على عكس ملايين المصريين الذين تابعوا المباراة الفاصلة لم تهتم هيلدا مؤمن «21 عاماً» بمشاهدة مباراة المنتخب المصرى ونظيره الجزائرى، وهى المباراة التى أهلت الجزائر للوصول إلى مونديال كأس العالم 2010، هيلدا لم تبد اهتماماً بالمباراة فقط، بل حرصت أيضاً على أن تشغل نفسها بأشياء أخرى طوال ال90 دقيقة الفاصلة فى حياة المصريين، وظلت منهمكة أمام جهاز اللاب توب الخاص بها، لتحميل الأغنيات التى تحبها من المواقع الإلكترونية، مبررة ذلك بأنها تريد أن تستغل وقت المباراة فى الاستفادة من السرعة الفائقة للإنترنت بسبب انشغال معظم الناس بمشاهدة المباراة. انفعال أخيها الأصغر محمد «15 عاماً» بالمباراة، خاصة بعد أن نجح المنتخب الجزائرى فى إحراز هدف الفوز الوحيد، وحرص أصغر أخواتها سارة «8 سنوات»، على عدم إطاعة كلام الأم والتوجه إلي السرير إلا بعد مشاهدة المباراة كاملة ومعرفة النتيجة، لم يحركا ساكناً فى هيلدا، التى ظلت على وضعها الثابت منذ بدء المباراة، تجلس على مقعدها تتصفح الإنترنت، وتتحدث مع أصحابها الذين يشاركونها عدم الاهتمام بالمباراة من خلال «الشات»، متعجبة من هذا الاهتمام المبالغ فيه ب«ماتش كورة». «لا أحب لعبة كرة القدم ولا أتابعها، ولا أهتم بمعرفة قواعدها».. هذه هى الأسباب التى جعلت هيلدا لا تشاهد المباراة على الرغم من وجودها بمنزلها أثناء وقت العرض، وحرص جميع أفراد أسرتها الصغيرة على مشاهدة المباراة بجميع حواسهم، كره هيلدا لكرة القدم وعدم متابعتها للمنتخب الوطنى له أسبابه المنطقية من وجهة نظرها، حيث تكره التعصب الشديد الذى يسبق أى مباراة مهمة فى حياة المصريين، إلى الدرجة التى ينسون فيها قضاياهم ومشاكلهم: «منذ بدء معركة مصر والجزائر والصحف ووسائل الإعلام لا تهتم سوى بنقل أخبار المعركة لحظة بلحظة، متناسين أهم القضايا التى تشغل بال المواطن المصرى، فلم أجد خبراً أو متابعة واحدة لموضوع أنفلونزا الخنازير على سبيل المثال، على الرغم من وفاة الحالة التاسعة منذ أيام قليلة». لا تعرف «هيلدا» على وجه التحديد إن كان عدم اهتمامها بمشاهدة المباراة يرجع إلى كرهها لكرة القدم، أم إلى كرهها للتصرفات التى وصفتها بالهمجية المصاحبة لها مثل التحرشات الجنسية التى تحدث فى العديد من شوارع القاهرة بعد الفوز بأى مباراة والشتائم التى تلاحق كل من يختلف مع ما يعتقده الجمهور، مثل سائق التاكسى الذى قام بسب صديقة لها بأشنع الألفاظ، بعد أن قالت له إنها تتوقع فوز المنتخب الجزائرى، رغم أن ذلك هو ما حدث بالفعل. وتؤكد هيلدا أنها طوال حياتها لم تتابع أى مباراة كرة قدم، وأحياناً قليلة تسأل من باب الفضول عن نتيجة مباراة لكن بعد انتهائها.. عدم مشاهدة هيلدا للمباراة قابله هجوم من أصدقائها الذين اتهموها بأنها لا تشجع مصر ولا تريد الخير لوطنها، لكنها كانت ترد عليهم أعشق تراب مصر، لكن لا أعرف لماذا لا نشجع اسم مصر سوى فى كرة القدم فقط، وهى اللعبة التى لا يحقق فيها المصريون تفوقاً مثل ألعاب أخرى، منها الإسكواش الذى تحصد فيه مصر دائماً مراكز عالمية، لكنه لا يتم الاحتفاء به مثل مباريات كرة القدم التى غالباً ما تنتهى بالخسارة. العلاقة الوحيدة التى ربطت هيلدا بكرة القدم كانت أثناء أدائها لفريضة الحج، والتى كان يؤديها معها اللاعب محمد أبوتريكة فى العام نفسه، فحرص أفراد الأسرة على التقاط الصور التذكارية معه بملابس الإحرام.