انفض مولد كأس القارات ولم ينفض مولد الإعلام المصرى حوله ما بين سعيد وفرحان بالعروض المصرية أمام البرازيل وإيطاليا مع قليل من الحزن على الهزيمة القاسية أمام أمريكا، وفريق آخر يرى أن المحصلة النهائية كانت فوزاً وهزيمتين. ولذلك لا داعى لكل هذه الدعايات لمنتخب مصر، وللأسف الشديد أرى أن الكل مخطئ، فنحن قد هزمنا أبطال العالم فى مباراة رسمية، وهو أمر نادر الحدوث، ونحن أيضاً لعبنا وخسرنا بشرف وكرامة أمام البرازيل، وبصرف النظر عن الهزيمة أمام أمريكا، فإن المحصلة فى النهاية جاءت مرضية، لأننا تخلينا لأول مرة عن نغمة التمثيل المشرف قولاً وطبقناها عملياً فى البطولة، وأعود للرأى الآخر الذى يؤكد أن ما قدمه المنتخب لا يستحق كل هذه الإشادة، فأؤكد أنه أيضاً على خطأ، ولكنى أتفق معه فى أنه من غير المقبول أن يقام مهرجان شعبى وجماهيرى فى بورسعيد بحضور عدد من كبار المسؤولين والنجوم لتكريم لاعبى منتخب مصر، فهذا الأمر غير مقبول أبداً، فنحن لم نفز ببطولة، فقط، قدمنا عروضاً طيبة استحقت منا الإشادة والسعادة. أما التكريم واصطحاب الفنانين وتبادل الجميع لإلقاء الكلمات والمبالغة فى الاحتفالات، فهذا أمر غير عادى، بل إننى مندهش ممن شارك فيها، اللهم إن كانت هذه الاحتفالية لتبرئة ساحة لاعبى مصر من اتهامات صحف جنوب أفريقيا للبعض منهم، وهى التهمة التى تبارينا جميعاً فى نفيها بل الإشادة بأبنائنا بالدليل بالصوت والصورة، ويكفى اللاعبين وجهازهم الفنى والإدارى مظاهرة الحب عبر جميع وسائل الإعلام للإشادة بسلوكياتهم وعطائهم اللامحدود لمنتخب مصر. كما يكفيهم أيضاً أن أحداً لم يتكلم عن أخطاء فنية أو خطة مباراة، فقط تركز الحديث عن مآثر وعطاء لاعبى مصر، وهو ما يستحقونه لما قدموه طوال الفترة السابقة من انتصارات وإنجازات لا ينكرها إلا جاحد مهما اختلفنا فى الرؤية الفنية، فهذا حق للجميع. ولكن دعونى أتناول أيضاً ما تناولته بعض وسائل الإعلام من هجوم وصل إلى درجة التجريح لإعلامى مصرى اكتسب احترام الجميع بجرأته وشجاعته، وأحياناً أخرى بمبالغته فى إثارة قضايا تهم الشارع المصرى بل العربى أيضاً، وتعالوا بنا نحلل الخطأ، وأيضاً نحاول أن نجد له مبرراً، فعمرو أديب لم يخترع خبراً، بل استشهد بصحف من جنوب أفريقيا. أى أن الأمر لم يكن فبركة أو اجتهاداً شخصياً، هذا أولاً، وثانياً هناك بعض المواقع نشرت الخبر بناء على هذه الصحف، فتم تداوله عبر المنتديات والمواقع، وثالثاً البعثة المصرية نفسها لم تعلق على ما كتب هناك سوى ببيان من بضعة أسطر لم يكن كافياً أبداً لرد الاعتبار لكل أفراد البعثة المصرية الشريفة، وأخيراً كانت هناك حالة من الغضب والضيق لدى أديب من الخسارة الثقيلة للمنتخب الوطنى أمام أمريكا وخروجه من كأس القارات. هذه هى مبررات الإعلامى عمرو أديب، ولكن هناك أخطاء أيضاً للإعلامى عمرو، أولها أنه لم يتأكد من الخبر، وثانيها أنه يتمتع بصداقة وعلاقة وطيدة مع كل أفراد البعثة، وعلى رأسهم سمير زاهر رئيس الاتحاد، وأنه دائم الاتصال بهم، وثالثها أنه من داخل نفسه يعلم تماماً أنه من المستحيل على أى من لاعبى مصر أو البعثة بالكامل أن يفكر ولو للحظة فى الخروج عن النص لأسباب كثيرة يعلمها عمرو وكل مواطن مصرى، وهى باختصار أنهم يحملون اسم وشرف مصر فى كل رحلاتهم، ولم نسمع أبداً شيئاً يسىء لسمعتهم فما بالك إن كان هذا المحفل هو كأس العالم للقارات، من هنا -ومن وجهة نظرى الشخصية- كان الخطأ الذى وقع فيه عمرو أديب بدافع انفعاله جائزاً ولا أجد بصراحة أى دافع غير ذلك، فقد تعرضت شخصياً لهجوم جارح من عمرو أديب فى إحدى المناسبات، وذلك لفرط حبه وتقديره لمنتخب مصر وجهازه الفنى. وما زالت آثار هذا الهجوم تلقى بظلالها على العلاقة الشخصية التى تربطنا، ولكنها أبداً لا تمنعنى من أن أكون مشاهداً لبرنامجه الناجح، بصرف النظر عن اختلافى معه فى الكثير من الآراء ووجهات النظر، لذلك لا أرى أبداً سبباً واحداً لاستمرار الحملة على نموذج إعلامى ممتاز نجح فى قضايا كثيرة وأخفق فى قضية ثم عاد واعتذر عنها فى شجاعة يُحسد عليها، ومن هنا أطالب الجميع بأن يغلقوا مولد القارات ويستعدوا لمولد آخر أشد صعوبة وأكثر سخونة وهو مولد ما بعد تصفيات كأس العالم أرجوكم افهموا. ■ ■ ■ أجد أنه من الضرورى أن أتحدث عن الانتخابات سواء فى الأهلى والاتحاد أو الترسانة، وهى أندية ذات شأن وقيمة كبيرة فى الشارع الرياضى فى مصر والعالم العربى، ولنبدأ بالأهلى والانتخابات التى تبدو هادئة للجميع، وهى بالفعل كذلك، باستثناء الصراع على مقعد داخل مجلس الإدارة، ولكن أصبح لزاماً علينا أن نقول لماذا اكتسب حسن حمدى كل هذا التقدير والاحترام من أعضاء الجمعية العمومية بالأهلى، الأسباب كثيرة، وأولها أنه أبعد ما يكون عن الإعلام والبروباجندا. وثانيها أنه أعاد للأهلى الشكل الجميل والوجه الرائع لنادى القرن. وثالثها أن الإدارة فى الأهلى أصبحت نموذجاً للاحترام والعمل الهادئ بعيداً عن المؤثرات بكل أنواعها. ورابعها -وهو الأهم- أسلوب العمل الجماعى داخل النادى الأهلى، وهو ما أدى إلى تقوية حسن حمدى ومجلس إدارته، وبالتالى فلن يجد الرجل صعوبة تذكر فى إقناع الجمعية العمومية بما يطلبه فى المرحلة القادمة. أما الاتحاد السكندرى، فالكل يجمع على أن محمد مصيلحى قد نجح باقتدار فى قيادة سفينة النادى إلى بر الأمان لأول مرة منذ سنوات طويلة، فلم نسمع عن مشاكل أو أزمات مثلما كانت العادة داخل مجلس الإدارة، وأيضاً تغير وجه نادى الاتحاد السكندرى تماماً، وعادت إليه البطولة الأهم وهى دورى كرة السلة. كما وصل الفريق إلى نهائى كأس مصر فى كرة القدم واطمأن تماماً لموقفه فى الدورى العام مبكراً لأول مرة منذ سنوات طويلة، ناهيك عن الطفرة الإنشائية لنادى الاتحاد السكندرى رغم قلة الإمكانيات، وأعتقد أن مكانة مصيلحى كنائب فى مجلس الشعب هى التى أعطته الصلاحيات الكاملة لإقامة علاقات قوية مع جميع المسؤولين، ساعدته على الوقوف بقوة خلف الفريق. ناهيك عن مساهمته الشخصية فى الكثير من الصفقات الرياضية، وهو ما ساعد النادى على الاستقرار، وهذا ما لمسناه من تواجد طه بصرى وباقى الأجهزة الفنية، بالإضافة إلى عودة الطيور المهاجرة مثل عمرو أبوالخير، الذى قاد الاتحاد للفوز بدرع السلة، ناهيك أيضاً عن أن مصيلحى لم يعد فقط الأب الروحى داخل النادى ومعه مجلس الإدارة، بل أيضاً فى بحثه وسعيه للإفراج عن بعض المشجعين وغير ذلك الكثير والكثير. أما الترسانة فلا يمكن أن أتحدث عن حسن فريد بمفرده، ولكن لابد أن أتكلم عن سيد جوهر نائب الرئيس، فلم أجد ثنائياً متفاهماً مثل الاثنين، فحسن فريد له كل الصلاحية فى النشاط الرياضى، يكد ويصرف ويجتهد بمفرده وسط عالم ملىء بالصراعات والإمكانيات ويقف بكل أسف منفرداً يواجه كل الأعاصير بمجهوداته الذاتية، التى أثمرت عن صعود الفريق للدورى الممتاز ثم البقاء أكثر من موسم. وكاد أن يستمر هذا العام لولا الكثير من الأحداث التى يعرفها ويعلمها الجميع، ثم إن الرجل جعل للترسانة مذاقاً جميلاً فأصبح نادياً اجتماعياً من الطراز الأول، ولم نسمع أبداً كلمة أو حرفاً من داخل نادى الترسانة عن سلوكيات خارجة أو تصرف خارج عن المألوف، وهنا لابد أن أشيد بدور النائب سيد جوهر الذى يعتصر قلبه عشقاً للترسانة، ولم لا فهو ابن ميت عقبة الوفى، الذى يرد الدين لناديه بكل الحب. وأشهد أنه يستغل مكانته كرئيس للجنة الشباب بمجلس الشعب فى الحصول على أى مزايا للترسانة، فنجح فى إنشاء حمام سباحة أوليمبى عالمى، ونجح مع حسن فريد فى إضاءة ملعب الكرة، ثم عاد وانتزع الموافقة على تخصيص مساحة 26 فداناً بمدينة أكتوبر لتكون مقراً لنادى الترسانة الجديد هناك، ولذلك أقول إن من يرشح نفسه عليه أولاً أن يقدم لنا كشف حساب، أو على الأقل برنامجاً انتخابياً حتى نعرف إن كنا سنقف خلفه أم لا، وأظن أن كشف الحساب لدى حسن حمدى ومحمد مصيلحى وحسن فريد وخلف مجالس إداراتهم يجعلنا نطمئن وبشدة على مستقبل هذه الأندية.