تعنى الانتخابات الرئاسية الإيرانية، المقرر إجراؤها يوم 12 يونيو الجارى، الكثير لإيران وللشرق الأوسط وللولايات المتحدةالأمريكية ولإسرائيل، وذلك على الرغم من إدراك الجميع أن وجهة النظر السائدة هى أن الكلمة الأخيرة تبقى للقائد الأعلى الإيرانى آية الله على خامنئى نظراً لأنه يحمل مفاتيح السلطة السياسية النهائية فى إيران. ولإدراكها ذلك، أكدت إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما أنها تأمل فى أن تنهى هذه الانتخابات، أياً كانت نتائجها، شهورا من الجمود وأن تجعل إيران تستجيب لمبادرات واشنطن من أجل تحسين العلاقات. وعلى الرغم من أن أى مبادرة كبيرة تتطلب موافقة خامنئى، فإن المرشحين ال4، محمود أحمدى نجاد، ورئيس الوزراء السابق مير حسين موسوى، ورئيس البرلمان السابق مهدى كروبى، والرئيس السابق للحرس الثورى محسن رضائى، جميعا يناصرون البرنامج النووى الإيرانى. ويتابع البيت الأبيض النتائج عن كثب ويستعد لجميع الاحتمالات والسيناريوهات المحتملة، ففى حال فوز نجاد فى الانتخابات، سيكون مؤشرا على أن موقفه المعادى للغرب قد أكسبه أرباحا سياسية داخلية وبالتالى سيستمر فى سياساته السابقة. وقد نظل نرى محادثات أمريكية- إيرانية مباشرة عالية المستوى، ولكن فى حال انتصار موسوى فإن من المحتمل أن يهدف إلى تحسين صورة إيران الدولية، وهى الخطة التى يمكن أن تأتى بمرونة جديدة فى التعامل مع عدد من القضايا المهمة لواشنطن. وأكد ذلك مسؤول أمريكى بارز، طلب عدم نشر اسمه، أنه «فى نهاية المطاف فإن القرارات المهمة بشأن التوجهات سيتخذها آية الله وليس الرئيس (الإيرانى) الجديد». لكن خبراء يرون أن فوز موسوى يمكن أن يحسن المناخ سواء للمحادثات الثنائية الأمريكيةالإيرانية أو تلك التى تجرى بين القوى الكبرى وطهران لتسوية الخلافات بشأن برنامجها النووى والذى يشتبه الغرب فى أنه يهدف إلى تصنيع قنبلة، بينما تقول طهران إن أغراض البرنامج سلمية لتوليد الطاقة التى هناك حاجة ماسة إليها. ويقول بروس ريدل، من معهد بروكينجز، «سيكون من الأفضل كثيرا أن نتعامل مع رئيس إيرانى يخفف مستوى توتر الخطاب بدلا من شخص يبحث باستمرار فيما يبدو عن سبل لتصعيده". وأضاف ريدل المحلل السابق بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سى.آى.إيه)، «أيا كان من سيشغل هذا الموقع فإنه يستطيع المساعدة فى اتخاذ نبرة تزيد من احتمال حدوث عملية تعاون ولا تقلله». وقال نيد ووكر، سفير الولاياتالمتحدة السابق فى مصر وإسرائيل، "إذا أعيد انتخاب نجاد سيكون من الصعوبة الشديدة إجراء مناقشة عقلانية مع الإيرانيين". وقال كريم سادجاد بور، خبير الشؤون الإيرانية، إن نجاد يفيد فى واقع الأمر السياسة الأمريكية فى الداخل حيث يعطى المعارضين للتعامل مع إيران الزاد الذى يحتاجونه. وأضاف بور: "مساجلاته تجاه إسرائيل وإنكاره لمحارق النازى تصعب على أى إدارة أمريكية السكوت عن تخصيب إيران لليورانيوم". كما أكد بعض الخبراء من أصحاب الخبرة فى التعامل مع إيران أن واشنطن ليس لديها خيار سوى مواصلة مسعاها للحوار الذى طرحه أوباما فى خطاب تنصيبه فى يناير الماضى والذى أعقبته خطوات صغيرة منذ ذلك الحين. وأوضح نيكولاس بيرنز، الذى تولى الملف النووى الإيرانى فى إدارة الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش، أن أوباما "أعد مشهد ما بعد الانتخابات جيدا" وأنه أيضا "يمهد الطريق لفرض مزيد من العقوبات إذا لزم الأمر". وأضاف بيرنز، الذى يعمل الآن فى جامعة هارفارد، أنه «إذا وصلت أمريكا إلى شىء من المفاوضات مع إيران، فمن المؤكد أن أمريكا ستكون فى وضع أفضل، وإن لم تنجح ستكون فى وضع أفضل أيضا لأنها ستكون أقوى كثيرا وستكون لها مصداقية أكبر كثيرا لدى الصين وروسيا للمطالبة بفرض عقوبات شديدة الصرامة». ومما لا شك فيه، أن القضية النووية ليست القضية المهمة الوحيدة التى تهتم بها كل من الولاياتالمتحدةوإيران. فعلى الرغم من أن مصالحهما فى العراق وأفغانستان لن تتقارب أبدا بشكل كامل، فإن كلا الجانبين لن يستفيد من الاضطراب طويل المدى فى هذين البلدين، كما أن دعم إيران المادى لحزب الله وحماس قد يصبح أيضا جزءا من أجندة ذات مدى أبعد. وعلى الرغم من أن الكاتب فى صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، والمحلل فى الشؤون الإيرانية ديفيد ايجنيتشس، اعتبر فوز موسوى أكثر ترجيحاً من الآخرين وعلى الرغم من أن واشنطن وتل أبيب راهنتا على إمكانية أن تؤدى الضغوط إلى دفع الإيرانيين للوقوف إلى جانب الإصلاحيين، إلا أن آخر استطلاعات الرأى الإيرانية أشارت إلى احتمال تفوق نجاد على موسوى.