للمرة الأولى أشار رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، علناً إلى إمكانية تمركز قوات إسرائيلية على طول الحدود الشرقية لدولة فلسطينية مستقبلية لمنع تهريب السلاح، وذلك عشية مغادرته إلى القاهرة للقاء الرئيس المصرى حسنى مبارك، يوم الأربعاء الماضى، حيث اعتبر نتنياهو أن الظروف نضجت لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، وتزامنت هذه التصريحات مع طرح وزارة الإسكان الإسرائيلية عطاءات لبناء نحو 700 وحدة فى 3 مستوطنات فى القدسالمحتلة. جاءت تصريحات نتنياهو أثناء لقائه سفراء إسرائيل فى العالم فى مقر وزارة الخارجية فى القدس، وأكد أن الوقت ناضج لاستئناف العملية السياسية مع الفلسطينيين فى وقت حذر فيه وزير دفاعه إيهود باراك من أن جمود عملية السلام سيعزز نفوذ حماس. هذه الرؤية تعكس وجود إسرائيل على طول الحدود وهى سياسة كانت تناصرها حكومات إسرائيلية سابقة، وتوضح الشروط الجديدة فى أى مفاوضات مستقبلية حول الدولة الفلسطينية. وتكمن رؤية نتنياهو لدولة ذات سيادة محدودة بوجود حقيقى لدولة إسرائيل وللقوات الإسرائيلية، ويرى أن الدولة التى يريد الفلسطينيون إقامتها فى الضفة الغربيةالمحتلة وقطاع غزة لابد أن تكون منزوعة السلاح، غير أنه لم يذكر إشارة محددة حتى الآن إلى تمركز قوات إسرائيلية على حدود إسرائيل مع الأردن، ومن وجهة نظر نتنياهو، فإن ترتيباً دولياً لحدود دولة فلسطينية على غرار نشر قوات من الأممالمتحدة فى جنوب لبنان بعد حرب إسرائيل فى 2006 ضد حزب الله لن يكون كافياً، غير أن وزير الخارجية المصرى أكد بشكل صريح عقب المحادثات التى أجراها نتنياهو مع الرئيس المصرى وأغلب الظن أنها تناولت هذه الرؤية لاستئناف المفاوضات، أنه لن يتم استئناف المفاوضات طالما استمر الاستيطان، فمصر تلح على أن تكون هناك أرضية متفق عليها لهذه المفاوضات، فأى مفاوضات لها شروط ولا يمكن التفاوض مع استمرار الاستيطان. وترى القيادة الإسرائيلية أنها اليوم فى موقع قوة وأفضلية يتيح لها الدخول فى تسوية تقود إلى واقع دولتين تعيشان جنباً إلى جنب، أما مواصلة السيطرة على ملايين الفلسطينيين بين النهر والبحر فستقود إلى واقع دولة غير يهودية، أو دولة غير ديمقراطية تكون دولة «أبارتايد» (تفرقة عنصرية) وهنا فإن الاحتمالين لا يحققان الحلم الصهيونى وهذا الرأى فى صلب تفكير الحكومة الإسرائيلية. لكن هذا التصور يتناقض مع إعلان وزارة البناء والإسكان الإسرائيلية عزمها بناء نحو 700 وحدة سكنية جديدة فى ثلاث مستوطنات فى القدس، خاصة أن هذا الموقف أيضاً يتنافى مع إعلان نتنياهو فى خطابه فى جامعة بار إيلان أن إسرائيل لن تصادر أراضى فلسطينية جديدة لغرض الاستيطان، فكيف يستوى الأمران؟! ومن هنا جاءت دعوة البيت الأبيض لإسرائيل إلى وقف بناء مساكن جديدة لليهود فى القدسالشرقية حتى يتم استئناف المفاوضات دون عراقيل تزيد من حدة الوضع سوءاً، وكذلك كان موقف الاتحاد الأوروبى الذى ندد بقرار السلطات الإسرائيلية «غير المشروع» إطلاق استدراج عروض لبناء وحدات سكنية فى القدسالمحتلة. وفى هذا السياق أيضاً تسعى مصر بشكل حثيث لتذليل العقبات أمام استئناف المفاوضات المتعثرة بين الجانبين.