قبل أسبوعين كتبت فى هذه الزاوية عن ظاهرة بيع الوظائف التى تفشت فى مصر، وأصبحت، رغم صعوبة إثباتها وضبطها، من العلم العام فى المجتمع، يعرفها الذى يعمل والذى يبحث عن عمل، ولها أسواق وعصابات تديرها بشكل علنى فى أماكن العمل وعلى المقاهى. وقد جاءتنى تعليقات كثيرة على ما كتبت، أهمها ما كتبته السيدة «ندى» من دمنهور بمحافظة البحيرة فى رسالة قالت فيها إنها أرملة فى الستين من عمرها، وأم لبنتين وولدين، وقد بذلت المستحيل لتأمين وظيفة لابنها الكبير «كريم»، الذى حصل على دبلوم صناعى قبل حوالى 5 سنوات، حيث تقدمت بأوراقه إلى فرع إحدى الشركات القابضة فى دمنهور، وبعد إجراء المقابلة الروتينية مع ابنها أخبرها أحد موظفى الشركة بأنه لا تعيين إلا بواسطة أو رشوة. وبعد بحث طويل دفعت 7 آلاف جنيه لعضو مجلس شعب أخبرها بأنه سيقوم بتوصيلها إلى مدير مكتب رئيس الشركة، وتؤكد السيدة «ندى» أنها قابلت مدير المكتب وأخبرته بما حدث، فطلب منها دفع 5 آلاف جنيه إضافية لأن عضو مجلس الشعب أخذ المبلغ الأول لنفسه، وظلت لعدة شهور حائرة بين الاثنين، وعندما عجزت عن تدبير الخمسة آلاف جنيه اضطرت إلى إبلاغ النيابة الإدارية والرقابة الإدارية والنيابة العامة، وتم التحقيق فى بلاغها، ولأنها لا تملك أى إثبات يؤكد صحة أقوالها تم حفظ البلاغ، وانتهى الأمر إلى رفض قاطع ونهائى لتعيين ابنها فى الشركة عقاباً لها على فعلتها، وراح مبلغ السبعة آلاف جنيه الذى تحصلت عليه من بيع مصاغها. وتحت عنوان «حدث معى» يقول الأخ محمد نبيل فى تعليق له على المقال: «فى عام 1986 ذهبت إلى عضو مجلس شعب لإيجاد وظيفة، علماً بأننى خريج إحدى الكليات العملية، فطلب منى النائب دفع 500 جنيه، أو تعليق لافتات له بمثل المبلغ، فرفضت وسافرت للخارج منذ هذا الوقت، وحققت كل ما أريد وأتمنى أن أعود ولا أجد واسطة، ولكن يبدو أن هذا لن يتحقق إلى يوم القيامة». وتعلق القارئة «ريهام طه» على ما كتبته بقولها: «الأخطر من ظاهرة بيع الوظائف فى مصر، هى حكاية أبناء العاملين الذين لا يملكون أى مؤهلات سوى أنهم أبناء فلان أو علان، ويكفى أن أذكر أنه فى إحدى السنوات السابقة كنت أتدرب فى جريدة قومية كبرى جداً، وذات يوم صدر قرار مفاجئ بالاستغناء عن كل المتدربين، وكان المشرف على تنفيذ القرار صحفياً كبيراً قام بتعيين ابنته صحفية كبيرة فى أحد إصدارات المؤسسة ذاتها.. فأى تناقض وأى ظلم؟ حسبنا الله ونعم الوكيل». وفى رسالة غاضبة تسألنى «مواطنة مصرية»: «إنت لسه فاكر تكتب عن بيع الوظائف وعن بحث الناس عن (فاسد مضمون) يأخذ أموالاً ويوفر وظائف لأبنائنا؟ يا أستاذ هل تعرف أن سعر الوظيفة المؤقتة التى لا يزيد راتبها على 120 جنيهاً فى إحدى الوزارات المهمة، وصل الآن إلى 8 آلاف جنيه؟!.. وأن أحد وكلاء هذه الوزارة خصص ثلاثة موظفين فى مكتبه لتقاضى هذه الرشاوى، وأن واحداً من هؤلاء الموظفين لا يتعامل إلا مع الفتيات الباحثات عن وظيفة، وأنه يقوم بمساومة الجميلات منهن على الالتقاء به خارج العمل؟!.. يا أستاذ اسمح لى بأن أقول لك إنه لا فائدة من كل ما تكتبه طالما أنك لا تجرؤ على ذكر اسم مسؤول واحد من هؤلاء الذين يبيعون الوظائف لأبناء الشعب». [email protected]