ربما هذه السطور لن تجد الكثير من الترحيب لديكم، ولكنى لا أملك سوى التعبير عن مدى الخوف والغضب من كل ما يحدث من حولنا.. مؤخراً أصبح هذا الشعور عادياً وشعوراً جماعياً معدياً يسيطر على الكثيرين.. فالجميع غاضب ناقم، يعانى حالة إحباط ولا يجد من يعطى الحلول المباشرة للتخفيف من هذا الاحتقان، فربما لأن الأسباب عديدة متراكمة منذ سنوات، منذ بداية الاستهتار وسوء الأداء وضياع الدقة والالتزام، ساهمت فى تدهور الأخلاق وانتشار الفساد والسرقة والاغتصاب والقتل وتجارة الأعضاء، حتى الذبح أصبح فقط للانتقام.. عنف متزايد ومشاكل يومية وأكثر من 2 مليون قضية تنظرها المحاكم.. صعوبات وعراقيل تغرق الناس فى هموم طويلة الأجل، وإن حاول البعض منهم الهروب من هذا المصير لا يجد أمامه سوى اختيار الأسلوب السريع الانتهازى لتحقيق المصلحة أو الهدف دون التفكير فى العواقب أو الثمن.. فهذا الإنسان غالباً يكون خسر إنسانيته منذ البداية وفقد الأمل فى المستقبل، وبالتالى هانت عليه كل المبادئ والقيم، وأصبح تحقيق الرغبة والوصول إلى الهدف هما الأساس واختيار أسرع وسيلة باتخاذ أقصر الطرق وأقصاها وهى فعل الجريمة، فلا مكان للعلاقات الأسرية والإنسانية، فمن الملاحظ مؤخراً أن كل الجناة ليسوا بقتلة محترفين ولكن تحولوا فجأة إلى أكبر مجرمين، فأسلوب وتنفيذ الجريمة أسلوب انتقامى شرس تم دون تردد أو تراجع، فبعد سقوط الضحية استمر الضرب أو الطعن أو القتل، مما يؤكد حالة الإصرار والغضب والانتقام. حالة من اللاوعى تصيبهم جميعاً! ربما الشوائب الاجتماعية تسيطر على رأس الجانى وتفقده الاتزان وتجعله أعمى القلب وأعمى البصيرة، وتجعله يقول «علىّ وعلى أعدائى»، المهم إيجاد الحلول للخروج من مأساته. فالتعبير عن حالة الغضب ظهر فى كل ضحية طفلاً أو عجوزاً، أحد أفراد الأسرة أو حتى مع شخص مجهول، الجميع من الضحايا وجدوا مشوهين من العنف والإجرام الذى سيطر على هؤلاء الجناة المبتدئين، لأول مرة يرتكبون الجريمة، فهم جميعاً غير «مسجلين سوابق».. غريبة نحن ليس هذا المجتمع العنيف! نحن لم نكن نحوى نوعية هؤلاء الناس بيننا! ولكن أعود وأتذكر أنى أصبحت مؤخراً أجد صعوبة فى البحث عن صفات عديدة كانت حميدة وطيبة التصقت فينا.. اختفت أو أصبحت نادرة، فوداعاً للجدعان فى زمن البلطجة، فهناك زمن جديد من الهواة تفوقوا بأسلوبهم على القتلة المحترفين، والباقى من الناس مذهولون لا يملكون حتى قدرة التعبير.. الحمد لله أنه مازال هناك أمن يسرع بكشف الجريمة ليعيد بعض الأمل فى زمام الأمان فى مجتمعنا إلى حد كبير، وله كل التحية والاحترام، ولكنه وحده لن يستطيع إنقاذ المجتمع من هذا الفيروس القاتل. الحقيقة.. هناك تراكم من الجهل للطبقات المهمشة العشوائية الصاعدة بيننا بسرعة وبشراسة مفرطة، حتى أصبحت تطوق «كردون» حياتنا.. وللأسف الكثير منا لا يعلم عنهم سوى من البرامج والأفلام حين تظهر قصة منهم على السطح.. فلا حلول جذرية فعالة على الأرض ويترك كل شىء للأمن.. وهذا خطأ اجتماعى وحكومى فاضح. < على الجانب الآخر نجد مصائب وكوارث طبيعية ناتجة عن الإهمال والاستهتار والأزمات الإدارية، وللأسف على الأرض لا تحل إلا من المؤسسة العسكرية.. نعم فالجيش هو الإدارة الوحيدة التى تتدخل فى النهاية للإنقاذ والخروج من الكارثة، والدليل انقلاب القطارات وغرق العبارة وسقوط هضبة الدويقة، وصولاً إلى حريق الشورى، وأزمة رغيف العيش وتوزيعه، وانتهاء حالياً بأنفلونزا الخنازير وصناعة الكمامات وتوزيع الأدوار والمهام. فالجيش وحده القادر على سرعة التنفيذ.. معقولة أين الكفاءة فى الأداء فى باقى المؤسسات؟! نعم نحن نعلم أن الجيش فى زمن السلم هو مساهم أساسى فى التنمية، ولكنه ليس الجهة المسؤولة دائماً عن حل المشاكل الاجتماعية اليومية وإن كان هو القادر على الإتقان، إذن لماذا لا نلغى باقى الوزارات؟! كنت أتمنى أن تنعم مصر بالحكم المدنى والديمقراطية ولكن اليوم من الواضح أننا نعيش فى زمن الانفلات الأخلاقى والاستهتار والانتهازية، ولا يجوز هنا سوى الحسم العسكرى، الذى يعيد لهذا المجتمع ما كان يملكه من صفات وسمات إنسانية.. فحتى بعيداً عن كل هذا فقد فقدنا أيضاً الصدق فى المشاعر وأصبح التملق والرياء لكل صاحب سلطة ومال هو الأساس فى الأعراف الاجتماعية! ضاعت روح التعاون والنجاح لفريق من أول فريق كرة إلى فريق سياسى أو حزبى، حتى الفريق الطبى فدائماً هناك تناقض واختلاف فيما بيننا على كل شىء، حتى الصداقة الحقيقية أصبحت نادرة تذوب مع كل من لا يستحقها ويحافظ عليها وتبقى مع من يقدرها، فالمظاهر والمصالح الزائفة لا تعيش كثيراً وتكشفها المواقف والأزمات، لذلك أصرخ وأكتب لأقول لكم أنا أيضاً: «علىّ وعلى أعدائى» لكل من يحاول أن يهدد الاستقرار والأمن فى بلادى، فهناك فئة لا تملك سوى الهجوم وهم فى الحقيقة ضعاف النفوس تباع وتشترى ضمائرهم بالفلوس، وهؤلاء أيضاً أخطر علينا من المجرمين والهواة المحترفين، فطعناتهم مسمومة تخدع أحياناً الرأى العام وهم فئة أو جماعة إعلامية أو حزبية معروفة، واضحة الولاء وتكشف المستور.. اجتنبها وتجنبها أرجوك.. فهى طائفة زائفة ولن تدوم. [email protected]