أنا من جيل نشأ وتربى فى مجتمع لا يعرف التعصب ولم تكن تتداول فيه حتى عبارة عنصرى الأمة.. فقد كان الكل يتصرف على أن الأمة عنصر واحد.. كنا لا نعرف أن هذا الصديق من أصدقائنا مسيحى الديانة إلا بالصدفة، وكان هذا لا يعنى لنا شيئاً.. وكانت معظم أسمائهم غير مميزة مثل منير وسعيد وعادل قبل أن تظهر أسماء بيشوى ومينا ومايكل! وكذلك لم نكن نرى حولنا شباباً ملتحين يرتدون جلالبيب قصيرة.. ولذا فأنا أنزعج كثيراً مما وصل إليه الأمر من احتقان طائفى خطير بين عنصرى الأمة ولست فى مجال تحرير أسبابه وتكفى الإشارة السريعة إلى أهمها فى رأيى.. وهو الدولة الرخوة بتعبير المفكر الكبير د. جلال أمين. والفكرة التى أحب أن أتناولها الآن فى هذا الإطار هى فكرة المواطنة التى أظنها تعنى الحقوق المتساوية لجميع المواطنين بصرف النظر عن الجنس أو العقيدة أو اللون، وعلى جميع المواطنين أن يتكاتفوا فى سبيل تحقيق هذا الهدف.. أما أن يطالب البعض بالحصول على حقوقه المشروعة غير عابئ بحصول بقية مواطنيه على حقوقهم فأظن أن هذا يصيب مبدأ المواطنة فى مقتل!! وهنا أتوجه بسؤال إلى الإخوة الأقباط الذين يطالبون بحقوقهم- ومعظمها مشروعة فعلاً: هل هم مقتنعون بأن أغلبية مواطنيهم المسلمين يحصلون على حقوقهم الأساسية فى هذا الوطن؟.. حقهم فى التعليم والعلاج والسكن والعمل.. حقهم فى اختيار حكامهم وعزلهم إذا فشلوا- حقهم فى اختيار ممثليهم فى المجالس النيابية.. حقهم فى الوقوف أمام قاضيهم الطبيعى إذا اتهموا بشىء.. حقهم فى تكوين الأحزاب.. حقهم فى رعاية الدولة لهم داخلياً وخارجياً وإذا كانت الإجابة هى أنه لا شأن لنا بهذه الحقوق، نقول لهم وأين مبدأ المواطنة الذى تدعون إلى تطبيقه، وهل ستكونون سعداء آمنين لو حصلتم على ما تريدون من حقوق وأنتم تعيشون بين ملايين المظلومين؟.. وسؤال آخر: هل ترضون لمصر- أن تكون فى هذه الأوضاع السيئة داخلياً وخارجياً..؟ ثقوا أنه لو حدث هذا التلاحم بين المصريين جميعاً فسوف يحصل الجميع على حقوقهم فضلاً عن إخراج مصر من النفق المظلم الذى دخلته ولا يعلم إلا الله متى تخرج منه. عاطف المغربى [email protected]