قالت «المصرى اليوم» صباح أمس، إن مركز معلومات مجلس الوزراء أجرى استطلاعاً تبين منه أن 71٪ من المصريين يرفضون فكرة إلغاء نسبة ال50٪ عمال وفلاحين فى مجلس الشعب! ومع افتراض أن الاستطلاع دقيق، وأمين، وأن النسبة صحيحة ومعبرة فعلاً عن آراء ما يقرب من ثلثى المواطنين، فقد كان المتصور أن تسارع الحكومة المسؤولة، إلى إخفاء نتائج الاستطلاع، وأن تعيد النظر على الفور، فى الطريقة التى تتعامل بها مع الثمانين مليوناً! ولو أن المركز نفسه أجرى استطلاعاً وسأل الناس جميعاً عن رأيهم فيما إذا كان عليهم أن يدفعوا ضرائب، أو يتوقفوا عن دفعها أفضل، فسوف تأتى النتيجة لتقول بأن 95٪ من المصريين يؤيدون عدم دفع ضرائب، مع ضرورة الالتفات طبعاً إلى أن عبء دفع الضرائب يقع فى أغلبه على القادرين فى المجتمع، وأن 95٪ من أبناء هذا المجتمع يعيشون فى مستوى لا يكاد يسمح لهم بأن يؤدوا ضرائب من أى نوع.. فهل معنى أن تأتى نتيجة استطلاع من هذا النوع، على هذه الصورة، أن علينا أن نتوقف عن دفع الضرائب ونلغى المصلحة الخاصة بها؟! ولو أن المركز انشغل باستطلاع ثالث، عما إذا كان علينا أن نصادر أموال الأثرياء، ونعود إلى أيام القطاع العام، ونعيده من جديد، فإن 95٪ أيضاً، على الأقل، سوف يرحبون بالفكرة جداً، وسوف تكون وجيهة فى أعينهم تماماً.. فهل معنى هذا أن علينا، فى حالة كهذه، أن نصادر أموال الأغنياء ونعيد القطاع العام؟! الحكومة التى أشرفت على إجراء استطلاع عن رأى الناس فى نسبة العمال والفلاحين، تعرف قطعاً، أن هذه النسبة قد جرى الترويج السياسى لها، على نحو جيد جداً، لأسباب معينة، أيام الرئيس عبدالناصر، حتى شربها الناس، دون أن يدركوا وقتها طبيعة ما كانوا يشربونه، بالضبط كما كان «جويلز» وزير إعلام هتلر قد راح يروج لأفكاره بين الألمان، فاقتنعوا بها، وساروا خلفه شبه مخدرين، حتى إذا استيقظوا كان الوقت قد تأخر طويلاً، وكانت ألمانيا كلها عبارة عن أطلال بفضل الأفكار التى كان وزير الإعلام إياه يحشد مؤيديها حولها! وحين يأتى استطلاع عن العمال والفلاحين فى المجلس، على ما جاء عليه، فقد كان لابد للحكومة أن تدرك فى الحال، أن هناك خطأ كبيراً، وأن الخطأ بالطبع ليس فى الناس، ولا فى الذين خضعوا للاستطلاع، وإنما فى العمل الحكومى بينهم، وهو عمل تشير نتائج كهذه، إلى أنه لم ينجح فى شرح فكرة ال50٪ على حقيقتها لنا، ولا قال للملايين على امتداد البلد كله، إن بقاء النسبة على حالها، معناه بالعربى الفصيح بقاء الوضع الحالى بمعاناته على حاله أيضاً، فالإصلاح الحقيقى لا يبدأ بقانون المرور وحده - مثلاً - ولكن يتوازى معه إصلاح البرلمان، بنسف هذه النسبة من أساسها، بعد أن دمرت أداء المجلس على مدى ما يقرب من نصف قرن.. ثم يتوازى معه كذلك، إصلاح المادة 77 من الدستور، بما يقيد فترة بقاء الرئيس فى منصبه فلا تزيد على عشر سنوات أو 12 عاماً على أقصى تقدير!.. الإصلاح الفعلى لا يقبل التجزئة، ولا القسمة على اثنين، وقد كان أجدر بالحكومة أن تكفى على نتائج استطلاعها أكبر ماجور، ثم تتوجه إلى موضع الخطأ مباشرة فتعالجه.. كان أجدر بها أن تستحى منه فلا تعلنه!