضى المحتلة، فبينما أعربت مصادر إسرائيلية عن قناعتها بأن القمة تمثل «انتصاراً» لموقفها المتشدد من المستوطنات، انتقدت منظمة التحرير الفلسطينية تلك التصريحات، مؤكدة أن الموقف الفلسطينى إزاء ضرورة وقف الاستيطان «لم يتحرك قيد أنملة»، وأن ما تروج له إسرائيل يعد بمثابة «نصب واحتيال». على الأرض، وبعيداً عن نيويورك بعد يوم من القمة الثلاثية المثيرة للجدل، تواصلت أعمال البناء فى المستوطنات الكائنة بالضفة كأن شيئاً لم يكن، حيث وافق وزير الدفاع الإسرائيلى، إيهود باراك، على بناء 37 وحدة سكنية جديدة فى مستوطنة «كارنى شومرون» بين مدينتى قلقيلية ونابلس. ومع ذلك، قال ياسر عبدربه، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، إن موقف الرئيس محمود عباس (أبومازن) من الاستيطان «لم يتزحزج قيد أنملة»، ووصف ما تتحدث عنه إسرائيل من «نصر» ب«النصب والاحتيال»، وقال عبدربه إن عباس تمسك – خلال الاجتماع - بضرورة وقف جميع أشكال الاستيطان لتحديد مرجعية وهدف لعملية السلام. وأضاف عبدربه أن إسرائيل تحاول «التلاعب والتحايل عبر الإشاعة بأنها حققت انتصاراً على الشرعية الدولية»، فى محاولة منها لإيجاد منفذ من العزلة الدولية المفروضة عليها، خاصة بعد خطاب الرئيس الأمريكى الذى أكد فيه عدم شرعية الاستيطان، وشدد على وجوب إنهاء احتلال عام 1967، على حد قوله. فى الوقت نفسه، أعرب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، عن ارتياحه حيال خطاب أوباما فى الجلسة الافتتاحية للجمعية العامة، ونقلت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية عنه قوله: «لقد تضمن هذا الخطاب رسائل جيدة للغاية»، مشيداً على وجه الخصوص بدعوة الرئيس الأمريكى لاستئناف المباحثات دون شروط مسبقة، ومعتبراً أن أوباما بذلك أكد تأييده لإسرائيل «كدولة للشعب اليهودى». كانت منظمة التحرير وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) قد انتقدتا خطاب أوباما، خاصة حديثه عن يهودية دولة إسرائيل، وقال عبدالرحيم ملوح، عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة، إن الخطاب يمثل تراجعاً عن الشرعية الدولية وقراراتها بشأن حل الصراع. كما انتقد طاهر النونو، المتحدث باسم الحكومة المقالة فى قطاع غزة، أوباما، وقال إن «حديثه عن يهودية دولة إسرائيل يعد استجابة للمطالب الإسرائيلية التى تعنى بمنتهى الوضوح إنهاء حق العودة بالنسبة للاجئ الفلسطينى.. وإسقاط هذا الحق بالكامل». على الجانب الإسرائيلى، وخلافاً لما تروج له الحكومة من «انتصار» حققته فى القمة الثلاثية، وصفت صحف إسرائيلية اللقاء بأنه «فاشل»، ونقلت «جيروزاليم بوست» عن محللين قولهم إنه لم يسفر عن أى تقدم تجاه عملية السلام. على صعيد متصل، وبينما شدد نتنياهو على أنه أبلغ الجانبين الأمريكى والفلسطينى خلال القمة الثلاثية بأن عملية السلام تتوقف على «اعتراف السلطة بيهودية دولة إسرائيل»، أكد جبريل الرجوب، عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الفلسطينى (فتح) أن إسرائيل لن تستطيع إملاء شروطها بالقوة ولن ترغم الفلسطينيين على الاعتراف بإسرائيل وبحقها فى العيش بسلام وأمن، وحذرها من أنه لا يجب عليها «أن تحتفل بنتائج القمة الثلاثية فى نيويورك لأنه على المدى البعيد لن يتحقق الأمن والأمان عبر الاستيطان»، فى إشارة إلى احتمال تصاعد العنف من جديد إذا ما فشلت جهود إحياء عملية السلام.