بورصة الذهب تعاود التداول غداً.. والاستقرار يسود السوق المحلية    الحوثيون يعلنون إسقاط مسيرة أمريكية في أجواء محافظة مأرب    هولندا تكتسح البوسنة والهرسك بخماسية في دوري أمم أوروبا    عامر حسين: عقوبة الشحات في واقعة الشيبي «مناسبة»    عامر حسين يحدد موعد الإعلان عن الشكل الجديد للدوري    مصرع شخص وإصابة آخر في حادث تصادم بمحافظة القليوبية    وزير الصحة اللبنانى: اعتداء الاحتلال على الدفاع المدنى ازدراء بالقوانين الدولية    محافظ الغربية يوجه بتيسير استكمال ملفات التصالح بمخالفات البناء    نتيجة تقليل الاغتراب 2024.. الرابط الرسمي لموقع التنسيق الإلكتروني    هل يستعد اليسار الفرنسي لمعركة ضد ماكرون ورئيس الحكومة الجديد؟    صومالي.. الاتحاد الأفريقي يعلن طاقم حكام مباراة مصر وبتسوانا    المقاولون العرب يضم حارس مرمى غزل المحلة    زعماء الاستخبارات البريطانية والأمريكية.. النظام العالمي مهدد بطريقة لم نشهدها منذ الحرب الباردة    اللينك المعتمد لنتيجة الدور الثاني للثانوية العامة 2024 فور ظهورها عبر موقع الوزراة الرسمي    المتحدث باسم "التربية الفلسطينية" يدعو لاستئناف العملية التعليمية بقطاع غزة في ظروف آمنة    إصابة 3 أشخاص وتضرر مبانٍ إثر هجمات أوكرانية غربي روسيا    مستشارة بالسفارة الصينية لدى القاهرة: نأمل أن تكون أفكار شي وتطبيقاتها مفيدة لكل دول العالم    سعر الفراخ البيضاء وكرتونة البيض (الأيض والبلدي) بالأسواق اليوم الأحد 8 سبتمبر 2024    تعرف على موعد صرف مرتبات شهر سبتمبر 2024    يبدأ غدا تنسيق الازهر 2024 لطلبة الدور الثاني عبر الرابط الرسمي المفعل    وكيل «تعليم كفر الشيخ» يناقش الاستعدادات لاستقبال العام الدراسي الجديد    سعر العنب والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الأحد 8 سبتمبر 2024    لأول مرة.. عامر حسين يكشف تفاصيل تلقيه تهديدات بالقتل بسبب الأهلي    دكرنس يتعاقد مع لاعب طنطا    عامر حسين: قررت إيقاف نجلي وشقيقي من قبل.. وتلقيت تهديدات بالقتل لهذا السبب    سعر طن الحديد بعد ارتفاعه والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأحد 8 سبتمبر 2024    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: نعد مشروعا بشأن عدم قانونية الاحتلال    أجواء شديدة الحرارة.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الأحد 8 سبتمبر 2024    الأثاث تفحم.. المعمل الجنائي يعاين حريق شقة في العمرانية    صلاحية تذكرة مترو الأنفاق ساعتين.. وغرامة فورية للمخالفين    وزير التعليم يزف بشرى سارة للمعلمين وأصحاب المعاشات قبل الدراسة    بعد ظهورها البارز في المسلسل.. من هي ميران عبدالوارث «ماجي» في «عمر أفندي» ؟    الموت يفجع الفنان محمد ممدوح (تفاصيل)    عبد الحليم قنديل: نتنياهو يشعل جحيما فى غزة والضفة لكنه يحترق فيه    هيفاء وهبي جريئة وهنا الزاهد ب الأبيض.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    وزير الثقافة يشهد انطلاق فاعليات "ملتقى العاصمة لفنون الطفل" بالأوبرا .. صور    داعية يفجر مفاجأة عن سبب وفاة عريس الشرقية    4 طرق بسيطة لعلاج عين السمكة في المنزل    الصحة تكشف تفاصيل حملة توصيل الدواء بالمجان للمرضى    أستاذ استشعار عن بُعد يكشف مفاجأة بشأن انهيار سد النهضة    الصحفيين: قانون الإجراءات الجنائية طرح للنقاش بطريقة تثير علامات الاستفهام -(تفاصيل)    إحالة المتهمين بالتنقيب عن الآثار في الشرابية للمحاكمة الجنائية    ضمن خطة الوزارة لبناء الإنسان.. «هنو» يشهد فعاليات النسخة الثانية من «ملتقى العاصمة لفنون الطفل» بدار الأوبرا    حدث بالفن| وفاة فنان تووليت يحذر نادي بيراميدز وهيفاء تكشف حقيقة حذف أغانيها من قبل روتانا    إعلام عبرى: أسرة المحتجزة القتيلة كارمل جات ترفض استقبال نتنياهو للعزاء    ضبط المتهم بتسميم الكلاب بشوارع مدينة نصر    بعد توطين صناعتها فى مصر.. أول مصنع لإنتاج تحويلات السكة الحديد    الوصول ل"أكتوبر وزايد" في دقائق.. أحدث صور لمحور أحمد عرابي الجديد    بمناسبة المولد النبوي 2024.. طريقة تحضير السمسمية بسهولة    1200 مستفيد من قافلة جامعة القاهرة الشاملة بالجيزة بالتعاون مع التحالف الوطني    تفاصيل خطة وزارة الصحة استعدادا لبداية العام الدراسي الجديد -(فيديو)    تفاصيل المسابقة السنوية لحفظ القرآن الكريم فى سوهاج    منظومة الشكاوى الحكومية: الأوقاف تحقق نسب إنجاز واستجابات مميزة    فوز برعي مرشح الأوقاف بالمركز الثاني في مسابقة حفظ القرآن الكريم وترتيله وتجويده بالمغرب    الاحتفال بالمولد النبوي الشريف: معاني ودروس    موعد المولد النبوي الشريف 2024 وأفضل الأدعية المستجابة    وزير التعليم: الوزارة حريصة على تحسين الأوضاع المادية والإدارية للمعلمين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 7-9-2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عزبة الهجانة.. الحياة تحت «الضغط العالى»

عندما تغرق شبه شوارع عزبة الهجانة فى الشتاء، ويخرج الأطفال ليلعبوا تحت الأمطار يفاجئون ب«فرقعة شديدة» لم يجدوا لها تفسيراً فأرجعوها إلى «عفريت الضغط».. هكذا استطاع أطفال العزبة أن يحولوا أعقد مشكلات المنطقة إلى «خيال» يهربون به من قسوة الواقع.
سكان الهجانة يتجنبون بكل الطرق إثارة ذلك «العفريت» المعروف باسم «الضغط العالى»، لأن إثارته قد تحدث دمارا شاملا للمنطقة، وهنا يكاد لا يخلو بيت من حادثة حريق أو وفاة بسبب شبكات الضغط العالى.
«فتحى» طفل صغير لم يتجاوز السادسة من عمره أحد ضحايا شبكة الضغط العالى. تركه والداه فى البيت «نائماً» وأغلقوا باب البيت وراءهم، ولم يدر ببالهم أن سوءاً يمكن أن يصيب ابنهم، إلا أن قطعة سلك صغيرة من الضغط العالى سقطت على «سطوح» منزلهم الخشبى، وأحدثت ثقباً به وتسببت فى حروق بالغة ل«فتحى»، الذى استيقظ من نومه على مشهد قدميه وهما تحترقان، ولم يكن أمامه سوى القفز من الشباك ليجد من يسعفه.
ورغم ذلك، كان «فتحى» أوفر حظاً من كثير من الأطفال الذين حرموا من الحياة بسبب الضغط العالى، ومن بين هؤلاء «محمد» ابن الثامنة عندما صعد إلى سطوح منزله ليلعب بعود من القصب.. وبالصدفة لامس عود القصب سلك الضغط العالى، ولم يتحمل محمد آلام الحروق أكثر من أسبوع، ومات فى المستشفى.
مرت سنوات طويلة على ذلك الحادث، وما زالت أم محمد تتذكره وكأنه وقع بالأمس، وهى تخشى حتى الصعود إلى سطوح المنزل، وتتجاهل فكرة بناء دور ثان خوفا من الضغط العالى. «محدش فكر يدينا تعويض على الحوادث.. الضغط العالى هو أهم حاجة عند الحكومة».
ربما كان جهل سكان عزبة الهجانة فى الماضى بشبكة الضغط العالى وعدم استيعابهم لخطورته، كان وراء العديد من الحوادث، فهم اعتقدوا أن توصيل أى سلك بالضغط العالى يمكن أن يدخل «النور» إلى حياتهم، إلا أنه كان فعليا يخرجهم من الحياة.
أشرف محمد «48 سنة» مات والده وأخوه وابن خاله فى حادثة واحدة بعد أن لامست قطعة الحديد التى كان يمسكها والده سلك الضغط العالى. «فى ثانية ولعوا كلهم وتفحمت أجسامهم».
«يا ريت الحكومة تشيل الضغط العالى من المنطقة.. أنا بدفع 700 جنيه غرامة لشركة الكهرباء كل شهر عشان أشغل المخبز». يقول ذلك «أشرف»، موضحاً أن الحكومة تمنع إدخال الكهرباء للمنازل التى تقع تحت شبكة الضغط العالى.
وتحكى «أم ربيع» أن والدها كان فى الدور العلوى يركب سلك التليفون فسحبه الضغط العالى وأطلقه «فحت نقرة فى الأرض كل اللى يقرب منها يتكهرب».
ورغم أن السكان أصبحوا أكثر وعيا بالحوادث التى يمكن أن تنجم عن أى مساس بأسلاك الضغط العالى، فإن أغلبهم لا يدرك الأمراض التى يمكن أن تصيبهم نتيجة لقربهم الشديد من شبكة الضغط العالى، وحتى إن عانى بعضهم من أمراض بسببه، فهم لا يملكون مأوى آخر يمكنهم اللجوء إليه.
كثير من الأطفال فى تلك المنطقة يعانون من زيادة كهرباء المخ، ومن بينهم هاشم «4 سنوات» الذى شخص أحد الأطباء مرضه وطلب من أمه أن تسكن بعيداً عن الضغط العالى، إلا أن ضيق ذات اليد يحول دون ذلك. وتقول الأم: «فجأة إيديه ورجليه بتتشنج ولا يهدأ إلا بعد أن يعضنى وتسيل دمائى».
وبداخل أحد المنازل التى تقع مباشرة تحت الضغط العالى، جلست وجيهة فتوح «45 سنة» تقص علينا حكاية ابنتها هبة «21 سنة»، فهى كانت تعانى من صداع مزمن وتشنجات توحى بأنها مريضة بالصرع، إلا أن الأطباء أكدوا أنها تعانى من ورم حميد فى المخ،
وقرروا أن تجرى عملية جراحية لاستئصاله إلا أن النتائج لن تكون مضمونة، موضحين أن هناك احتمالاً بأن تفقد بصرها أو تصاب بشلل نصفى، إلا أن ذلك لم يثنيها عن إجراء الجراحة لها. «هبة بصرها، ولم تتخلص من التشنجات التى تصيبها».
الدكتور شريف درويش، طبيب أمراض المخ والأعصاب، يحذر من الآثار الصحية «المدمرة»- حسب وصفه- التى يمكن أن تصيب سكان الضغط العالى، والتى تبدأ بالصداع النصفى ونقص المناعة وزيادة كهرباء المخ وصولا إلى الأورام السرطانية، خاصة فى المخ. ويوضح أن أكثر الفئات تأثراً هم كبار السن والأطفال والحوامل، مشيرا إلى ارتفاع نسب الإصابة بمرض التوحد «الأوتيزم» وإنجاب طفل منغولى فى مثل هذه المناطق.
ويشير عبده أبو العلا، مدير المشروعات بمؤسسة شهاب العاملة فى عزبة الهجانة، إلى أن وجود الضغط العالى فى تلك المنطقة تسبب فى حرمان هؤلاء السكان من البنية التحتية الأساسية من مياه الشرب والصرف الصحى والرعاية الصحية، لأن العزبة تخلو من أى مستشفى باستثناء مركز طبى يعمل ثلاث ساعات فقط يوميا.
ويفسر سقوط تلك المنطقة من خطط التطوير الحكومية للمناطق العشوائية بأن الدولة لا ترغب فى تقنين أوضاع سكانها، فهى- كما يقول- لا تعترف بهم ولا بأحقيتهم فى تملك تلك الأراضى، مؤضحا أن الصرف الصحى لم يدخل إلى منطقة الضغط العالى إلا من خلال الجمعيات الأهلية.
ويتابع: هناك العديد من الاقتراحات التى طرحت منذ أكثر من 5 سنوات، وطالبت بتحويل مسار شبكة الضغط العالى بعيدا عن الكتلة السكنية أو دفن تلك الشبكات تحت الأرض واستخدام مواد عازلة أو توفير أجهزة تعكس تردد الضغط بدلا من نزوله على الأرض أو توفير وحدات سكنية بديلة، ولكن يبدو أن جميع الحلول عالية التكلفة ولا تسمح بها ميزانية الدولة.
«الحكومة مستنية مصيبة تحصل عشان يبدأوا يتحركوا ويفكروا فى حل لنقل السكان أو الضغط العالى» قال سيد الباز، أحد سكان عزبة الهجانة، مؤكدا أنه لن تتم إزالة الضغط العالى من أجل صحة السكان، وإنما لشكوى مسؤولى مطار القاهرة من أنه يؤثر على أجهزة الطيران.
يحاول سكان عزبة الهجانة التأقلم مع الوضع القائم وتناول مسكنات أعضاء مجلس الشعب قبل الانتخابات ووعودهم بنقل شبكة الضغط العالى خارج عزبة الهجانة، وحتى إذا لم يتم نقلها فكل شىء يهون بدلا من «المبيت فى الشارع».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.