«أهدى هذا الكتاب أولا إلى قراصنة كتبى، فلا أعرف أحدا انتظر إصدارا جديدا لى كما انتظروه.. أنا مدينة لهم بانتشارى. فلولاهم ما فاضت المكتبات بآلاف النسخ - المقلدة طبق الأصل - عن كتبى». بهذه الكلمات صدرت الكاتبة الجزائرية «أحلام مستغانمى» إهداء أحدث كتبها «نسيان. Com». لتعكس جزءا من الصراع الذى تدور رحاه بين الكتب المطبوعة ونسخها الإلكترونية وقراصنة الإنترنت. وجاء إدراك «مستغانمى» للنسخ الإلكترونية من كتبها ليكشف عن الصراع الذى لم يصل بعد إلى ذروته فى مصر والعالم العربى، على العكس من الصراع الدائر فى الولاياتالمتحدة وأوروبا بين الكتب المطبوعة ونسخها الإلكترونية بشقى هذا الصراع القانونى وغير القانونى. فمع إصدار بعض الشركات لأجهزة قراءة رقمية تستخدم فقط من أجل قراءة النسخ الإلكترونية من الكتب ثار الجدل حول الصراع الذى سوف ينشأ بين الاثنين. وتفجر هذا الصراع بعد أن قامت شركة «أمازون» بحذف النسخ الإلكترونية لبعض روايات الكاتب الشهير جورج أوريل من على أجهزة القراءة الرقمية الخاصة بها بعدما تبين لها أن الشخص الذى زودها بهذه النسخ الإلكترونية لا يمتلك حقوق ملكيتها الفكرية - مثلما يحدث فى حالة أحلام مستغانمى على سبيل المثال مع الفارق بأن نسخ الكتب الإلكترونية العربية لا تباع وتطرح مجانا على المنتديات- وهو ما أدى إلى أن يقوم أحد مشترى الجهاز برفع دعوى قضائية ضد الشركة نتيجة هذا الحذف. وبعيدا عن الجوانب القانونية وحقوق الملكية الفكرية أدى ظهور أجهزة القراءة الرقمية وانتشارها الملحوظ فى الولاياتالمتحدة تحديدا إلى إثارة الجدل حول القضاء على الكتب المطبوعة بواسطة هذه النسخ الإلكترونية خاصة أن هذه النسخ تمتاز بانخفاض أسعارها مقارنة بالكتب المطبوعة فى وقت يشهد فيه العالم أزمة اقتصادية أدت إلى توقف بعض الصحف عن طبعاتها الورقية والاكتفاء بالنسخ الإلكترونية فيما قد يعده البعض مؤشرا على تفوق النسخ الإلكترونية على المطبوعة. ويتبقى وسط هذا الصراع النقطة الأهم التى قد ترجح كفة أحدهما على الآخر، وهى عادات القراءة عند القارئ وما تعود به الكتب الورقية عليه من إحساس قد لا توفره له النسخ الإلكترونية، بالإضافة إلى أن فارق السعر بين الكتاب المطبوع والنسخة الإلكترونية منه لا يعد كبيرا نظرا لأن تلك النسخ تخضع لقوانين الملكية الفكرية، ولعل هذا ما عبر عنه Robert McCrum فى الأوبزرفر البريطانية قائلا إن «الكثير من القراء قد يقررون دفع المبلغ الإضافى مقابل أن يحصلوا على الكتب ليشعروا بملمسها، يستنشقون رائحتها ويضعونها على الرفوف، فشراء كتاب يمثل للقارئ أكثر من قراءة نصوص رقمية، بالإضافة إلى أن الكتب المطبوعة قد تمثل نوعا من أنواع التواصل لمن تمثل لهم القراءة العامة نوعاً من أنواع الخبرة الاجتماعية»، متوقعا أن القراء «سوف يستخدمون تلك الأجهزة فى إلقاء النظرات العابرة على عناوين الكتب التى يريدون قراءتها ثم يقومون بامتلاكها بالطريقة التقليدية عن طريق شراء النسخ المطبوعة من المكتبات»، مضيفا أن هناك العديد من الناس سوف يكرهون أجهزة القراءة الرقمية لأن الشاشة مجرد وسيلة لا أكثر ولا أقل ولا تملك القدرة على التشبع التى يتيحها الكتاب المطبوع. ونظرا لأن النسخ الإلكترونية من الكتب العربية فى مصر والعالم العربى لا تباع ولا تشترى فإنها لا تحتاج إلى حقوق الملكية الفكرية، ولكن هذا حتى لا يعنى أنه يقلل من مبيعات الكتب المطبوعة فأغلب قراء النسخ الإلكترونية فى الغالب من الشباب الذين يفضلون إنفاق نقودهم على أشياء أخرى غير الكتب وهو الشىء الذى من المفترض ألا يدفع «أحلام مستغانمى» للقلق حول مبيعات كتبها المطبوعة فقراء الكتب المطبوعة يصعب عليهم تغيير عادات القراءة.