وصف فقهاء قانون وخبراء سياسيون وحقوقيون تصريحات البرادعى ل«المصرى اليوم»، حول عزمه الترشح المشروط للانتخابات الرئاسية «مستقلاً»، بأنها قد تغير مجرى الحياة السياسية فى مصر، مشيدين بموقف البرادعى فى التمسك بتعديل الدستور قبل الترشح للانتخابات، وعدم الانضمام إلى حزب سياسى. واعتبر الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، أن ما أثاره الدكتور محمد البرادعى فى تصريحاته ل«المصرى اليوم» حول إمكانية ترشحه للرئاسة تطور مهم فى الحياة السياسية فى مصر، موضحاً أن البرادعى شخصية لها وزنها على مستوى العالم وعندما يتحدث عن عيوب الدستور المصرى فإنه يلفت النظر إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة. وأشار نافعة إلى أنه يرى أن حالة من الحراك السياسى تجتاح مصر الآن وهى مختلفة عن تلك التى ظهرت فى عام 2005 وتم إجهاضها، ورجح أن يثمر ذلك الحراك عن أحداث مهمة قد تغير مجرى الحياة السياسية فى مصر. واتفق مع البرادعى فى حقه فى ترشيح نفسه كمستقل، وتمسكه بعدم الانضمام إلى أى حزب، مؤكداً أن البرادعى لا يسعى وراء الشهرة والأضواء كما اتهمه البعض. وأكد نافعة أن الضمير الوطنى يحتم على الدكتور البرادعى أن يؤدى دوراً ما تجاه بلده، وقال: «أتوقع أن تستمر الحكومة فى أخطائها فى حقه بعد عودته إلى مصر، خصوصاً بعد أن أطلقت رؤساء تحرير الصحف القومية ليشتموه ويسبوه، وستحث تلك الأخطاء الشعب على التغيير». من جانبه، وصف المستشار أحمد مكى، نائب رئيس محكمة النقض، المادة 76من الدستور المصرى بأنها «تلوث قانونى» ليس له نظير سوى إلقاء المخلفات فى مياه النيل، مشيداً بموقف البرادعى فى التمسك بتعديل الدستور قبل الترشح للانتخابات، وعدم الانضمام إلى حزب سياسى. وأشار إلى أن الحكومة لا تسمح بتكوين أحزاب سياسية حقيقية تتنافس على حب مصر، وقال: «الحكومة لا تعطى لحزب شهادة ميلاد قبل أن تكون هى ذاتها شهادة وفاته». وأبدى مكى تشاؤماً فيما يتعلق بشروط البرادعى فى تعديل الدستور، وأضاف: «أفضل أن نهتم بتحقيق انتخابات اتحاد طلبة نزيهة ومحليات ونقابات ومجلس شورى، ثم نحلم بعدها بانتخابات برلمانية غير مزورة، وعندها سيكون الحديث واقعياً عن انتخابات رئاسية حقيقية». وتوقع مكى أن يُحارب البرادعى من قبل النظام الحاكم عند عودته إلى مصر قائلا: «سيكون محارباً بمقدار ما فيه من استقامة». أما الدكتور إبراهيم درويش، الفقيه الدستورى، فقد أكد أن الدستور المصرى فى حاجة إلى تغيير كلى وليس مجرد تعديل، وأنه نادى بذلك التغيير منذ سنوات طويلة، واستنكر الحملة التى شنتها الصحف القومية على البرادعى بعد مطالبته بالتغيير، مشيراً إلى أن الدكتور البرادعى لم يسع للرئاسة ولكن تم اختياره من النخبة المثقفة فى مصر، وقال: «عندما طالب الرجل بدستور حقيقى فتحت عليه أبواب جهنم بوقاحة ليس لها نظير». وتساءل درويش: لماذا لم تفتح تلك الأبواب على - من وصفهم ب«الدوبليرات» - الذين رشحوا أنفسهم أمام الرئيس مبارك فى انتخابات 2005؟!. الحكم الفردى، مستدركاً أنه حتى لو كان البرادعى يحلم، فمن حقه وحقنا جميعنا أن نحلم حتى يمكننا تغيير الواقع إلى الأفضل. من ناحيته، علق نجاد البرعى، رئيس مجلس إدارة مؤسسة تنمية الديمقراطية المصرية، على قول البرادعى بأن هناك غياباً للإطار الدستورى « الشرعى» فى مصر، وأن الدستور المصرى» غير شرعى» ولكنه قانونى، قائلاً: «هناك فرق واضح بين الشرعية الدستورية والشرعية الإنسانية فى القوانين». وأضاف البرعى: «إن تعديل المادة 76 نص قانونى وإن كانت تفتقد الشرعية الإنسانية والدستورية لأنها تحرم 95% من الشعب المصرى من حقه فى الترشيح»، مشيرا إلى أن غالبية مشروعات القوانين التى تقدمها البرلمانات ربما تكون قانونية لكنها تتبع السبل القانونية بعرضها على البرلمان والاستفتاء عليها، حتى ولو كان نظرياً ولكنها غير دستورية فما بالك بدستور «غير شرعى». وأكد أن تغيير الدستور لم يتم فى مصر إلا من داخل مؤسسة النظام نفسها، قائلا: «إن التجربة المصرية التاريخية أثبتت أن التغيير لابد أن يتم من داخل النظام من أيام عرابى وحتى 23 يوليو 1952».