ما أن تدخل منطقة الزرائب بأرض اللواء حتى تجد أطنانًا من أكوام القمامة تجمعت فى المنطقة التى كانت تستخدم كزرائب للخنازير، ووعدت المحافظة بتطهيرها ولم تفعل، فلم يجد جامعو القمامة حينها حرجاً من أن يأتوا بأكوام القمامة التى يجمعونها من كل صوب وحدب فى المحافظة إلا بإلقائها داخل تلك الزرائب، خاصة بعد أن فرضت المحافظة عليهم رسومًا إضافية مقابل إلقائهم القمامة فى المقالب التابعة لها. داخل منطقة الزرائب وعلى المقاهى حيث يتجمع أعداد كبيرة من جامعى القمامة لا صوت يعلو فوق صوت الأزمة الحاصلة بين محافظة الجيزة وشركة النظافة الإيطالية، فجامعو القمامة هناك يجلسون على المقاهى يتسامرون قليلًا ويتضاحكون قليلًا على الرسوم الجديدة التى فرضتها عليهم المحافظة مقابل إعطائهم تراخيص إلقاء القمامة فى مقلب العجوزة، وينعوون حظهم كثيرًا محاولين أن يهونوا المشاكل التى أصبحت تحيط بمهنتهم تلك من كل اتجاه، البعض منهم يتحدث عن أنواع الحرف التى من الممكن أن يعمل بها بعد تركه مهنته، والبعض الآخر يفكر فى بيع سياراتهم التى كانوا ينقلون بها القمامة، وآخرون سعداء بالحال الذى وصلت إليه النظافة فى محافظة الجيزة، لعل هذا- حسب اعتقادهم- يكون الحل الوحيد لتعيد المحافظة التفكير فى أهميتهم وتسهل لهم مهمتهم بتوفير مقالب قريبة وسيارات كبيرة لنقل أطنان القمامة إلى مقالب المحافظة. ما أن تبدأ الحديث مع جامعى القمامة هناك حتى تدرك وللوهلة الأولى أنهم وبحق يحتاجون لمن يسمع شكاواهم، فجملة «شركات النظافة دى اسم بس عاملة نفسها بطل لكن إحنا اللى شايلين الشغل كله» لا تفارق ألسنتهم وكأنها شعار يتداولونه بالترتيب، يقول ماجد جمال، أحد جامعى القمامة فى منطقة المهندسين: توقف معظمنا عن العمل منذ أن بدأت المحافظة فى فرض رسوم إضافية علينا مقابل إلقاء القمامة فى مقلب العجوزة، خاصة أننا لم نعد نتحمل نفقات نقلها إلى مقلب شبرامنت والتى قد تصل إلى 150 جنيهًا فى النقلة الواحدة، هذا بالإضافة إلى رسوم أخرى تصل إلى 120 جنيهًا مقابل السماح لنا بنقل القمامة إلى منطقة الزرائب فى أرض اللواء وفرزها مما يعرضنا إلى خسائر مادية كبيرة خاصة بعد إعدام الخنازير التى كانت تتغذى عليها. يضيف ماجد: المشكلة الأكبر فى كم المحاضر التى تحررها المحافظة ضدنا والتى تصل الغرامة فيها إلى 200 جنيه أحيانا إذا ما شوهدت إحدى عرباتنا تقف أمام عمارة لرفع القمامة منها، ففى تلك اللحظة تصادر السيارة بحجة أننا كنا فى طريقنا لإلقاء القمامة وليس لرفعها. إدوارد حمدون استمر عمله كأحد أكبر جامعى القمامة فى منطقة بولاق الدكرور والجيزة لمدة 27 عامًا إلى أن قرر منذ شهر أن يتوقف عن هذا العمل نهائيًا، يقول إدوارد: كان يعمل معى ما يقرب من 18 عاملًا تركونى جميعًا بعد أن أصبحت غير قادر على دفع رواتبهم والتى تصل إلى 800 جنيه للعامل، فلم أعد أجد أى استفادة من جمع القمامة، ففى الوقت الذى تتقاضى فيه الشركات مقابلًا ماديًا لتنظيفها الشوارع ورفع القمامة، لا نحصل نحن جامعو القمامة على أى شىء ونتعامل وكأننا شحاذون يعطف علينا السكان ببضعة جنيهات إن أرادوا، وإذا تابع مسؤولو المحافظة الأمور جيدًا سيعلمون أننا جامعو القمامة الرئيسيون وليس الشركات التى تعاقدوا معها. أما أشرف زكى، أحد جامعى القمامة فى منطقة المهندسين، فيقول: السكان توقفوا عن التعامل معنا منذ أن أصبحوا يدفعون رسوم النظافة مع فاتورة الكهرباء، واتجهوا إلى إلقاء القمامة فى الشوارع، معتمدين على سيارات شركات النظافة التى تأتى لرفعها. «الناس فاكرانا شحاتين والحكومة مش حاسة بينا من أساسه» بتلك الكلمات عبر إبراهيم أسعد، أحد جامعى القمامة فى منطقة إمبابة وأرض اللواء قائلا: أنا عندى 7 عيال مابقتش عارف أصرف عليهم منين من يوم ما بطلت شغل لأنى معرفش حاجة غير الشغلانة دى. وفى الوقت نفسه يرى صبحى عبده، عضو مجلس محلى فى الجيزة، أن الحل يكمن فى عودة الزبال التقليدى إلى الشارع، والاعتماد عليه بشكل أكبر، قائلا: عندما بدأ حال النظافة يسوء فى محافظة الجيزة توجهنا إلى المحافظ وقدمنا طلبات كثيرة، أهمها أن تعطى الهيئة لعمال النظافة نسبة يستطيعون بها أن يتحملوا نفقاتهم ومصاريف نقل القمامة إلى المقالب البعيدة، كما طالبنا بتوفير مكان لفرز القمامة وسيارات نقل كبيرة لنقل المخلفات ولكن دون جدوى.