«نعم مطلقة ولا أخجل» هذه هى الرسالة التى وجهتها مجموعة من المطلقات فى مصر والعالم العربى من خلال الحملة التى أطلقتها تحت عنوان (مطلقة ولا أخجل) ردا على الحملة التى أطلقها مجموعة من الشباب الذين رفعوا شعار «لا تتزوج مطلقة» مستخدمين عبارات ساخرة مثل (الجديد أفضل من المستعمل) ويدعون الرجال للارتباط بامرأة لم يسبق لها الزواج من قبل على أساس أن البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل، ولهذا كان للمطلقات حق الرد بنفس الوسيلة الإلكترونية مؤكدات أن لكل امرأة ظروفها الخاصة التى تدفعها إلى الطلاق إضافة إلى أن الله تعالى لم يجرم الطلاق لكنه يبغضه، ولكن هذه الحملة واجهت العديد من التعليقات العنيفة والتى تحمل كثيرا من الإساءة للسيدات المطلقات حتى إن بعض هؤلاء الشباب دعا إلى إنشاء «جروب» ضد المطلقات وفضحهن وتشويه صورتهن. تقول إحدى عضوات مجموعة (نعم مطلقة ولا أخجل) : مع الأسف تظل المطلقة فى عالمنا العربى، برغم كل محاولاتها الانتفاض والثورة على التقاليد ونظرة المجتمع الدونية لها، كالفريسة الهاربة من الصياد تتلفت يمينا ويسارا محاولة تبرير كل تصرفاتها فتتحول حياتها إلى سجن كبير. وتقول الدكتورة إيناس أبو يوسف، مديرة مركز بحوث دراسات المرأة والإعلام بكلية الإعلام جامعة القاهرة، إن هناك إشكالية خطيرة تسببت فى ظهور هذا النوع من الحملات التى تشن هجوما على المرأة وليس على المرأة فقط بل تقريبا على كل شىء وأهمها الضغوط الاقتصادية والبطالة والفراغ التى يعانى منها الشباب وهذا ما نسميه العامل الهروبى الذى جعل البعض يفرغ طاقته فى استعداء الآخرين وانقسم المجتمع لجزيئات الكل أصبح فى مواجهة الآخر، مما جعل دائرة العنف تتسع بكل أشكاله حتى العنف اللفظى، فهناك مثلا الكثير من الفتيات يتعرضن يوميا لسماع ألفاظ خادشة للحياء فى الشارع. كما ترى أنه بالرغم من أن القيم السلبية المتمثلة فى نظرة الناس والمجتمع للمرأة المطلقة موجودة منذ فترة طويلة فإن الإنترنت باعتباره وسيلة سريعة الانتشار ساهم فى تفاقم المشكلة وظهور سلوكيات سلبية جديدة تشير لوجود تضارب فى القيم. وتضيف: للأسف لدينا موروثات مجتمعية لا علاقة لها بالدين، فالمرأة المطلقة فى مجتمعنا هى المسؤولة الأولى عن الطلاق بينما لا لوم مطلقا على الرجل، وبرغم أن الله سبحانه وتعالى أحل الطلاق فإن المجتمع يقيد حرية المرأة فى طلب الطلاق حتى وإن كانت ستكمل مشوار حياتها مع زوج خائن أو بخيل أو كاذب، وحتى الفتاة المغتصبة كانت فى نظر الناس إلى وقت قريب هى المسؤولة عن اغتصابها ولا يمكن أن نتجاهل نظرة المجتمع الظالمة للفتاة التى تجاوزت الثلاثين وإطلاق لقب (عانس) عليها الذى أتمنى أن يختفى هذا اللفظ من قاموسنا للأبد لأنه يعكس حالة من اللاوعى لدى الناس بالظروف التى أدت إلى تأخر سن الزواج كما أنه يصادر على حق كل فتاة فى اختيار التوقيت الأنسب للارتباط بشريك العمر وتأسيس حياة زوجية على أساس سليم، وتتسع دائرة العنف ضد المرأة لتشمل المرأة العاملة التى تتهم الآن بأن خروجها للعمل جاء على حساب تربية أبنائها وتنشئتهم تنشئة اجتماعية سليمة مع أن معظم الأبحاث والدراسات أثبتت أنه لا علاقة بين عمل الزوجة وتفكك الأسرة أو انحراف الأبناء. وترفض الدكتورة إيناس فكرة الحملات النسائية للرد على ما يقال عنها، مشيرة إلى أن دخول المرأة فى تلك المهاترات لن يفيدها بشىء، وعليها أن تتجاهل هذه الحرب الشعواء وتحافظ على اتزانها النفسى، أما الدور الأساسى فيقع على الإعلام فى مواجهة تلك المشاكل من خلال تكريس الخطاب الدينى وتوعية الشباب وحثهم على التمسك بأخلاقيات دينهم وبقيم التسامح، لأن شباب اليوم هم رجال الغد، وإذا أردنا أن تتغير تلك الصورة النمطية عن المرأة عامة فلابد أن نكون قدوة لأبنائنا وأن نزرع فيهم منذ الصغر ضرورة احترام المرأة وصيانة كرامتها وهذا ما يجب أن تقوم به الأسرة وكذلك كل مؤسسات التنشئة الاجتماعية.