مأساة «إبراهيم السيد إبراهيم» مازالت مستمرة: يرقد إبراهيم داخل مستشفى المنيرة منذ 50 يوماً، منتظراً بدء العلاج بعد أن توقفت قرارات العلاج الخاصة به، وبعد أن أوهمه المسؤولون بتكلفهم علاجه من الشلل الذى أصابه.. بينما تعيش أسرته بإحدى قرى طنطا على معونات جيرانهم وأهالى الخير من أهل بلدتهم، لا تستطيع زوجة إبراهيم زيارته هى وأولادها بسبب عدم وجود المصاريف. التقت «المصرى اليوم» إبراهيم وقال إنه نشر قصته بإحدى القنوات الفضائية وأثناء حديثه فوجئ باتصال هاتفى من مسؤولى وزارة الخارجية وأكدوا أنهم لا يعلمون أى شىء عن قصته، وطلبوا منه الحضور إلى مكتبهم للتحقيق فى الواقعة واستخراج قرارات العلاج الخاصة به، وأضاف أنه توجه إليهم فى اليوم التالى، وتم التأكد من قصته، وبعد أن استخرجوا له قرار العلاج داخل مستشفى المنيرة لم يتم تنفيذه حتى الآن، وأضاف أنه لم يشاهد زوجته وأولاده منذ 50 يوماً، خوفاً من أن يخرج من المستشفى، ولا يعرف وقت العودة مرة أخرى، وطالب إبراهيم المسؤولين وأهل الخير بمساعدته وإيجاد فرصة عمل له، خوفاً من أن يمكث فى الشارع أو أن يجلس أمام أحد المساجد. كان إبراهيم «37 سنة».. سمكرى سيارات قد سافر إلى ليبيا فى سبتمبر 2007، وأحضر زوجته وابنيه إلى مقر عمله وألحقهما بمدارس فى المنطقة نفسها، وبعد شهرين أغلقت الورشة التى كان يعمل بها، والتحق بورشة يمتلكها مصرى وعمل بها لمدة 10 أيام فقط واقترب منه صاحب الورشة وطلب منه جواز السفر الخاص به لشراء طلبات على «الجواز» وإحضارها من الخارج وأخبره بأنها ملابس وبطاطين. وفى يوم التسليم - يقول إبراهيم - حضرت الرسالة من بنك معروف فى لندن، ودفعت الجمرك الخاص بها وقيمته 25 ألف يورو من أموال صاحب الورشة حضر 4 أفارقة من ليبيريا كانوا يعملون فى الورشة، وتوجهت معهم إلى سفارة بلادهم وأعطونى الطرد وخزينة أموال.. ورفضت تسلمه لأنه مخالف لما اتفقنا عليه.. كان الاتفاق أنه ملابس وبطاطين.. توجهت إلى السفارة المصرية وأخبرتهم بالتفاصيل.. وقالوا: لن نستطيع مساعدتك حتى نعرف ما بداخل الطرد.. وأعطانى رجل الأمن فى السفارة رقم القنصل «وئام بيه» وقال إنه ينتظر أن يعرف ما فى الطرد. فى تلك اللحظات - إبراهيم يتحدث ويتوقف ودموعه تخنقه- اتصل بى الأفارقة وصاحب الورشة وقالوا: «إن لم تأت سنقتل أولادك وزوجتك».. ذهبت إليهم وفتحوا الخزينة وكان بها أموال، عرفت فيما بعد أنها مليون يورو وكان مع المبلغ كتاب مكتوب فيه: «من الاتحاد الأوروبى إلى شمال أفريقيا للتشكيل تحت الهيكلى ومساعدة الدول النامية». وأكمل: أعطونى لحظتها 10 آلاف دولار، ممكن تقول عمولة، وألقوا بالكتاب فى القمامة، أمسكت بالكتاب والمبلغ وتوجهت فى اليوم التالى إلى «وئام بيه»- القنصل المصرى فى ليبيا- وسلمته الكتاب والمبلغ تركنى وتوجه إلى السفارة والتقيت السفير المصرى وقال لى: «انت ابن مصر ودى بطولة» وطلب منى أن أساعد الأمن الليبى لأسقط العصابة. التقيت ضباطا ليبيين بمعرفة السفارة وأعطونى هاتفاً محمولا لتسجيل المكالمات بينى وبين نسيم.. وقتها كانت الخزينة الموجودة بها الأموال فى الورشة.. واتصلت ب«نسيم» وقال لى إن الأفارقة سيعطوننى 100 ألف يورو كى أسلمهم الخزينة. فى الوقت نفسه كانت السفارة تتصل بى للاطمئنان علىّ وعلى أولادى من خلال «عمرو بيه».. وبعد 4 أيام تم القبض على الأفارقة ومبلغ المليون يورو وجهاز صغير.. تلقيت اتصالاً من «عمرو بيه» مستشار السفارة.. وقال: «سلمت العيال يا بطل.. هنعملك حفلة» وفى اليوم التالى.. حدث ما قاله «عمرو بيه» وقالوا لى ستأخذ 10٪ من قيمة المبلغ وكذلك 10 آلاف دينار من الحكومة الليبية. مر يومان واتصل بى شخص يدعى «يوسف» من لندن وقال: «سنذبحك أنت وأولادك حتى لو سافرت إلى مصر».. وأبلغت السفارة ب«الاتصال الجديد».. وحضر إلىّ رجال أمن ليبيون وأعطونى هاتفاً محمولاً وسافروا بى إلى لندن ووصلوا إلى المتصل.. حيث كان يتصل بى على نفس الرقم وأنا بجواره فى بنك بلندن ويظن أننى فى ليبيا.. وتبين أنه نائب لمدير هذا البنك.. ونشرت الصحافة الليبية صورا لى وكتبوا «الفرعون المصرى أسقط عصابة دولية قبل قيامها بتخريب فى طرابلس». كنت خائفاً على أولادى وزوجتى - هكذا يكمل إبراهيم - ولا أعرف أين ذهب صاحب الورشة أو كيف اختفى.. أرسلت أفراد أسرتى إلى مصر خوفاً من أى تطورات. وبعد 10 أيام كنت أنتظر المكافأة من السفارة أو من الحكومة الليبية.. حضر إلىّ اثنان من البحث الجنائى الليبى إلى قسم شرطة: «ليه يا مصرى.. ماخبرتناش قبل سفارة بلدك بالعصابة.. إنت الفرعون المصرى.. اللى صورك ملأت الصحف؟».. ولا أعرف حتى الآن عدد اللكمات والعصى الخشبية والركلات والإلقاء من مكان إلى آخر أو حتى عدد الذين اعتدوا علىّ.. كانت تصيبنى إغماءة وأفيق ليعود التعذيب والتكسير.. لم أشعر بشىء.. وجدتنى فى مستشفى الحوادث فى أبوسليم بطرابلس. وأخبرنى الأطباء بأننى عدت للحياة من جديد.. وأن صاحب مزرعة عثر على «كيس بلاستيك» كبير فى مزرعته وأننى كنت بداخله لا أتحرك.. كنت أنازع الموت.. ولم أعلم.. كيف وضعنى الضابطان فى «الكيس» أو متى ألقيا بى فى المزرعة.. مكثت فى المستشفى قرابة شهر مصاباً بكسور فى الضلوع والقدمين والذراعين والأنف وفى فقرات الظهر وجروح فى الوجه وتورم فى العينين. وقال إبراهيم إنه يرقد فى مستشفىالمنيرة ينتظر قرار علاج على نفقة الدولة وأن ذلك لم يحدث منذ 35 يوماً وأضاف أنه يقضى رمضان على «سرير المرض» وأبناؤه يبحثون عن طعام فى طنطا.