الرغبة العارمة للسلطة، والحب الجنونى للسيطرة، داء قديم أصيب به العالم العربى والإسلامى منذ قرون بعيدة.. إن عشق السلطة متعة أصيلة وسمة ثابتة وجينات متوارثة!! وإذا عدنا إلى مصر الليبرالية عقب ثورة 1919 لوجدنا انقساماً سريعاً قد حدث بين أعضاء حزب الوفد! لقد انفصل محمد محمود باشا وكان زميلاً لسعد زغلول فى منفاه عن الوفد .. وأسس حزب الأحرار الدستوريين عام 1922!.. ثم انشق المجاهدون الكبار أمثال أحمد ماهر باشا ومحمود فهمى النقراشى باشا عن حزب الوفد، وكان سعد زغلول يعدهما ولديه النجيبين، حيث جرى تأسيس الحزب السعدى عام 1937. ثم قام مكرم عبيد باشا أحد المجاهدين الكبار وسكرتير حزب الوفد المصرى بتأليف الكتاب الأسود متهماً فيه الحزب بالفساد وزعيمه مصطفى النحاس باشا بالسفه لقيامه بشراء معطف من الفراء لزوجته بمبلغ ستة وأربعين جنيها ونصف، وانشق على حزب الوفد مؤسساً حزب الكتلة الوفدية ّّ!! وقامت ثورة 23 يوليو 1952 وألغت جميع الأحزاب، وأسست هيئات ومؤسسات متتالية، ابتداءً من هيئة التحرير ومروراً بالاتحاد القومى وانتهاءً بالاتحاد الاشتراكى العربى .. وجرت مياه كثيرة حتى جاءت هزيمة يونيو 1967 ثم انتصار أكتوبر1973 .. وتم إنشاء المنابر ثم الأحزاب بقرارت فوقية! وتعددت الأحزاب وبلغ عددها 24 حزبا، لكل حزب شقة وجهاز تكييف وتليفون، وكفى الله المؤمنين شر القتال !! ولكن كل ما يعنينى ويؤلمنى هو انهيار الحزبين الكبيرين الوفد والتجمع، واللذين كانا أملاً زاهراً ورجاءً مرموقاً.. لقد أحرقوا مبنى حزب الوفد حينما احتدم الخلاف بين الراغبين والعاشقين للسلطة.. وأخيراً بدأ انهيار حزب التجمع حينما انشق الأعضاء واختلفوا على الكراسى والمناصب! لقد انشق الأجداد والأبناء، وها هم الأحفاد يرثون نفس السمات والجينات والصفات!!.. إنهم يتشدقون بالليبرالية، ولا يعرفون معناها.. ويتحدثون عن الديمقراطية ولا يؤمنون بها.. ويعارضون كل شىء وهم لا يقدرون على فعل أى شىء .. نعيب زماننا والعيب فينا.. وما لزماننا عيب سوانا محمد السيد رجب مدير عام سابق _ الإسكندرية