قال تقرير جديد أصدرته لجنة حماية الصحفيين إن القمع فى منطقة الشرق الأوسط جعل الناس تتوجه إلى الشبكة الدولية للتعبير عن رأيها بحرية بعيداً عن الخطوط الحمراء والمحاذير التى يجرى فرضها على وسائل الإعلام التقليدية المختلفة. وقالت اللجنة إن الآلاف من الكتاب والصحفيين والناشطين والمحامين يعبرون عن معارضتهم من خلال الكتابة عن القضايا الاجتماعية عبر المدونات فى جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وأشار التقرير الذى حمل عنوان «المدونون فى الشرق الأوسط: نبض الشارع يدخل إلى شبكة الإنترنت» إلى تزايد عدد مستخدمى الإنترنت 13 ضعفاً فى الفترة بين عامى 2000 و2008، وأن انتشار القمع الحكومى وسهولة استخدام الإنترنت أديا إلى وجود 35000 مدونة نشطة باللغة العربية و70000 مدونة باللغة الفارسية. ونتيجة لتلك الأعداد الكبيرة من المدونات، تشن الحكومات المختلفة حملة شرسة وقاسية على المدونين، وهو ما يكشف عن أن التواصل الإلكترونى يشكل تهديداً للسلطة، وبالتالى تحاول السلطات الأمنية المختلفة إقناع المدون بأن «عواقب تحدى الدولة تفوق أى فائدة» قد تعود عليه من التدوين. ويوضح التقرير أن السلطات المصرية تلجأ لقانون الصحافة لعام 1996، الذى يسمح بالمحاكمة الجنائية بتهمة نشر أنباء كاذبة التى وصفها بأنها جريمة «ضبابية المعالم»، كما تستند أيضاً إلى قانون العقوبات الذى يحظر نشر مواد «مهينة»، واعتبر أن استحداث وزارة الداخلية المصرية إدارة جرائم الحاسب الآلى عام 2002 يهدف «ظاهرياً» إلى مكافحة جرائم الإنترنت، إلا أن تلك الإدارة وفقاً للتقرير انخرطت فى «ملاحقة المدونين ونشطاء الإنترنت واختراق حساباتهم الشخصية واستغلال ما يكتبون كدليل إدانة ضدهم. وقال التقرير الذى أعده محمد عبدالدايم إن المصرى وائل عباس بدأ التدوين عام 2005 حول القضايا الداخلية، وفى 2006 نشر شريط فيديو للتعذيب على يد الشرطة، أثار غضباً كبيراً من المصريين الذين تمكنوا من مشاهدة تعذيب الشرطة للمواطنين وأدى ذلك إلى إدانة عدد من ضباط الشرطة. ومنذ ذلك الحين، تم اعتقال عباس ومضايقته والتشهير به على شاشة التليفزيون وعلى الإنترنت، لدرجة أنه لم يعد قادراً على العثور على فرص عمل مستقرة. واعتبر التقرير أن كلا من مصر وسوريا تعمدان إلى تضييق الخناق على التدوين باستخدام قوانين الطوارئ. ويمنح القانون فى سوريا سلطات واسعة لرصد «جميع أشكال التعبير» وتعطيلها، كما يسمح للسلطات بمحاكمة المجرمين أمام محكمة عسكرية على خلفية جرائم مبهمة مثل «الجرائم التى تمثل خطراً عاماً». وفى سوريا، تم اعتقال المدون كريم عريجى فى يونيو 2007 وحكم عليه مؤخراً فى سبتمبر 2009 بالسجن 3 سنوات بتهمة «نشر أنباء كاذبة من شأنها إضعاف الشعور القومى»، بموجب قانون العقوبات السورى. وقالت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان إن الاعترافات المزعومة لعريجى انتزعت منه تحت التعذيب. وأدين ما لا يقل عن 11 مدوناً سورياً بموجب قانون الطوارئ الذى يمنح السلطات صلاحيات واسعة بإغلاق «جميع وسائل التعبير». وفى تونس، أدين المدون زهير يحياوى بنشر معلومات كاذبة وتعرض للتعذيب الوحشى فى السجن، وفقاً للجنة حماية الصحفيين. وتم تعليق يحياوى فى السقف كما تعرض للضرب، وكان يقدم له طعام فاسد كما عانى من سوء الرعاية الصحية. وكان يحياوى قد قام بالعديد من الإضرابات عن الطعام للمطالبة بتحسين معاملته خلال 531 يوماً من الاعتقال، وتوفى يحياوى (36 عاماً) بعد ستة عشر شهراً من إطلاق سراحه، إثر إصابته بنوبة قلبية. وأشار التقرير إلى أن السجن المتكرر ووفاة يحياوى المبكرة حولاه من مدون مشهور إلى «شهيد من أجل حرية التعبير فى تونس».