«الدولة الفلسطينية المزمعة» كانت بالأمس حديث المترقبين لخطاب نتنياهو من جامعة «بارإيلان» - +مضاهاة لمنبر أوباما من «جامعة القاهرة» - فى وقت مرت فيه، بهدوء، الذكرى الثانية لانقسامها سياسيا وجغرافيا بين حركتى «فتح» و«حماس» فى 14 يونيو 2007. فانشغلت غالبية الأقلام الفلسطينية بتوقعات ما سيتضمنه خطاب نتنياهو، وانصرفت عن تحليل «الحالة» السياسية التى آل إليها الوضع الفلسطينى منذ استيلاء «حماس» على غزة، بما يعكس تحوّل ذلك الحدث غير المسبوق - آنذاك - إلى حقيقة سرعان ما تكيف معها الفلسطينيون، اجتماعيا وثقافيا ونفسيا، حتى وإن كان على مضض. ومع تزامن الحدثين، لا يمكن استبعاد «نظرية المؤامرة» فى اختيار نتنياهو لزمان ومكان إلقاء خطابه من جامعة «بارإيلان»، بدلا من «الكنيست» كما هو المعتاد فى مثل هذه المناسبات، إذ وصفتها صحيفة «هاآرتس» قبل يومين بأنها «أهم من جامعة القاهرة»، لما تمثله من معقل لليمين المتطرف. فمن ناحية، سميت الجامعة تيمنًا بأحد قادة الصهيونية الدينية «مائير بارإيلان»، ومن ناحية ثانية، تخرج فيها يجآل عامير، قاتل رئيس الوزراء الأسبق إسحاق رابين، وهو ما دفع وسائل الإعلام الإسرائيلية على مدار اليومين الماضيين، إلى طرح كثير من التساؤلات حول دلالات اختيار نتنياهو لتلك الجامعة. فى مؤشر آخر لا يقل أهمية، رأى محللون أن نتنياهو - مثل أوباما - اختار أن يلقى خطابه من مؤسسة أكاديمية، وليس برلمانية، كى لا تضفى على ما يقوله أى صبغة إلزامية، بمعنى ألا يسائله نواب اليسار على مضمونه فيما بعد، ومن هنا أثار الاختيار استياءً واسعًا بين الأوساط السياسية فى إسرائيل، على رأسها رئيس الكنيست، وعدد من أحزاب المعارضة، الذين اعتبروا أن المنصة الوحيدة الأكثر ملاءمة لمثل هذا الخطاب كانت البرلمان. يضاف إلى مدلول المكان، توقيت توجيه الخطاب - للطرف الفلسطينى - فى ذات يوم الذكرى الثانية لانقسام غزة والضفة، والذى لم يكن مجرد مصادفة مع اجتماع الحكومة الإسرائيلية الدورى الذى يعقد يوم الأحد من كل أسبوع، إذ ألقى نتنياهو كلمته فى ال 8 مساء بعيدا عن مقر مجلس الوزراء، وهو الاختيار الذى يأتى لعباً على وتر الخلافات الفلسطينية الداخلية بطرح مطالب تعجيزية، متسقا فى الوقت ذاته مع تأكيداته السابقة الرافضة دولة «حماسستان» فى الضفة، وهو ما يعنى ضمنا رفض إزالة الجدار والمستوطنات، وبالتالى رفض الانسحاب لحدود 67، التى يقر المجتمع الدولى بإقامة «الدولة الفلسطينية» المزمعة عليها، وهو ما يعيد الأمور برمتها للمربع رقم صفر، دون أن يقدم خطاب نتنياهو جديدا على صعيد الدولة المنتظرة.