اتهم وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، في حديث تليفزيوني، الولاياتالمتحدة باستخدام موضوع الأسلحة الكيميائية لشن حملة تشبه تلك التي سبقت الغزو الذي أدى إلى إسقاط نظام الرئيس العراقي صدام حسين. وقال «المعلم» في حديث إلى قناة «الميادين» الفضائية يبث كاملا، الاثنين، إن «هذا الموضوع (الأسلحة الكيميائية) هو من بنات أفكار الإدارة الأمريكية. هذا هراء صنعوه لشن حملة على سوريا تشبه ما فعلوه بالعراق». وفي مقاطع بثتها القناة التي تتخذ من بيروت مقرا لها، وضع «المعلم» هالة غموض فيما يتعلق بامتلاك سوريا هذا النوع من الأسلحة، رغم تأكيد وزارة الخارجية، في بيان رسمي، هذا الأمر في يوليو الماضي. وقال «المعلم» في المقابلة التي أجريت معه في نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن «موضوع الأسلحة الكيماوية إذا وجد في سوريا، وأنا أضع خطا تحت إذا وجد، فهل معقول أن نستخدمها ضد شعبنا؟ هذا هراء». وأضاف: «لكن هذا لا يعني إطلاقا أن سوريا لديها مخزون أسلحة كيماوية أو أنها تنوي استخدام هذه الأسلحة ضد شعبها». وتعد هذه الأسلحة واحدة من ملفات النزاع السوري المستمر منذ أكثر من 18 شهرا، لا سيما بعد تأكيد المتحدث باسم الخارجية السورية، جهاد مقدسي، في 23 يوليو الماضي، أنه «لن يتم استخدام أي سلاح كيميائي أو جرثومي أبدا خلال الأزمة في سوريا مهما كانت التطورات الداخلية»، وأن «هذه الأسلحة لن تستخدم إلا في حال تعرضت سوريا لعدوان خارجي». وكان وزير الدفاع الأمريكي، ليون بانيتا، أكد في 28 سبتمبر، أن الحكومة السورية «نقلت أسلحة كيميائية إلى مواقع أكثر أمنا»، وهو ما تتهمها قوى المعارضة بالقيام به لا سيما بعد اتساع دائرة العنف في البلاد. وكانت الولاياتالمتحدة قادت حملة عسكرية عام 2003 في العراق، أدت إلى إسقاط نظام الرئيس الراحل صدام حسين، بعد أعوام من حصار دولي واتهامه بامتلاك أسلحة دمار شامل، لم يتم العثور على أي منها في المراحل اللاحقة. من جهة أخرى، حذر «المعلم» الدول الداعمة للمعارضة المطالبة بإسقاط الرئيس بشار الأسد، من أن «الإرهاب سيرتد عليها»، في إشارة إلى المقاتلين المعارضين الذين يعتبرهم النظام السوري «جماعات إرهابية مسلحة». وحذر «المعلم» من أن «الولاياتالمتحدة ذاتها سوف تتذوق سم الإرهاب الذي تدعمه»، موضحا أن بداية «التذوق» كانت «في بنغازي (حيث قتل السفير الأمريكي خلال احتجاجات على فيلم مسيء للإسلام). لكنهم لم يتعلموا على ما يبدو درسهم في أفغانستان». ويشير الوزير السوري بذلك إلى تكبد الجنود الأمريكيين الموجودين في أفغانستان خسائر كبيرة ناجمة في شكل أساسي عن عمليات لحركة طالبان الإسلامية. ورفضت الولاياتالمتحدة مرارا تزويد المقاتلين المعارضين بالسلاح، مصرة على دعم الجهود الإنسانية والمعارضة المدنية السورية. وأعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، في الأممالمتحدة، قبل أيام، رفع إجمالي المساعدات الأمريكية «للمعارضة غير المسلحة» إلى 45 مليون دولار. واعتبر وزير الخارجية السوري أن «الجزء الأكبر من العنف الذي نواجهه في سوريا مصدره تركيا»، مؤكدا أن «من يرسل هذا الإرهاب سيرتد عليه». كما أشار إلى أن «مليارات الدولارات تنفق من قطر في سوريا من أجل ذبح الشعب السوري وتدمير البنى التحتية من مدارس ومستشفيات وطرق وخطوط أنابيب نفط وسكك حديد واغتيالات للأطباء والمهندسين». وتتهم سوريا دولا غربية وعربية بدعم المعارضة بالمال والسلاح، منها تركيا المجاورة التي أقامت مخيمات لآلاف من اللاجئين السوريين، وقطر التي تستضيف عددا من الشخصيات التي انشقت عن النظام. وألمح «المعلم» إلى أن «مفتاح» نجاح مهمة مبعوث الأممالمتحدة والجامعة العربية إلى سوريا، الأخضر الإبراهيمي «هو في دمشق وخارجها، أي في دول الجوار التي تأوي وتسلح وتدعم بالمال والإعلام الجماعات الإرهابية المسلحة». وكان «الإبراهيمي»، الذي عين خلفا لكوفي أنان مطلع سبتمبر الماضي، قد حذر من تفاقم النزاع السوري وتحوله إلى أزمة إقليمية ودولية، مشيرا إلى أنه سيضع خطة بناء على اتصالات يجريها مع الأطراف المحليين والإقليميين والدوليين. وجدد «المعلم» دعوة «كل أطياف المعارضة الوطنية للاجتماع في دمشق في إطار حوار وطني شامل، جدول أعماله مفتوح وليس له من شروط مسبقة»، من دون أن يستبعد إصدار «قرار بعفو عام وشامل يمهد للمصالحة الوطنية». كما أكد «المعلم» أن لدى سوريا «مخزونا استراتيجيا من القمح والمواد الغذائية والدواء يكفي لعدة أشهر». كانت منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة «الفاو» قد أعلنت مطلع أغسطس الماضي أن 3 ملايين سوري بحاجة عاجلة إلى الغذاء والمساعدة في مجالات المحاصيل الزراعية والمواشي، وأن تلبية هذه الحاجات سيحتاج في الأشهر المقبلة إلى ملايين الدولارات.