«الحشيش» هو البوابة الرئيسية للمخدرات.. هكذا يطلق عليه، فالأطباء يؤكدون أن دائرة إدمان المخدرات تبدأ ب«سيجارة حشيش»، لأن المتعاطى عادة يبدأ به أملا فى الحصول على المفعول المرجو بإحداث قدر من «التغييب» له. هذا الشعور يشبعه لفترة معينة، ولكن مع الوقت يتناقص هذا الشعور بسبب التعود عليه، ومن هنا يضطر إلى اللجوء إلى نوع آخر من المخدرات يمنحه شعورا أقوى. «تعاطى الحشيش جزء من ثقافة الشعب المصرى».. هكذا تتحدث الدكتورة سهير عبدالمنعم، الخبير الجنائى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، عن ظاهرة انتشار تعاطى الحشيش بين طبقات المجتمع المختلفة. وتضيف: للأسف تعاطى الحشيش أصبح «عادة» لدى المصريين، ولكنها عادة خطيرة جدا، وتؤثر سلبا على جميع وظائف جسد المتعاطى. ويؤكد الدكتور على ليلة، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة عين شمس، فى كتابه «تعاطى وإدمان المخدرات بين الحقيقة و الوهم»، أن تعاطى «الحشيش» انتشر بين جيل الشباب بالأساس بحكم ميلهم إلى التجريب والمخاطرة. ويشير إلى أن تعاطى الحشيش يجعل الشباب قريبين من الانخراط فى العديد من السلوكيات الانحرافية والإجرامية، فتحت تأثير الحشيش قد يرتكب الشباب العنف أو الاغتصاب أو السلوكيات المدانة اجتماعيا، موضحا أن تعاطى الحشيش انتشر فى الفترة الأخيرة بين الأطفال صغار السن، حتى إن بعض أطفال العشوائيات يتعاطونه وهم فى سن التاسعة. ويشدد «د.على» على أن تعاطى الحشيش لم يعد مقتصرا الآن على عدد محدود من البشر بل أصبح ينتشر بين قطاع له وزنه من الشباب والأطفال، الأمر الذى يشير إلى أن التعاطى اخترق حاجز العمر والنوع.. والحدود القومية. ويضيف أنه من الأسباب التى ساعدت على انتشاره أن مرحلة الشباب هى المرحلة التى يسودها كثير من المشكلات، حيث يحتاج الإنسان فيها إلى التأهيل والحصول على فرصة عمل، ومن ثم الحصول على الدخل، ومن ثم الزواج وتكوين أسرة، فإذا لم تسمح موارد المجتمع بإشباع هذه الاحتياجات، فإنها تتحول إلى مشكلات يعانى منها الشباب أكثر من الآخرين فى المجتمع، الأمر الذى يؤدى بهم إلى رغبة فى الهروب من الشعور بالتوتر، واللجوء إلى «إجازة» من مطاردة الإحساس بعدم الإنجاز. ويقول الدكتور عصام عبدالوهاب، أستاذ الطب النفسى، إن المفهوم السائد بأن الحشيش لا يسبب الإدمان هو مفهوم خاطئ جدا، فالحشيش بالتأكيد يسبب «الاعتمادية» وله أضرار صحية خطيرة جدا، كما أن الانطباع السائد بأنه يساعد على «الفرفشة» أيضا خاطئ، فهو يؤثر على الانفعالات ويغير من إفرازات المخ، لذا يُحدث نوعا من الاعتمادية، فمتعاطى الحشيش يقوم بالتعاطى فى البداية بهدف «المزاج»، وهو المصطلح الدارج بين المتعاطين. ويستطرد: لكن هذا الشعور يظل فى الفترة الأولى فقط، ثم سرعان ما يتحول المتعاطى للحشيش إلى مدمن، بل تحدث آثار سلبية مثل خمول فى الانفعالات، وقلة فى التركيز، وعدم القدرة على تحديد المسافات، ولذلك فمعظم حوادث الطرق تحدث بسبب وقوع السائقين تحت تأثير المخدر. ويشير إلى أن هناك دراسات تؤكد أن حوالى 90% من سائقى النقل يتعاطون الحشيش، مما يجعل مصر من أكثر البلاد التى تقع بها حوادث طرق، فالإعتقاد بأن الحشيش يساعد على التنبيه والعمل لفترات طويلة، مفهوم خاطئ، لأنه من الممكن أن يبقى الشخص مستيقظاً ولكن فى حالة عدم تركيز بالمرة، كما أن تعاطى الحشيش له تأثير نفسى «لا مفر» فهو يسبب- على المدى البعيد- اكتئاباً وبلادة فى التفكير. وتقول الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس: «إن المجتمع أصبح فى حالة (تسيب) كبيرة جدا، ولكن من المفترض أن تقام حملات من جانب الدولة والجمعيات الأهلية لوقف هذه السموم من الانتشار، ولا أدرى لماذا لا نرى مثل هذه الحملات، فللأسف أصبح الآن تناول الحشيش ظاهرة منتشرة بشكل مبالغ فيه، وانزلق إليها الكبير والصغير، لذا لابد من إطلاق عدة حملات لمكافحة هذا السلوك، فنحن فى حاجة إلى وقفة لأن ما يحدث الآن هو انهيار للأجيال».