تعددت وتوالت تحذيرات العلماء من الآثار السلبية المتوقعة نتيجة التغيرات المناخية التى حدثت فى كوكب الأرض، وهو ما عرف بظاهرة الاحتباس الحرارى الذى أدى إلى ذوبان كتل جليدية فى القطبين الشمالى والجنوبى، وبالتالى إلى ارتفاع منسوب المياه فى المحيطات والبحار.. والذى يهمنا فى هذا الأمر هو الآثار المتعلقة بنا بشكل مباشر، فقد توقع كثير من الأبحاث العلمية غرق أجزاء من السواحل المصرية المطلة على البحر المتوسط، وفى مقدمتها أجزاء من دلتا نهر النيل ذات الكثافة السكانية المرتفعة، ولقد نشرت «المصرى اليوم» فى أكتوبر الماضى ذلك التحذير الدولى عن غرق الدلتا، ونقص المياه العذبة.. كارثتان تعصفان بمصر فى 2020، وجاء فى متن الخبر ما نصه: حذر تقرير لشبكة الأنباء الإنسانية التابعة للأمم المتحدة (إيرين) من أن منطقة الدلتا فى شمال مصر ستواجه كارثة طبيعية كبيرة بحلول عام 2020 إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة وفعالة للتوصل إلى حلول لمواجهة ارتفاع منسوب مياه البحر، الذى يهدد بإغراق أجزاء كبيرة من الدلتا بأراضيها الخصبة التى تضم 60٪ من سكان مصر. وفى حوار «المصرى اليوم» بعدها مع خبير البيئة العالمى د.مصطفى كمال طلبة.. قال الدكتور طلبة إنه طلب من د.نظيف تشكيل لجنة وزارية تضم ثلاثين عالماً من جميع التخصصات، لوضع مشروع لمواجهة هذا الخطر المتوقع، مع الأخذ فى الاعتبار أن التقديرات تحدثت عن زيادة درجة حرارة الأرض درجتين خلال الثلاثين سنة الماضية، فى الوقت الذى زادت فيه 6٪ درجة طوال القرن الماضى كله، ولنا أن نتصور حجم الخطر الذى سنواجهه، فنحن لا نتحدث عن ارتفاع منسوب المياه عدة سنتيمترات، وإنما من «متر ونصف إلى مترين». وختم كلامه قائلاً: (أنا زهقت والكلام مش بيجيب نتيجة» و«لابد من حملة للضغط على الحكومة» للبدء فى وضع وتنفيذ برنامج فعال لمواجهة خطر التغيرات المناخية)! وتدل عبارة د.طلبة الأخيرة على حقيقة مؤلمة، وهى أن الحكومة لا تعير هذا الخطر أدنى اهتمام! كأن غرق الأراضى والمدن وتهديد حياة 60٪ من سكان البلاد لا يشكل أى مشكلة عند حكومة كل همها أن تبيع أصول هذا الشعب، وتضع حصيلة البيع فى خانة تنمية الموارد وتعتبرها من الإنجازات! وقد سبق أن قدم كثير من علماء مصر بعض الاقتراحات المفيدة لدرء هذا الخطر، مثل ردم المناطق المنخفضة فى دلتا النيل، أو إقامة حواجز وسدود فى المناطق المعرضة لخطر اجتياح المياه، بل وذهب الدكتور ممدوح حمزة إلى وجوب الاتصال بدول حوض البحر المتوسط للتعاون فى إنشاء (هويس) عند مضيق جبل طارق للتحكم فى كميات المياه المتدفقة إلى البحر! كثيراً ما وصف النظام الحاكم الحالى بأنه لا يمتلك مشروعاً قومياً يتبناه ويلتف حوله المواطنون، ويوضع جدول زمنى للانتهاء منه، وبذلك يكتسب النظام شرعيته ويثبت جدارته بالاستمرار فى حكم البلاد!! فإذا لم يكن إنقاذ السواحل المصرية من الغرق وإنقاذ 60٪ من سكان البلاد من التشرد مشروعاً قومياً جديراً بالاهتمام، فما هو الأجدر من ذلك؟.. أخشى إذا لم نواجه هذا الخطر بما يستحق يمكن أن نقرأ فى ملحق (حيطان) ب«المصرى اليوم» عام 2020 إعلاناً يقول: للبيع أو للإيجار فيلا بجوار مسجد السيد البدوى و«على البحر مباشرة» مع استعداد لتنظيم رحلات بحرية للغوص ومشاهدة الآثار الغارقة!! عاطف المغربى بولكلى - الإسكندرية [email protected]