لم أقصد أبداً تصدير خوفى من حالة العنف التى تسود المجتمع إلى الآخرين، ولكنى أردت الصراخ حتى نلتفت، فالأمر يتحول إلى حالة من الكلام عبر الصحف ووسائل الإعلام المختلفة وبعدها يصبح العنف أمراً واقعاً نتعامل معه برضا وقبول. البعض يسألنى عن الحل، وكأن تغير سلوكيات مجتمع مسالم ومتدين إلى مجتمع سلبى عنيف غير مبال، أمر يسير على أمثالى، فيما هو يحتاج أولاً إلى فهم ما يحدث، ثم يشارك المجتمع بكل من فيه من علماء ومتخصصين فى رسم طريق المواجهة والعودة. فى تفاعل «المصرى اليوم» استوقفتنى رسائل عديدة، ولكن للمساحة شروطها الحاسمة، لذا فأنا مضطر للاكتفاء برأى صديقين مع الاعتذار للجميع. «والحق يقال إن ظواهر القتل العشوائى التى تحيا بيننا الآن تجعلنا نخاف من خيالنا القابع تحت أجسادنا وقت عمودية الشمس، بنفس درجة الخوف التى تنتابنا من خيالنا القابع خلفنا وقت قمرية الليل! ولكننا إذا ذهبنا إلى بحث ودراسة هذه الظاهرة بالمقارنة بما حدث وقت أن كانت الدنيا يحياها «6» أفراد فقط، سنجد أن نسبة جرائم القتل الحالية هى أقل بكثير «جداً» من نسبتها، عندما همَّ قابيل بقتل أخيه هابيل، بعدما «حلت» زوجته فى عينيه وأرادها زوجة له، فمن المعروف أن «حواء» حملت مرتين، فى الأولى كان المولود توأمين: «قابيل وأقليما»، وكانت الثانية أيضاً توأمين: «هابيل وليوثا».. فتزوج قابيل ليوثا «الأقل جمالاً» وتزوج هابيل أقليما «الأكثر جمالاً»، فثار قابيل على أخيه وقتله للفوز بكلتا الأختين «الجميلة والقبيحة فى آن واحد» طمعاً وحقداً وافتراءً وعنوة، ولك ما شئت من ألفاظ تساويها فى اللغة العربية!! فما بالنا والبشرية الآن قد تخطت رقم «6 مليارات نسمة» توارثوا حقد قابيل وطمعه وجنونه وإفساده وجبروته وجشعه، وما بالنا وقد أفرزت جيناتهم سلالات أكثر حقداً وطمعاً وجشعاً من جينات أبيهم قابيل!.. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن إحالة أمر ظاهرة القتل العشوائى، التى نعيشها الآن، إلى الفقر وإلى الخللين الأمنى والاجتماعى هى إحالة فى غير موضعها، خاصة إذا تذكرنا حادثة قتل سوزان تميم ومرتكبيها، أو حادثة قاتل زوجته وولديه فى النزهة، أو حوادث قتل الأبناء لأبيهم بسبب الإرث الفائض والزائد، أو حوادث قتل الزوجة الخائنة لزوجها أو الزوج الخائن لزوجته وهم كثر!.. وأخيراً فإن الحرص واجب، والخوف ضرورى، ولكن المؤكد لدى أن الإنسان قد فشل فى حمل الأمانة فصارت الدنيا أكثر ظلمة، وصرنا نحن أكثر عرضة لحوادث قتل غاشمة وغير مبررة، إلا أنها نتيجة حقد وطمع غير مبررين لإنسان مؤمن بالله حق الإيمان، وهو الإنسان المفقود بيننا.. فهل له من عودة؟!». سعيد سالم «أرجع الأسباب لنا جميعاً أولى الأمر والمنحرفين.. على حد سواء.. أولاً على مستوى الدولة أسأل: سيدى لماذا تم تخفيف المنهج فى مادة التربية الدينية بالمدارس بعذر أن المناهج كثيرة ولا يتحملها الطالب؟.. لماذا سيدى فى الأبنية المدرسية توجد حجرات لجميع الأنشطة ولا توجد دار عبادة كما كنا فى مدارس أمس؟.. سيدى لماذا لا يتواجد مدرس للأنشطة بالمدرسة لتوجيه العنف إلى سلوك إيجابى لا ملاعب ولا متخصصون؟.. ثم تعال للمساجد: لماذا تغلق بعد كل صلاة خشية من التطرف.. أم خشية من التنوير؟ تعال وادخل معى، تفضل أنت مدعو للزيارة لأسرة مصرية لأب متعلم وأم كذلك.. تعال فى صباح يوم هل يوقظ الأب أبناءه للصلاة أم يخشى عليهم القيام إما من البرد أو أى سبب واه؟.. أأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليهم، قلائل هم فقط من يهمهم صلاة أطفالهم من سن صغيرة!.. سيدى تعال لنذهب بهم إلى العمل: الأب يترك المنزل تقريباً طوال اليوم وعند عودته فهو كم مهمل، أو مجرد شىء مسلم به أو بما يقوم به من التزامات دون أن نتقدم له ولو بكلمة طيبة أو لفتة حنان تجعله يتحمل ما يتحمله، لأنه عائد مكفهر متعب من العذاب الخارجى، له بوذ يقطع الخميرة من البيت، لا توجيه لأطفاله ولا متابعة.. ثم وسائل الاتصال بالعالم الخارجى من منازلهم: فضائيات تبعث الهوس، وفنون فى أشكال الجريمة توجد تبلداً فى المشاعر وازدياداً فى العصبية وننتظر أن يكون الخبر التالى هو الكرب.. راح طعم السعادة من فم الإنسان ولا يوجد غير طعم المرار. هذا غير أخبار الحروب من كثرة رؤيانا للدم هان علينا سيدى القتل وتبرير الحروب وعدم الثقة فى المؤسسات.. هذا غير الشبكة العنكبوتية ولم يخطئ من اختار اسمها، «والمجتمع الافتراضى وما يفعله بالفرد أصبح فردياً انعزالياً بعيداً عن أهله ولو متواجد فهو بجسده فقط.. أصبح المصرى اليوم «أقصد الإنسان وليس جريدتكم الغراء» عصبى المزاج حاد الطبع.. لأنه لا يجد متسعاً للتنفس، فهو قيد لقمة عيشه وذليلها: الإحساس بالعجز نتيجة الغلاء، وقلة الموارد وزيادة المستهلك وضيق ذات اليد، اختفاء جميع سبل الراحة واستحواذ البعض دون البعض، بما جعل الأمر استفزازياً.. الإعلانات عن منتجات ومنتجعات وأماكن سهرات وشاليهات وقصور، والمتفرج لا يملك ثمن قوت أولاده.. هذا غير التزوير فى كل شىء جميل وتقبيح الجمال واستساغة القبح.. غياب العدالة وبطء إجراءات التقاضى.. العنف سيدى سببه الإحباط الذى يعيشه الفرد.. ومع ذلك فهذه أسباب لا تبرر إزهاق روح بريئة، وليكن كل منا أكثر حرصاً على حياته وأبنائه، لا يعتمد على المؤسسات الأمنية فى الحفاظ على أمننا فهى فى غياهب حماية السلطة». [email protected]