وزير التعليم العالي يشهد تحية العلم فى أول أيام العام الجديد    انخفاض أسعار الدواجن اليوم السبت في الأسواق    التضامن والعمل الدولية تبحثان التعاون فى ملف العمالة غير المنتظمة    الباذنجان 3.5 جنيه، ننشر أسعار الخضراوات اليوم السبت بسوق العبور    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنية خلال بداية تعاملات السبت 28 سبتمبر    سعر الريال السعودي بالبنوك في بداية تعاملات اليوم 28 سبتمبر    بصواريخ «فادي 3».. حزب الله يضرب أهم قاعدة عسكرية في إسرائيل    حزب الله يقصف قاعدة ومطار رامات دافيد    أستاذ علوم سياسية: إسرائيل دولة مارقة لا تكترث للقرارات الدولية    شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية متواصلة تستهدف بعلبك والمناطق الجنوبية اللبنانية    أخبار الأهلي : تعرف على كواليس ما حدث داخل غرفة خلع ملابس الأهلي بعد خسارة السوبر ؟    ايه سي ميلان يقسو على ليتشي في الدوري الإيطالي    إحالة عاطل للمحاكمة بتهمة النصب على المواطنين بالدجل    إنفوجراف| حالة الطقس المتوقعة غدًا 29 سبتمبر    الحالة المرورية اليوم| انتظام حركة السيارات بشوارع القاهرة الكبري    بسبب خلاف حول الأجرة، حبس سائق توك بتهمة قتل شاب في السلام    مقتل شخص في مشاجرة بسبب خلافات سابقة بالغربية    مجسمات لأحصنة جامحة.. محافظ الشرقية يكرم الفائزين في مسابقة أدب الخيل    الثقافة تنظم احتفالية باليوم العالمي للترجمة الإثنين    التفاصيل الكاملة لحفل أحمد سعد بمهرجان الموسيقى العربية    الصحة تكشف حصاد قافلة طبية إلى الصومال    4 شهداء في قصف للاحتلال وسط قطاع غزة    اليوم.. محاكمة سعد الصغير بتهمة سب وقذف طليقته    موعد مباراة ليفربول ضد وولفرهامبتون والقنوات الناقلة في الدوري الإنجليزي    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط» 28 سبتمبر 2024    اختبار شهر أكتوبر رابعة ابتدائي 2025.. المواعيد والمقرارات الدراسية    عودة أسياد أفريقيا.. بهذه الطريقة أشرف ذكي يهنئ الزمالك بالسوبر الأفريقي    أمين الفتوى: حصن نفسك بهذا الأمر ولا تذهب إلى السحرة    ننشر تفاصيل 18 ساعة من التحقيقات مع الشيخ صلاح الدين التيجاني    مواقف مؤثرة بين إسماعيل فرغلي وزوجته الراحلة.. أبكته على الهواء    بحضور مستشار رئيس الجمهورية.. ختام معسكر عين شمس تبدع باختلاف    مع تغيرات الفصول.. إجراءات تجنب الصغار «نزلات البرد»    تعرف على آخر موعد للتقديم في وظائف الهيئة العامة للكتاب    ضياء الدين داوود: لا يوجد مصلحة لأحد بخروج قانون الإجراءات الجنائية منقوص    حزب الله: لا صحة لادعاءات إسرائيل عن وجود أسلحة في المباني المدنية التي قصفها    حسام موافي: لا يوجد علاج لتنميل القدمين حتى الآن    جامعة طنطا تواصل انطلاقتها في أنشطة«مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان»    صحة الإسكندرية تشارك في ماراثون الاحتفال باليوم العالمي للصم والبكم    حياة كريمة توزع 3 ألاف كرتونة مواد غذائية للأولى بالرعاية بكفر الشيخ    جوميز: استحقينا التتويج بكأس السوبر الإفريقي.. وكنا الطرف الأفضل أمام الأهلي    عبد المجيد: التتويج بالسوبر سيمنحنا دفعة معنوية لتحقيق الدوري والكونفدرالية    مصراوي يكشف تفاصيل إصابة محمد هاني    ستوري نجوم كرة القدم.. احتفال لاعبي الزمالك بالسوبر.. بيلينجهام وزيدان.. تحية الونش للجماهير    الوكيل: بدء تركيب وعاء الاحتواء الداخلي للمفاعل الثاني بمحطة الضبعة (صور)    برج القوس.. حظك اليوم السبت 28 سبتمبر 2024: لديك استعداد للتخلي عن حبك    أنغام تبدع خلال حفلها بدبي ورد فعل مفاجئ منها للجمهور (فيديو وصور)    هشام جمال ينصح المشاركين في «كاستنج»: حاول مرة أخرى إذا فشلت    جيش الاحتلال: سنهاجم الضاحية الجنوبية في بيروت بعد قليل    ألسنة لهيب الحرب «الروسية - الأوكرانية» تحاصر أمريكا    بشرى سارة.. شروط البناء الجديدة وخطوات استخراج الرخصة بعد موافقة الرئيس    نائب محافظ قنا يتابع تنفيذ أنشطة مبادرة «بداية جديدة» لبناء الإنسان بقرية بخانس.. صور    وزير الخارجية يتفقد القنصلية المصرية في نيويورك ويلتقي بعض ممثلي الجالية    جوميز ثاني مدرب برتغالي يتوج بكأس السوبر الأفريقي عبر التاريخ    حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة أعمدة الإنارة بالقطامية    تزامنا مع مباراة الأهلي والزمالك.. «الأزهر للفتوى» يحذر من التعصب الرياضي    كل ما تحتاج معرفته عن حكم الجمع والقصر في الصلاة للمسافر (فيديو)    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور محمد سليم العوّا لبرنامج «الطبعة الأولى»: (4-4) التغيير بالعنف «حرام» ولا أعذار لقاتل المدنيين
نشر في المصري اليوم يوم 17 - 09 - 2009

أكد الدكتور محمد سليم العوا، الأمين العام للاتحاد العالمى للعلماء المسلمين، وجود فوارق كبيرة بين حركات المقاومة ضد «العدو الصهيونى» مثل حماس وحزب الله، وبين الحركات الإسلامية التى تحاول التغيير بالعنف داخل أوطانهما، مشددا على أن التغيير بالعنف داخل الوطن «حرام».
واعتبر العوا، خلال الجزء الرابع من حواره مع الإعلامى أحمد المسلمانى فى برنامج «الطبعة الأولى»، والذى أذيع مساء أمس الخميس، وتنشره «المصرى اليوم» بالاتفاق مع قناة دريم، أنه لا يوجد تنظيم اسمه «القاعدة»، مشيراً إلى أن أسامة بن لادن وأيمن الظواهرى لم يذكرا خلال كتبهما وأحاديثهما شيئاً عن هذا التنظيم.
وأكد أن العرب سيواجهون خلال السنوات القليلة المقبلة، تحدياً خطيرا، وهو البقاء أمام الصهاينة، معتبرا أنهم لن يستطيعوا خوض هذا الأمر بجنود حركات المقاومة، محملاً مصر مسؤولية قيادة مثل هذا التحدى، من خلال إعادة بناء الشخصية المصرية دينياً وثقافياً وفكرياً وسياسياً ووطنياً.
وإلى نص الحوار:
■ فى الحلقات السابقة أشرنا إلى الحركات الإسلامية الموجودة ثم «القاعدة» وما بعدها، ثم المراجعات، فما الجديد فى هذا الشأن؟
- بداية أقول إننى أكذّب وجود تنظيم اسمه القاعدة، ف «القاعدة» عبارة عن مكان كان معسكرا فى باكستان أسسته أمريكا يأوى إليه القادمون إلى الجهاد أثناء الاحتلال السوفيتى لأفغانستان، فيتدربون ويعدون للدخول لقتال الروس ومن يواليهم من الأفغان، هذا المكان اخترع باسمه التنظيم.
■ يعنى الاسم جاء من مجرد نقطة جغرافية؟
- نعم نقطة جغرافية، فهو مجرد مكان محاط بسلك شائك، فيه خيام ومدربون عسكريون، ولما خرج الروس وانهار الاتحاد السوفيتى، انقلبت أمريكا على من تسحر له، فاخترعت فكرة القاعدة، وصدقتها أنظمة أمنية كثيرة، وأصبحت «القاعدة» وكأنها شىء موجود.
وعندما أراد الرجال والشباب، الذين يعملون فى بقايا الجيوب الأفغانية، الذين تحولوا إلى «الجبهة العالمية لمناهضة الصهيونية والصليبية والإمبريالية» التابعة لأسامة بن لادن، وجدوها «حكاية حلوة»، القاعدة فى الرافدين، القاعدة فى المغرب العربى، القاعدة فى وادى النيل، القاعدة فى العراق، والسؤال أين هذه القاعدة؟
لا يوجد شىء اسمه تنظيم القاعدة، وإنما يوجد أناس يقومون بأعمال إجرامية وينسبون أنفسهم إلى هذا التنظيم، أو يزعمون وجود هذا التنظيم حسب المثل الشعبى «الصيت ولا الغنى»، هم يريدون أن يكون لهم سمعة مرعبة بادعاء الانتساب إلى الشىء الذى اخترعته المخابرات الأمريكية والمسمى بمعسكر القاعدة، أما أن تجد تنظيما اسمه بهذا الاسم فهذا شىء غير موجود.
أيمن الظواهرى فى كتبه وأسامة بن لادن فى كلامه، لا يتحدثان عن القاعدة ولا شباب القاعدة، وإنما يقولان يا أيها المجاهدون أو البواسل أو الأبطال، فهذا الشىء اخترعه أعداء هؤلاء الشباب من أجل تدميرهم، واستغله هؤلاء الشباب من أجل إخافة أعدائهم، مثل الكرة التى يتناقلها فريقان يركلها كل فريق مرة.
■ ما الطريق الفكرى والفقهى إلى القاعدة وبالعكس؟
- الطريق الفقهى والفكرى إلى القاعدة هو التشدد والغلو، إذا وجدوا إنساناً يرتدى الملابس التى يسمونها «الإفرنجية» يعتبرونه خارجاً عن ملة الإسلام.
هذا التشدد يعتبر بداية الطريق، وبعد هذا التشدد يبدأ الغلو، لأن الأول اعتبرك مبتدعا ثم فاسقا فكافراً، وإذا اعتبرتك كافرا سفحت دمك، هذا هو الطريق إلى القاعدة أن تبدأ بالتشدد ثم بالغلو فالتكفير، أما الطريق من القاعدة فهو التوبة عن هذا والرجوع إليه، فالقاعدة بمعناها الفكرى هو أن تستخدم القوة لفرض الرأى، وأن تستخدم القوة لتحقيق أهدافك السياسية داخل المشروع الوطنى،
وهذا ما ارتكبه أولادنا وإخواننا الذين كانوا منضمين فيما يسمى ب «الجماعات الإسلامية»، عندما حملوا السلاح، ثم رجعوا عن هذا الطريق بما صنعوه من مراجعات، خرجوا من الفكر المتشدد بالعودة إلى فكر الوسطية، وبتفكيرهم ودراستهم للإسلام من أول وجديد وجدوا أن الإسلام لا يقبل هذا، لذلك فإن كتبهم فى المراجعات هى كتب متعلقة بالموقف الفقهى، وليس الفكرى فقط، كتب متعلقة بالحلال والحرام، وكتب متعلقة بقال الله وقال الرسول، وهو ما جعل هذه المراجعات صادقة، لأنها ليست رؤية سياسية.
توجد بعض المراجعات السياسية التى حاول بعض الناس صناعتها برؤية سياسية، يقول لك هذا مناسب وذاك غير مناسب، لكن الرؤية الدينية لا أغيرها إلا إذا تغير رأيى فى الدليل، وهذا ما فعلته الجماعات الإسلامية، عن طريق مجموعتهم القيادية، التى يسمونها القيادة التاريخية للجماعة الإسلامية، أمثال كرم زهدى وناجح إبراهيم وأسامة حافظ وعاصم دربالة والشريف، وهذه المجموعة اجتهدت اجتهاداً هائلاً فى الدراسة، وأنا أشهد بذلك من موقع طالب العلم وليس موقع المفكر السياسى، وانتهوا إلى نتائج أغلبها صحيح علمياً، قالوا فيها «ما كنا عليه كان خطأ، والطريق الصحيح هو طريق الوسطية الإسلامية»، فرجعوا وليس هناك طريق إلا هذا.
تكلمنا أيضاً من ضمن الحركات عن حركات المقاومة، ولكن يجب أن نفرق تفرقة واضحة بين حركات المقاومة ضد العدو الصهيونى مثل حماس وحزب الله والجهاد والجبهة الشعبية وألوية الناصر صلاح الدين، وبين الحركات الإسلامية التى تحاول التغيير بالعنف داخل أوطانهما لأن التغيير بالعنف داخل الوطن حرام، ولا يجوز أن يقبل من هذه الجماعات أى عذر. فهذه عملية محرمة شرعاً لأن فيها قتل أبرياء من المواطنين والمقيمين والزوار، فهذا كله جرائم يحاسب عليها الإسلام وتسمى فى الإسلام جريمة الحرابة، وأقصى عقوبة فى القرآن الكريم هى جريمة الحرابة، التى نص عليها فى سورة المائدة «... الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض... «،
هذه كلها جرائم حرابة بما ارتكبه بن لادن وغيره فى باكستان ومصر وفى السفارة الأمريكية فى كينيا، ومن قاموا أيضاً بتفجيرات نيويورك التى لا أعرف من فعلها، ولا أصدق أن المتهمين بها هم من قاموا بها، أياً من كانوا فهم فى الإسلام ارتكبوا جريمة حرابة، وهذا شىء لا يمكن مقارنته بمواجهة العدو الصهيونى بالسلاح، فمواجهة الصهاينة واجب لكل من يقدر عليه، والذين يقومون بهذا العمل يقومون بأشرف ما يمكن أن يقوم به الإنسان فى زمن الاحتلال، ولذلك فالتفرقة بين هذه الجماعات وتلك ضرورية.
■ فى سياق حديثك ذكرت ألفاظا صعبة إلى حد ما ك «الإباضية»، وقلت إن الخوارج أسسوا دولا، فى اعتقاد العامة أن الإباضية خوارج، والخوارج خارج الدين؟
- أولا الإباضية ليسوا خوارج، فهم قوم يتبعون ما صح من أحاديث الرسول، صلى الله عليه وسلم، وطبعا القرآن الكريم مرجع لا يختلف عليه اثنان.
■ من هم الإباضية؟
- فرقة من فرق المسلمين، تنسب إلى شخص اسمه عبدالله بن إباض التميمى، وهو من أتباع التابعين وكنيته أبو الشعثاء نسبة إلى ابنته «منكوشة الشعر».
■ أين توجد هذه الفرقة حالياً؟
- توجد الإباضية أساساً فى سلطنة عمان، وهم موجودون أيضا فى ليبيا، وتوجد فرقة كبيرة منهم فى تونس وفى جبال الجزائر، وموجودون كذلك فى ساحل شرق أفريقيا، حيث تربطهم صلات قوية بتجار من سلطنة عمان، يوجد أيضا إباضية ولكن بشكل قليل فى إندونيسيا، هذه هى المواطن الأساسية لهم، وطبعاً أكبر عالم إباضى موجود حاليا هو الشيخ أحمد بن حمد الخليلى مفتى سلطنة عمان، وهؤلاء قوم يعملون بالكتاب والقرآن الكريم والسنة مسندهم فيها مسند الربيع بن حبيب، ومعظم أحاديثه إن لم يكن كلها موجودة فى دواوين السنة المسلمة عند أهل السنة والجماعة.
الفروق بين الإباضية وأهل السنة متعلقة بأمور عقائدية فى الآخرة لها علاقة برؤية الله، وهى أمور كلها لا تخرج عن الدين.
■ ومن أين جاء الخلط لدى عموم الناس بين الإباضية والخوارج؟
- لأن الإباضية فى وقت من الأوقات كانوا مع الخوارج، ثم تركوهم ورأوا بطلان مذهبهم، وانتقدوهم انتقادات شديدة.
■ المذهب الزيدى فى اليمن قريب منهم؟
- المذهب الزيدى مذهب مختلف شيعى، والزيدية هم أتباع زيد بن على، والفرق بينهم وبين الإمامية، هو أن الأمامية يقولون إن الإمامة محصورة فيمن أوصى به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بينما الزيدية يقولون إن الإمامة جائزة فى كل فاطمى عالم زاهد شجاع سخى، خرج مطالباً بحقه فى الإمامة.
■ وهل الإباضية والزيدية ممثلان فى الاتحاد العالمى للعلماء المسلمين؟
- طبعاً ممثلان، من الزيدية اثنان فى مجلس الأمناء.
■ وماذا عن الشيعة الإسماعيلية؟
- شيعة، لكنهم وقفوا بالإمامة عند محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، ولم يستمروا فى السلسلة إلى موسى الصادق وغيره من أئمة الاثنى عشرية، ولهم آراء تخالف الاثنى عشرية ذكرها الإمام الغزالى فى كتابه «فضائح الباطنية»، وهم ليسوا ممثلين فى الاتحاد العالمى.
■ قضية المرأة فى الإسلام قضية مثيرة، والعبارة الشائعة التى اختزل فيها العامة موقف الإسلام من المرأة «ناقصات عقل ودين»، هل هن ناقصات بالفعل أم لا؟
- طبعاً لافهن غير ناقصات لا عقل ولا دين، فهذه العبارة من حديث صحيح لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، لكن إذا لم تعرف قصة الحديث وكيف جرى، فلن يستطع أحد فهم هذه العبارة، واختزال موقف الإسلام للمرأة فى هذه العبارة هو ظلم للإسلام وظلم للمرأة معا.
الحديث قصته أن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان يخطب الناس فى يوم عيد، ويوم العيد كان النبى يأمر كل الناس بالخروج حتى النساء اللاتى لا يصلين لأعذار شرعية حتى يشهدن الخير، لأن الملائكة تنزل على المسلمين فى صلاة العيد، وترفع صالح أعمالهم إلى الله، تبارك وتعالى، فى هذا اليوم كان الرسول، صلى الله عليه وسلم -يخطب والأئمة حالياً يفعلون ذلك فى جميع المساجد، بعد الانتهاء من الصلاة يخطبون خطبة العيد - ثم رأى الرسول أنه لم يسمع النساء، فالمكان بعيد وعدد الناس كبير ولا توجد مكبرات صوت، فأتت النساء ووعظهن وذكرهن بالمعروف والنهى عن المنكر، ثم قال لهن «ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من أحدكن»، والرد عندما قامت أمرأة من الأنصار قوية الخطاب تستطيع أن ترد فقالت «ما نقصان عقلنا وديننا يا رسول الله؟» فقال «أليس إحداكن تمكث قعر بيتها شطر دهرها لا تصوم ولا تصلى؟» فأجابت «نعم»، قال «ذلك من نقصان دينها».
وقال الرسول «أليس شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل؟»، قالت «نعم»، فقال «هذا من نقصان عقلها»، ثم قال «يا معشر النساء تصدقن فإنى رأيتكن أكثر أهل النار؟»، فقالت هذه المرأة» وبم كنا أكثر أهل النار؟»، فقال «تكفرن»، فقالت «أنكفر بالله»، فقال «تكفرن العشير أى الزوج، تعيش معه الدهر كله بخير، ثم ترى منه يوماً سوءاً، فتقول له ما رأيت معك خيراً قط».
أنا أقف على كلمتى نقصان العقل والدين، فنقصان العقل نسب إلى أن شهادة المرأة بنصف شهادة الرجل، والنبى، صلى الله عليه وسلم، سماها نقصاً على سبيل المزاح، فمن غير المعقول أن الرسول، بمحبته ورفقه بالمؤمنين رؤوف رحيم، يروح يغم النساء يوم عيد ويقول لهم أنتن ناقصات عقل ودين.
أما بالنسبة للدين، فهل تستطيع المرأة الصلاة وهى ممنوعة عنها لسبب شرعى حيض أو نفاس، فلو صلت أصبحت عاصية، لأن الله منعها من الصلاة فى هذه الأيام، فأين نقصان الدين، فليس هذا تقصيراً منها، وإنما تنفيذ لأمر شرعى، إذن فناقصات دين هذه كناية مزاح، إنها نكتة يقولها الرسول، صلى الله عليه وسلم، لكى تقوم أمرأة وتسأله فيبين لها هذه الأحكام، واعتبار أن عبارة «إن المرأة ناقصة عقل ودين» تعد جهلاً بالإسلام، وأنا انصح من يقول ذلك أن يقرأ كتابين أحدهما موسع واسمه «تحرير المرأة فى عصر الرسالة» للأستاذ المرحوم عبدالحليم محمد أبوشقة، والثانى كتاب مختصر جداُ لأخينا العزيز الدكتور العلامة محمد هيثم الخياط اسمه «الإسلام والمرأة»، هذان الكتابان كافيان لأى مسلم لكى يعرف موقف الإسلام من المرأة.
■ ماذا عن طبقات العلماء والمشايخ مثل الشيخ الشعراوى والقرضاوى من الذين تعاملت معهم من العلماء المعاصرين؟
- إذا بدأنا بالعلماء سأبدأ بأصحاب الفضل علىّ، حيث نشأتى فى الإسكندرية، كان الوضع الدينى أو العلمى أن أى إمام فى المسجد، أو أى واعظ فى إدارة الوعظ والإرشاد فى الأزهر أو الأوقاف يساوى 10 من أساتذة الجامعة فى هذه الأيام، كانوا علماء جادين، وكل واحد منهم بحرا من بحور العلم.
وأنا تلقيت العلم على أيدى كثيرين منهم أذكر من بداية الطفولة الشيخ منصور النمر ثم الشيخ محمد صادق عرجون رحمه الله، ثم الشيخ إبراهيم حلمى القادرى، وعدد آخر من الأئمة الصالحين، لكنى تعلمت العلم الحقيقى وتلقيته تلقياً مباشراً من شيخى العلامة محمد مصطفى شلبى، رحمةالله عليه، وكان أستاذا للشريعة بجامعة الإسكندرية ثم فى جامعة القاهرة.
الأئمة العلماء الذين ذكرت بعضهم، أنا أضيف إليهم وقبلهم جميعاً العلامة جاد الحق على جاد الحق، فهو من شيوخ الأزهر الذين سيذكرهم الإسلام لفترة طويلة جداً، شجاعة وجرأة واحترام للنفس وأنفة وعيش بسيط متواضع، وكأنه مازال قاضيا فى المحكمة الشرعية. الشيخ جاد رحمة الله عليه، أعلم علم اليقين أنه سئل عن أشياء من حكام دول لناس ذوى مكانة هائلة، فقال رأيه الذى يعتبر أنه صواب، فلما روجع فيه قال هذا رأى الأزهر، وأنتم تستطيعون أن تصنعوا ما شئتم، وهذا الأمر أصبح نادراً ولم نسمع به منذ زمن طويل، عاش حياته فى شقته ومات فى شقته، لم يغير فى حياته شيئاً، فهو علم من أعلام الزهد، وسيتذكره الشعب المصرى لمدة طويلة ويترحم عليه.
الشيخ الشعراوى، رحمة الله عليه، إمام درس إعجاز القرآن، وهذه العبارة ليست لى، وإنما للدكتور العزيز محمود الطناحى، رحمة الله عليه، قال «بقينا عقوداً من السنين، نحاول أن نفهم الناس إعجاز القرآن فعجزنا، فجاء الشيخ الشعراوى فعلم الناس فى حلقاته التليفزيونية بلغته البسيطة بسلاسته بالأمثلة العامية التى يضربها، فهم الناس إعجاز القرآن منه، ولم نستطع إفهامه للناس خلال عقود»
أما الشيخ الغزالى، رحمة الله عليه، «لم ير مثل نفسه ولم ير الناس مثله»، وهذه العبارة قيلت فى شيخ الإسلام ابن تيمية، فالشيخ الغزالى كان عاطفة محضة، وكان عقلاً خالصاً، ومن العجيب جدا أن يجمع الإنسان بين العقل المتوقد الذكى النقى اللامح وبين العاطفة الخالصة، إذا سمع شيئا يثير العواطف، تنساب دموعه، فإذا جاءت قضية نقاشية جدلية، تجده يهزم جيوش المجادلين، كان نموذجاً فريداً رحمة الله عليه، نحن خسرناه خسارة عظيمة.
الشيخ يوسف القرضاوى أحد أئمة الزمان، وناس كثر حالياً يكتبون على كتبه حتى كتابه الأخير عن الجهاد، مكتوب عليه الإمام يوسف القرضاوى، وهو إمام بغير شك، يوسف جهوده العملية لا تقل عن جهوده العلمية، فهو أسس جمعيات خيرية ومؤسسات إعلامية مثل «إسلام أون لاين»، وكان له الجهد الأكبر فى تأسيس الاتحاد العالمى للعلماء المسلمين، لكن أهم ما تركه يوسف القرضاوى ليس المؤسسات، ولكن منهج المدرسة الوسطية، شرح الوسطية وجعل لها 20 أصلاً فى عدد من كتبه، وهذا المنهج الوسطى، تطور وسيبنى عليه الناس، وسيتقدم به المسلمون والإسلام فى مواجهة منهجين هما الغلو والتشدد والجمود ومنهج التفريط والاستهلال والاستهانة.
■ ما هو موجز معالم المشروع الثقافى والفكرى والفقهى للدكتور محمد سليم العوا؟
- أنا قلت لك إن حكاية المشروع الثقافى كبيرة علىّ، فأنا طالب فى مجال العلم، جندى فى مجال الوطن، ولا أملك شيئا آخر.
وأنا أظن أن مهمتنا الأساسية الآن، هى إعادة بناء الإنسان المصرى، الذى فقد كثيراً جداً من مقوماته الثقافية وهويته الوطنية عبر السنين ال55 الماضية، ونحن مضطرون إلى إعادة البناء من الآن، وأن نعيد البناء مع الأطفال والشباب والرجال والنساء فى وقت واحد، لأنه تستطيع بناء الرجل والمرأة مهما كبر سنهما، إذا قدمت إليهما الفكر المناسب، وتستطيع أيضاً أن تبنى الأطفال والشباب من جديد إذا قدمت لهم الفكر المناسب، هذا هو خلاصة ما أسعى إليه وأحاول عمله، ولذلك مثلا عندما كانت لنا فرصة لنصنع مشروع الاتحاد العالمى للعلماء المسلمين، عملنا مشروع علماء المستقبل، والحمد لله شارك فيه 400 رجل وامرأة من مصر وخارجها، لأن مهمتنا إعادة بناء الفكر والعقل والروح، فنحن فى مواجهة أخطر تحد يقابلنا فى السنين القادمة، وربما يكون قريباً جداً، وهو تحدى البقاء بيننا وبين الصهاينة.
الصهاينة إما أن يفنوا أهل فلسطين ويستولوا عليها كلها، وإما أن ينهزموا وتقام الدولة الموحدة للعرب واليهود المسلمين والمسيحيين فى دولة واحدة، والمشروع المقاوم هدفه إقامة الدولة الواحدة، بينما المشروع الاستعمارى هدفه إزالة المسلمين والمسيحيين من المنطقة وبقاء الصهاينة فقط، ولا نستطيع أن نقود هذا المشروع بجنود «حماس» وحدهم ولا جنود «الجبهة الشعبية» وحدهم أو حزب الله وحده، وإنما مصر فى مقدمة البلاد والجيوش والقرى، التى ستقود الحرب المقبلة ضد الاستعمار الصهيونى، فكيف نقود تلك الحرب المقبلة، وقد هزمت الهوية، وانهارت المقاومات الشخصية للإنسان المصرى، هذا مشروعى وأملى وهدفى، أن نساهم مساهمة حتى ولو كانت بسيطة أو محدودة فى إعادة بناء الشخصية المصرية دينياً وثقافياً وفكرياً وسياسياً ووطنياً، لأن الإنسان المصرى بغير هذا كله لا يستطيع أن يقف ويواجه ويصمد ضد عدوه.
■ إذا تحدثنا عن العائلة أو الجانب الشخصى للدكتور العوا، ماذا تفعل فى العيد يا دكتور؟
- فى أول يوم بعد صلاة العيد أكون مع الموجودين من الأبناء أو البنات، نذهب إلى المنزل ونفطر، ونزور عددا من أفراد العائلة فى القاهرة، ثم أذهب إلى الإسكندرية لأرى أخواتى وإخوانى وأبناءهم وأحفادهم يوماً أو يومين، ولا تخلو هذه الأيام من العمل، لأنى من 40 سنة لم أعرف يوم الإجازة.
■ هل تسافر خارج مصر كثيرا يا دكتور؟
- نعم أسافر حوالى 100 يوم فى السنة، بسبب ارتباطاتى.
■ ما أكثر البلاد التى أحببتها يا دكتور؟
- مصر، أنا عندى إحساس غريب جداً نحو مصر، لقد تركنا مصر فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر، بسبب الضيق السياسى الذى كنا فيه، والتهم التى وجهت إلينا بغير دليل، وكانت تهما باطلة فى الحقيقة، وأنا أذكر ونحن مسافرون أن قلت لزوجتى: «نحن نسافر طلباً للحرية وليس للمتعة ولا الغنى، لكن لا نستطيع العيش وسط هذا الجو».
وقتها كان عندى 25 سنة ومنفعل انفعال الشباب، فقالت لى كلمة غريبة جداً، رحمة الله عليها، وهى من أولياء الله الصالحين: «طيب يا محمد إحنا نلف بلاد العالم ولو وجدنا دولة فيها حرية أكتر من مصر نقعد فيها، ولو مالقناش نرجع مصر تانى».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.