عندما أخذ عادل أغا، مالك الشركة الاقتصادية للتنمية الصناعية، قراره بالهروب من البلاد قبل صدور الحكم بسجنه. بدأ عمال شركته تجربة فريدة لإنقاذ وظائفهم عن طريق إدارة المصنع بأنفسهم، وبالفعل تمكنوا من إدارته بنجاح شهد له الجميع، خاصة بعد مرور عام كامل على هذه التجربة. فمنذ عام، بدأ نحو 2000 من عمال تسعة من مصانع النسيج والتطريز والمصابغ التابعة للشركة الاقتصادية فى العاشر من رمضان، إدارة الشركة بعد قرار محكمة جنوبالقاهرة فى سبتمبر 2008 منحهم حق إدارة الشركة، حيث أصبح عمال الشركة يتولون تقريبا إدارة كل أجزاء العملية الإنتاجية، بدءًا من دفع الأجور وتسلم طلبات العملاء، انتهاء بوضع اللوائح الداخلية التى تنظم سير العمل. يقول محمد يوسف، الذى يعمل فى خط إنتاج التطريز منذ 12 عاما: «الشغل هنا زى العسل، بقى لنا حقوق وفوائد أكتر»، موضحا أن راتبه ارتفع إلى 650 جنيها فى ظل نظام الإدارة الجديد بعدما كان 450 جنيها. بدأت القصة عندما واجه عادل أغا، مالك شركة أمنسيتو أمريكان هاوس مشاكل قانونية لفشله فى تسديد أكثر من 450 مليون جنيه كقروض أخذها من البنوك، قبل أن تقرر محكمة جنوبالقاهرة حبسه فى سبتمبر 2008 لمدة 15 عاما، إلا أنه كان قد هرب من البلاد قبل الحكم. وحاول أغا أن يصفى شركاته التى يعمل بها 5000 عامل، فى حين بدأت البنوك فى الحجز على ممتلكاته. ولمواجهة خطر تعرضهم للبطالة قرر عمال الشركة الاقتصادية للتنمية الصناعية، التابعة لأموسيتو، اللجوء إلى القضاء لطلب إدارة الشركة، وهو ما وافقت عليه المحكمة فى النهاية فى ثانى سابقة قانونية بعد قضية عمال مصنع المصابيح الكهربائية التابع لرجل الاعمال رامى لكح، الذين حصلوا على حكم قضائى بإدارة المصنع بعد هروب لكح فى عام 2001. يقول إبراهيم عثمان، أمين صندوق اللجنة النقابية التى تدير الشركة الاقتصادية للتنمية الصناعية، إن اللجنة نجحت فى رفع رواتب العمال بأكثر من 50%. إلا أن هذه التجربة واجهت مصاعب كبيرة فى الوقت ذاته بسبب الأعباء الهائلة من الضرائب وفوائد الديون، بالإضافة إلى تكاليف التأمين وفواتير المياه والكهرباء والغاز. ويوضح عثمان أن الإدارة العمالية الجديدة اضطرت إلى إغلاق ستة من مصانع الشركة التسعة، وهو ما نتج عنهم الاستغناء عن 1500 عامل، والإبقاء على 520 عاملاً فقط يديرون المصانع الثلاثة المتبقية فى الشركة. ويشير عثمان إلى أن أحد تعقيدات الإدارة الجديدة هو مشكلة التسويق، واضطرار العمال إلى مطاردة الزبائن والعملاء بأنفسهم والإنتاج بناء على الطلب فقط. ويقول إن إغلاق منافذ البيع والمعارض الخاصة بمصانع أغا زاد من صعوبة بيع منتجاتنا. ويضيف: «بعدما كنا نصدر إلى أستراليا وأمريكا، يقوم حاليا أجانب بشراء بضاعتنا وتصديرها للخارج». ويقول إبراهيم الحفنى، مفوض الشركة، إن مصانع النسيج تحتاج إلى رأسمال كبير لإدارتها، وهو ما نفتقده بشدة بسبب رفض البنوك اعطاءها أى قروض. ويضيف الحفنى أن مصير الشركة معتمد فى النهاية على المرونة التى تبديها البنوك وشركات الكهرباء والغاز لشطب بعض ديونها، وإلا أجبرت الشركة فى النهاية على الإغلاق وبيع معداتها وأرضها لتسديد الديون.