لا يمكن أن يكون طموح الشخص أو الجماعة الإنسانية سبباً فى النيل منه أو الإطاحة به، فكلنا هذا الرجل الذى يسعى لنيل أرفع الدرجات وتتفاوت فى هذا الخصوص قدرة هذا الشخص أو تلك الجماعة على تحصيل أكبر قدر من منظومة القيم التى تحكم تصرفاته وهو ما يعبر عنه إسلامياً أو دينياً ب«النية». ورغم أن سامح عاشور فقد منصبه فى نقابة المحامين المصرية فإن الرجل يحاول أن يكون فاعلاً فى تصريف أمور نقابته عبر نفر من القائمة التى كان يرعاها، رغم أن البعض قد يرى فى هذه التصرفات ازدواجية تتنافى مع فكرة الديمقراطية خاصة إذا تركزت تحركاته فى نطاق تعويق العمل النقابى، لكن لا بأس طبعاً - برأيى - أن يستمر الرجل فى محاولاته أو فى عطائه النقابى. لكن الذى يخرج عن المألوف فعلاً وحقيقة ما يترامى لأسماعنا عن تحركات سامح عاشور فى اتحاد المحامين العرب الذى فقد أيضاً وبالضرورة رئاسته التى هى بحكم النظام الأساسى مرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة بنقيب المحامين المصريين باعتبار مصر دولة المقر، ويبدو أن عاشور لا يريد أن يسلم بهزيمته على الأقل فى اتحاد المحامين العرب، الذى ربما يعد المكان الوحيد الذى يتيح له إطلاق قذائفه الحنجورية ضد إسرائيل والولايات المتحدةالأمريكية باعتبار أنهما الجهتان الوحيدتان اللتان أصبح لديه القدرة على شتمهما والهجوم عليهما وانتزاع التصفيق الحاد من جمهور السامعين. عندما تأسس اتحاد المحامين العرب كان ذلك نتاجاً طبيعياً للفكر العروبى والقومى الذى عمل على سريانه فى الأمة العربية جمال عبدالناصر، الذى وفر مكاناً دائماً لإقامة الاتحاد ليتمكن من حرية الحركة فى ظل وجود حكومات رجعية حسبما كان يشير إليها فى ذلك التوقيت من أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات، فكان المقر الممنوح للاتحاد والمساهمة فى مصروفات نشاطه وطاقم عمله بأكبر حصة تقدمها نقابة المحامين بمصر، وقدم المحامون العرب، تقديراً لدور عبدالناصر والدولة المصرية بحجم عطائها وتاريخ حضارتها وقيمتها الحقيقية، هدية بقيت مستمرة على اختلاف النقباء الذين شغلوا منصب الرئاسة فى هذه المؤسسة العربية القانونية الحقوقية وهى حصر الرئاسة فى مصر دون غيرها، بجعل نقيب المحامين فى مصر رئيساً لاتحاد المحامين العرب. وقديماً فقد نقباء كبار مناصبهم فى نقابة المحامين بخسارة الانتخابات ومن ثم خسارة رئاسة اتحاد المحامين العرب، دون أن يؤثر ذلك فى قيمتهم واحترام الناس لهم، وبقيت مصر تمارس دورها التاريخى فى هذا الاتحاد برمزية وجود نقيب المحامين فيها رئيساً لاتحاد المحامين العرب، واليوم يحاول سامح عاشور تدفعه طموحاته غير المفهومة إلى تغيير هذه الهدية التاريخية وميراث مصر فى دعم الشعوب العربية فى التحرر والاستقلال، هكذا تترامى المعلومات من كل حدب وصوب. وفيما بلغنى أن تحرك عاشور لنيل «مكانة مؤثرة» فى اتحاد المحامين العرب يتم عبر محورين: أولهما نقل اختصاصات المؤتمر العام فى تعديل النظام الأساسى إلى المكتب الدائم ليسهل تمرير أى تعديل يطمح عاشور فى تمريره، ومن ثم يقدم التعديل المقترح الذى يدغدغ عواطف كثيرين من الإخوة فى النقابات العربية بإلغاء هدية عبدالناصر وجعل رئاسة الاتحاد بالتناوب بين النقباء العرب، التى تصبح شرفية محضة، وتركيز الاختصاصات فى يد الأمانة، ويعقب هذا التعديل ترشيح عاشور فى عضوية المكتب الدائم ليكون من حقه الترشح أميناً عاماً.. أما المحور الثانى فى هذا التحرك، فيتمثل فى إقناع الأشقاء العرب بعدم قانونية شغل نقيب المحامين المصرى المنتخب، حمدى خليفة، لمنصب رئيس اتحاد المحامين العرب باعتبار أن هناك منازعات حول صحة إجراءات الدعوة لانتخابات نقابة المحامين، ومن ثم رجحان صدور حكم قضائى ببطلانها، ويخلص إلى أن آخر نقيب منتخب هو سامح عاشور، الذى من حقه أن يبقى رئيساً لاتحاد المحامين العرب؟! وطبعاً بما أن عاشور يجيد المناورات وشغل الانتخابات وتقديم معلومات غير صحيحة عند اللزوم، فمن المؤكد أنه سيقدم للمكتب الدائم الذى سينعقد فى الدارالبيضاء خلال ساعات حكم محكمة النقض وأسبابه ولكنه سيحجب عنهم بالتأكيد أنه حاول واستمات فى التدخل أمام محكمة النقض ليثنيها عن إصدار الحكم وقدم لها ما يفيد طعنه أمام المحكمة الدستورية العليا حول ازدواجية القوانين، ورفضت محكمة النقض تدخله الذى يعرفه أى مبتدئ فى تعلم القانون. وسيقدم عاشور للأشقاء العرب وثائق من الصحف التى تدمغ حمدى خليفة بانتمائه للحزب الوطنى ليقدمه لهم باعتباره من جماعة كوبنهاجن أو دعاة التطبيع، وبالتالى عدم جدارة خليفة بشغل منصب رئيس اتحاد المحامين العرب الذى ينبغى أن يكون عروبياً. الذى لا يعرفه عاشور ولم يفكر فيه، وغاب أيضاً عن كثيرين أن هذا السيناريو لو تم سيكون مقدمة لأزمة للإطاحة بمصر من كل المؤسسات أو الاتحادات العربية للنقابات المهنية. كنت أتمنى التثبت من عاشور وحاولت الاتصال به فوجدته قد سبق الجميع إلى الدارالبيضاء منذ عدة أيام، لكن كثيرين داخل الاتحاد وقريبين من عاشور أكدوا هذا السيناريو المرير، أمور كثيرة فى هذا الاتحاد العربى للمحامين تحتاج إلى بيان وإلى إماطة اللثام حول تصرفات كثيرة داخله نتحدث عنها لاحقاً ولله فى خلقه شؤون.