■ أصابتنى الدهشة وربما أختلف ولكنى أعترف بأن هناك تقصيراً، فبعض من الشباب المصرى المسيحى ظهر فى الشارع مؤخراً بشكل غاضب تحت حماية الأمن للتظاهر والاعتراض على أسلوب معالجة حادث جريمة نجع حمادى وما سبقه من حوادث، وقد تكون هذه الحادثة المروعة هى السبب فى فتح باب الاعتراض والغضب وفرصة «سيئة» للتعبير عن الرفض والتملل من استمرار أسلوب المعالجة المؤقت العرفى أو بالأسلوب الأمنى، فالتباطؤ فى حسم الأمور بشكل قضائى سريع وعدم النظر لهم سوى على أنهم مواطنون مصريون.. كل ذلك ساهم فى ظهور حالة من القلق والخوف تؤرق النسيج الوطنى المصرى. ■ وقد يظن بعض الناس أن المبالغة فى الاهتمام بهذه الحادثة وتوابعها قد تكون سبباً فى زيادة الشرخ الوطنى، لأن هناك العديد من الأخوة المسيحيين يتمتعون بمكانة اجتماعية ومادية وسياسية تحصنهم من كل تمايز أو تهميش وتدعمهم الكنيسة والحكومة. والحقيقة أن كل الشخصيات المسيحية المتميزة مادياً واجتماعياً يمارس عليها كثير من الضغوط من الكنيسة ومن العديد من العائلات المسيحية المتوسطة والفقيرة، الجميع منهم يطالبون هؤلاء المتميزين المقربين من الحكومة ومن أصحاب القرار بضرورة المساعدة لاستعادة حقوقهم، التى يجدونها أحياناً مهمشة ومهدرة بسبب هذا التيار الإسلامى المتطرف الذى يقلص دورهم فى الحياة اليومية باسم الغالبية والأقلية ويجعل هامش التحرك من خلال تيار آخر متطرف مسيحى يستعين بالآخرين فى الخارج، فالكلام ألا تمايز فى الدستور بين المواطنين فى النوع والدين أصبح لا يتعدى اليوم سوى مجرد سطور فى الخطب السياسية فى حالة انفجار أزمة مذهبية أو دينية. ■ للأسف مصر تتغير كل يوم ملامحها الاجتماعية وتسقط منها مميزات اكتسبتها منذ التاريخ.. أتذكر مثلاً مدارس الراهبات فى صعيد مصر وعاصمتها، لم تمارس فيها يوماً قيود فى تعليم الدين الإسلامى ولا الصلاة أو الصوم وذلك ليس لأنها على أرض تحكمها أغلبية مسلمة ومراقبة من الحكومة المسلمة، ولكن لأن هذه الأمور الدينية بعيدة عن تدخل الآخرين واحترام صلاة الجميع يوم الجمعة فى الجامع ويوم الأحد فى الكنيسة، والمشاركون فى الأعياد الدينية والوطنية تحت علم مصر، فدائماً كان هناك الشريعة الإسلامية والأزهر الشريف والكنيسة القبطية البابوية والإخوان المسلمون وكل التيارات السياسية والدينية متواجدون على أرض مصر منذ عقود. ■ ولكن هناك شيئاً ما تغير فى نفوس المصريين، ربما الشعور بالاضطهاد السياسى والاقتصادى والدينى.. أصبحت هناك مخاوف لدى النخبة ولدى الفقراء فى العلم وفى الدين ولا يوجد طبقة متوسطة كافية لتحميك، فكل واحد يشعر أنه أصبح ضحية الظروف والأزمات مما يعطيه الحق فى التميز أو التطرف لحماية نفسه من التهميش، وبالعكس يشعر أنه يمتلك الحق فى المبالغة فى التعبير لأنه أصلاً يصرخ من بعيد ولا يجد من يمد له المساعدة سوى من له أهداف ويحمل المؤامرة لهذا المجتمع المصرى الأصيل، فلا ضمان لكيان الدولة المصرية ولا احترام للسلطة أو حماية للنظام سوى عن طريق قانون رادع وضامن للحقوق والواجبات، والقضاء السريع النزيه فى الفصل بين الخطأ والصواب ويراعى الجميع من المصريين، وإلا سيظهر لكم مسيحى جديد. [email protected]