جاء قرار محافظ القاهرة بإلغاء مولد السيدة زينب هذا العام كصدمة قاسية وغير مفهومة للعديد من المصريين الذين يتوافدون من كافة أرجاء الوطن للاحتفال بمولد «أم العواجز». وبينما تصاعدت الاعتراضات الغاضبة من الطرق الصوفية وعامة الناس المحبين للسيدة والمعتادين على الاحتفال بمولدها فقد جاء موقف مشيخة الطرق الصوفية واللجنة الدينية بمجلس الشعب مؤيدا للقرار ومرحبا ومهللا بالحكومة طيبة القلب الخائفة على مصلحة الشعب والحامية إياه من أنفلونزا الخنازير. فقد أكدت مشيخة الطرق الصوفية تأييدها للقرار كما صرح الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس اللجنة الدينية بمجلس الشعب وعضو المجلس الصوفى ممثلا للأزهر بالتجاوب التام مع قرار وزارة الصحة ومحافظة القاهرة، وقال سنرسل بيانا للمحافظ نؤكد الالتزام بالحفاظ على المصلحة العامة وصحة المواطنين. وعلىّ أن أعترف أننى قد دهشت بشدة (والحكومة قادرة دوما على إدهاشى) للسرعة فى اتخاذ وتنفيذ القرار. ومصدر الدهشة هو أننى لم أجد رد فعل مشابها فيما يتعلق بالحج والعمرة حيث يتكدس ملايين المسلمين. والمتتبع لهذا الأمر يجد موقفا مختلفا تماما على المستوى الرسمى المصرى سواء من جانب الوزارات المعنية أو شيوخ الأزهر الذين تركوا الأمر لأولى الأمر وأصدروا تصريحات بين بين لا هى تحمل تحذيرا ولا منعا ولا ترحابا كذلك كأن المصريين الذاهبين إلى السعودية لأداء المناسك مسؤولون عن أنفسهم والحكومة مالهاش دعوة لأن لها دعوة فقط بالمصريين داخل الحدود المصرية! والأمر المثير للدهشة لا يجب أن يكون مدهشا بالمرة لأن مصالح اقتصادية وسياسية لها دور أساسى فى عدم إصدار أى تحذير بخصوص السفر إلى الحج والعمرة: شركات السياحة المصرية التى ستتضرر، وشركات الطيران، والسعودية نفسها التى ستخسر المليارات فى حالة إصدار قرار بمنع سفر للمصريين أو حتى تحذير صغير على قد الحال. إيش جاب لجاب فكيف يتأتى لنا أن نقارن بين كل تلك المصالح المتشابكة فى حالة السعودية وهؤلاء المصريين الغلابة الذين يتبركون بالسيدة ويأكلون اللحم فى مولدها وهؤلاء الذين يلتقطون بعض الرزق فى تلك الأيام المفترجة وغيرهم الذين يستمعون للإنشاد الدينى ويلفون فى حلقات الذكر بعنف كفيل بإسقاط جزء من أطنان القهر التى تثقل أكتافهم. وتثور فى الذهن أسئلة عدة تحمل مقارنات وتبحث عن قدر من العدل فى هذا الأمر. من حق مريدى السيدة ومرتادى مولدها أن يتساءلوا ليس فقط عن غياب حالة الفزع من أنفلونزا الخنازير فيما له علاقة بموسم الحج والعمرة ولكن أيضا عن أين كانت الحكومة فى مولد سيدنا الحسين الذى جاء فى عز موضة الفزع من أنفلونزا الخنازير. وعما إذا كانت الحكومة ستطبق مبدأ المواطنة وتمنع مولد السيدة العذراء الذى يقترب موعده فى هذا الشهر وهو الأمر الذى طالب به بالفعل محافظ القاهرة! وهل سيطالب السيد المحافظ أو غيره من السادة المسؤولين أيضا بمنع التجمهر فى صالات السينما والمسارح وحفلات الموسيقى، لا ولا ماتشات الكرة، بلاها كرة ماذا عن ملايين المصريين مستخدمى مترو الأنفاق كل يوم، أم أن هذه نقرة وتلك نقرة أخرى؟! وأكد الدكتور أحمد عمر هاشم أن أولياء الله الصالحين وأصحاب الموالد يتبرأون ممن يتسبب فى نشر وباء أنفلونزا الخنازير وقال «إننى أدعو الصوفية فى مصر بالاحتفال الرمزى فى المساجد بقراءة الفاتحة للسيدة زينب، والتأسى بسيرتها العطرة وسيرة آل البيت دون مخالفة قواعد الدولة». الحقيقة من حق الناس أن تعرف رأى د.هاشم فى الحج والعمرة والتجمع فى ماتشات الكرة ومترو الأنفاق، وهل يعرف يقينا رأى أولياء الله الصالحين فى هذا الأمر! فى مصر المدهشات لم تعد كذلك فعادى جدا أن نرى فى ميدان السيدة زينب لوريات الأمن المركزى وجنوده الغلابة يهدمون خيام المولد على رأس الناس ويحاصرون المصريين الغلابة كى يمنعوهم من الرقص فى حلقات الذكر وأكل طبق فتة. عموما عاشت مصر حرة مستقلة!
