«مين عارف إنى لسه على قيد الحياة؟».. بهذه الجملة استقبلنا محمد أبوالحسن وقلبه يعتصر حزنا على ما وصل إليه بعد العمر الطويل الذى أفناه فى الفن، وخرج منه إنسانا مريضا لا يفعل شيئا إلا النوم وشرب 12 نوعا من الأدوية يوميا- التى لا يعيش بدونها- والجلوس على المقهى القريب من بيته. فى عام 1986 بدأ المرض يزحف إلى جسد «أبوالحسن» إذ فوجئ أثناء عمله بآلام شديدة فى القلب نقل على أثرها إلى المستشفى واستدعت حالته السفر إلى باريس لإجراء جراحة تغيير 7 شرايين فى القلب تحملت نفقتها الفنانة سهير رمزى، وأثناء متابعته للقضية الفلسطينية واستشهاد الطفل محمد الدرة عبر وسائل الإعلام شعر «أبوالحسن» بانتكاسة أخرى أثرت على حالته الصحية وأصابته بجلطة فى المخ إذ شعر أن الطفل محمد الفلسطينى واحد من أحفاده الثمانية، وبعدها ظلت حالته تسوء يوما بعد يوم إلى أن أصبح جسده مليئا بالأمراض فى القلب والمخ والمعدة والصدر والأذن والحنجرة: «كل حتة فى جسمى لها دوا.. وأصبحت لا أعيش بدون الأدوية التى لا تفارقنى». الحالة الصحية التى وصل إليها «أبو الحسن» والعلاج الطبيعى الذى يسير عليه منذ سنوات طويلة لم يؤثرا إلا على حياته، لأنه، حسب قوله، عندما يجلس فى المنزل يشعر بآلام المرض ولا يغادر الفراش، وعندما يرتبط بعمل مسرحى أو تليفزيونى يشعر أنه «بقى زى الجن» وتختفى كل الآلام التى كان يشعر بها: «وأنا بعيد عن الفن بحس إنى هاموت لأن قعدة البيت متعبة لكن الشغل بينسينى المرض». المرض تجربة فى حياة «أبوالحسن» تعلم منها أن الحياة لا تدوم لأحد والناس تتعامل بمنطق «البعيد عن العين بعيد عن القلب» وهو يرى نفسه بعيدا عن قلوب الفنانين الذى كانوا أصدقاءه فى يوم من الأيام ومنهم الفنانة إسعاد يونس التى يتمنى سماع صوتها ولكنها مشغولة بأشياء أخرى: «أنا وقفت جنبها كتير فى بداية حياتها ودلوقتى كل ما أتصل بيها ماتردش.. مرة اتصلت بمكتبها وقلت لهم قولوا لها واحد كومبارس اسمه محمد أبو الحسن سأل عليك ونفسه يسمع صوتك».. هكذا رصد «أبوالحسن» موقف الفنانين منه فإسعاد ليست الوحيدة التى ابتعدت عنه فالكل تقريبا «كبر دماغه». أشرف زكى من أوائل الفنانين الذين يسألون عنه يليه سعيد عبد الغنى ومحمد رياض وكان من أشد أصدقائه السيد راضى الذى حزن على وفاته ولم يحضر جنازته خوفا من أن يموت من البكاء عليه. انتهى حال «أبوالحسن» كما يصفه إلى لاشىء فهو يثق أن أحدا لا يتذكره وكثيرا من جمهوره يعتقد أنه توفى ولذا ناشد كثيرا مسؤولى التليفزيون الاستعانة به لأنه يجد نفسه فى العمل لدرجة أنه ذات مرة حمل لافتة على باب ماسبيرو مكتوبا عليها «أين العدالة يا مصر؟».
