قال التقرير الذى يصدره المجلس الوطنى للتنافسية سنوياً،إن الأزمة المالية تضع ضغوطاً رهيبة على مواطن الضعف القائمة فى الاقتصاد المصرى قبل الأزمة، والتى تتمثل فى مخاطر ضخامة العجز المالى، ومحدودية الحيز المالى وارتفاع التضخم. وأكد التقرير الذى من المقرر أن يناقش اليوم، فى ندوة يعقدها مجلس التنافسية المصرى أن الأزمة المالية تعتبر بمثابة اختبار لمدى قدرة الأسس القوية للاقتصاد المصرى على التحمل فى ظل تباطؤ معدلات النمو فى العالم والتى تدفع الاقتصاد المصرى معها إلى أسفل . وأشار التقرير إلى أنه رغم تحسن نسب الدين المحلى مقارنة بالدول النامية الأخرى، وانخفاض دين قطاع الموزانة المحلى الصافى من 67.4% فى يونيو 2004 إلى 53.4% فى يونيو 2008،والدين العام المحلى الصافى من 46.8% إلى 43.1% خلال نفس الفترة، إلا أن تلك المعدلات تبلغ ضعف مثيلاتها فى دول مثل الهند والمغرب والبرازيل والمكسيك وتونس. وحث التقرير الحكومة على تبنى توليفة مناسبة من السياسات المالية والاقتصادية الكلية حيال مواطن الضعف فى الاقتصاد فى المدى القريب، مع تعزيز تنويع هذه الخيارات، فضلاً عن تطبيق المزيد من الإصلاحات الهيكلية خاصة المتعلقة بالموازنة وتنويع الاقتصاد وزيادة قدرته على تجنب الصدمات فى المستقبل. وقال التقرير إن الدولة الوحيدة التى لديها نسب مالية أسوأ من مصر هى سريلانكا حيث بلغت نسبة العجز 6.8%،ومن المتوقع أن ترتفع إلى 6.9% مع اتخاذ الحكومة إجراءات مالية تحفيزية مضادة للتقلبات فى الدورة الاقتصادية. وحذر التقرير من زيادة الدين العام وزيادة عجز الميزان التجارى فى حالة التوسع فى الإنفاق العام فى ظل بيئة الاقتصاد المصرى التى تتسم ببطء النمو وارتفاع التضخم وسعر الفائدة المقترنة بضغوط لخفض سعر الصرف وغيرها من العوامل التى تضع تساؤلات قوية أمام الحكومة التى تجد نفسها مطالبة بالتوسع فى الإنفاق المالى لتحفيز الاقتصاد دون أن يستوجب ذلك ارتفاع التضخم أو مزيد من الاقتراض الخارجى والمحلى. ولفت التقرير إلى إمكانية تأخر الانتعاش الاقتصادى فى مصر حتى 2010 /2011 بعد أن يكون باقى العالم قد تعافى اقتصاده علاوة على أن الزيادة فى معدلات النمو ستكون بطيئة نسبياً، مشيراً إلى تباين الفترة اللازمة ليؤتى الإنفاق الحكومى بالنسبة للمشروعات الاستثمارية ثماره فى الاقتصاد. وركز التقرير على ضرورة إتباع الحكومة لسياسات إصلاح طويلة المدى تركز على تحسين مناخ الأعمال، وتحسين سوق العمل عن طريق توفير الدعم والمساندة للعمال فى إطار عملية الإستجابة لتطور الاقتصاد. ولفت التقرير إلى أن انخفاض الاستثمارات الأجنبية بصورة ملحوظة من 14.2 مليار دولار فى الفترة من يوليو إلى ديسمبر 2007 إلى 6.1 مليار دولار فى الفترة نفسها من عام 2008، مشيراً إلى أن تحويلات العاملين من الخارج خلال الفترة المقبلة سوف تعكس مدى الأزمة على أحد الموارد الرئيسية للنقد الأجنبى. وقالت الدكتورة سحر البهائى،أستاذ الاقتصاد فى المعهد القومى للتخطيط إن الأسباب التى ذكرها التقرير من ضعف مستوى التعليم، وتدنى إنتاجية العامل كانت السبب الأساسى وراء تراجع مصر على مؤشر التنافسية، مؤكدة أن مصر لن تكون الأفضل بين دول العالم فى الفترة المقبلة طالما استمر الوضع الحالى من ضعف الإنتاج . وانتقدت البهائى هيكل الصادرات المصرية،مشيرة إلى أنه يعتمد فى جانب كبير منه على تصدير الخضروات والفاكهة،موضحة أن السنوات الأخيرة شهدت رفض العديد من الرسائل التصديرية نتيجة عدم مطابقتها للمواصفات الدولية. من جانبه، قال وزير التجارة والصناعة، رشيد محمد رشيد، إنه لا يمكن تجاهل أن الأزمة ألحقت خسائر ملحوظة بالاقتصاد المصرى وخفضت من معدلات النمو المتوقعة. وأضاف رشيد فى تصريحات ل«المصرى اليوم»، أن ما يدعو للتفاؤل أن هذه التداعيات كانت منخفضة عن أسوأ التوقعات الحكومية، مشيراً إلى أن نسبة التراجع فى الصادرات بلغت 7٪ فقط رغم - توقعه الشخصى - بأنها ستتراوح ما بين 15 و20٪. وأشار وزير التجارة إلى أن ما كان يدعم وجهة نظره هذا التباطؤ الذى ضرب حركة التجارة العالمية وبلغ 25٪ فى الشهور الأولى للأزمة الاقتصادية العالمية. واتفق رشيد مع التوصيات الواردة فى تقرير التنافسية 2008، خاصة ما يتعلق برفع معدلات التنمية البشرية، وهو ما يمثل المؤشر الرئيسى لتحقيق معدلات النمو التى يستهدفها الاقتصاد المصرى خلال السنوات القادمة. وقال رشيد إن عمليات التغير المصاحبة لآليات التنمية البشرية صعبة للغاية ومعقدة، لأننا نرتبط بأبعاد مختلفة تبدأ من التعليم وتنتهى بمؤسسات العمل، مؤكداً: «التنمية البشرية ليست قوانين يتم تغييرها بين ليلة وأخرى، بل عملية تستغرق سنوات طويلة يجب علينا انتظار نتائجها».