فى مواجهة الضغوط الغربية المتنامية على إيران لإجراء محادثات مجدية لتسوية الخلاف بشأن برنامجها النووى، تؤكد الجمهورية الإسلامية موقفها الرافض لأى حديث حول ملفها النووى، ساعية فى الوقت ذاته لدعم تواجدها كلاعب عالمى مؤثر يتم إشراكه فى حل مشكلات منطقة الخليج والشرق الأوسط، رغم نظرة الغرب إليها كونها «أحد أسباب تلك المحن»، بحسب محللين فى طهران. فبموازاة تسليم الجمهورية الإسلامية مجموعة من المقترحات إلى القوى الكبرى أمس الأول، قالت إنها تتناول «قضايا عالمية مختلفة»، وتمثل «فرصة جيدة للمحادثات والتعاون»، حثت إيران تركيا على إنشاء آلية رباعية تضم البلدين وكلا من العراق وسوريا للتعامل مع القضايا الإقليمية وقضايا منطقة الشرق الأوسط. وقال السفير الإيرانى فى أنقرة، باهمان حسين بور - فى حديث لصحيفة «حريت» التركية - أمس إن طهران تقدمت لأنقرة بهذا المقترح أكثر من مرة، مع تأكيدها أن دول المنطقة هى الأقدر على تقديم الحلول لمشاكلها. وتأتى تصريحات السفير الإيرانى قبل يومين من الزيارة التى سيقوم بها وزير الخارجية التركى، أحمد داود أوغلو، لطهران، والتى ستكون أول زيارة لمسؤول تركى على هذا المستوى لإيران عقب الأحداث التى أحاطت بإعادة انتخاب محمود أحمدى نجاد رئيسا لإيران. وقالت الصحيفة إن إيران تشعر بانزعاج تجاه تنامى الدور التركى فى المنطقة وقيامها بدور نشط لتخفيف حدة الأزمة بين بغداد ودمشق، وأن إيران تريد أن تظهر عبر هذا المقترح أنها لا تتخلف عن جيرانها فى المساعى الرامية لحل مشاكل المنطقة. وفى تلك الأثناء، أكد وزير الخارجية الإيرانى، منوشهر متقى، أنه بإمكان إيران والبرازيل أن تتعاونا فى مجال نزع الأسلحة النووية والقضايا العالمية، وذلك خلال اجتماع عقده متقى مع مساعد وزير الخارجية البرازيلى للشؤون السياسية، روبرتو جاكواريب، فى طهران. وفى غضون ذلك، كررت بريطانيا على إيران عرض الحوار على مجموعة ال6 (ألمانيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا) المكلفة ببحث البرنامج النووى الإيرانى، بعد المقترحات الجديدة التى سلمتها إيران. وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية البريطانية «نفيد بأننا تسلمنا الوثيقة الإيرانية ونحن لانزال ملتزمين بحوار بناء من أجل تبديد قلق الأسرة الدولية حيال البرنامج النووى الإيرانى»، فيما قال مسؤول فى الخارجية الأمريكية، فضل عدم الكشف عن هويته، إن الدول ال6 ستتشاور بشأن المقترحات الجديدة، موضحاً أن الأمر لا يتعلق إلا ب»جولة أفق أولية». وفى موسكو، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن الاقتراحات «المدعومة بحجج» التى قدمتها طهران تتطلب «تقييم خبراء»، موضحا أن روسيا تدرسها حاليا. وفى المقابل، ذكرت صحيفة «جمهورى إسلامى» - إحدى أهم صحف المحافظين الإيرانيين - أن ممثل طهران فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، على أصغر سلطانية، أكد أن المقترحات الإيرانية تتعلق بنزع الأسلحة النووية فى العالم، مجددا رفض بلاده تعليق تخصيب اليورانيوم، وذلك فى تصريحات له أمام مجلس حكام الوكالة أمس الأول. ويرى دبلوماسى عربى فى العاصمة الإيرانية «أن المصدر الرئيسى للقلق فى الغرب هو أن إيران ربما تستخدم ما لديها من معرفة تقنية من أجل السعى لإنتاج قنبلة نووية ضد إسرائيل ومن ثم فإن أى مناقشة بخصوص الشرق الأوسط تعتمد فى الأساس على تبديد هذا القلق. وبالنظر إلى التناقض فى المقترحات بين موقف طهران ومطالب القوى الدولية الرئيسية، ليس من المتوقع أن تقود المقترحات الإيرانية إلى إحراز أى تقدم فى المسألة النووية. وفى الوقت الذى تعانى فيه إيران تأزماً فى علاقاتها الخارجية، تتفاقم أزمتها السياسية الداخلية أيضاً. فبعد موجة من الاعتقالات والمداهمات من قبل السلطات الإيرانية بحق عدد من الإصلاحيين، حث زعيم المعارضة الإيرانى، مير حسين موسوى، مؤيديه على عدم السماح باستثارتهم. وقال - فى بيان أذيع على موقع إصلاحى إلكترونى - إن اعتقال الإصلاحيين على رضا حسينى بهشتى ومرتضى الويرى إنما هو مؤشر على «أحداث أكثر ترويعاً ستأتى»، وأضاف موسوى «احتفظوا بهدوءكم وواصلوا يقظتكم.. احرصوا على عدم السماح (للسلطات) بأن تستفزكم». وتمثل الاعتقالات التى جرت الثلاثاء الماضى ضغوطاً متزايدة من جانب السلطات على الخصوم المؤيدين للإصلاح لنجاد، فى الوقت الذى يواصل فيه الرئيس الإيرانى دفاعه عن الانتخابات المتنازع عليها التى جرت فى يونيو.
