سقطت من مقال العدد الماضى عن «هيكل وحقيقة رأفت الهجان وشهادة صلاح نصر».. العبارة الخاصة بأن كلام نصر عن التقرير الذى أرسلته المخابرات العامة إلى عبدالناصر عن حدوث الهجوم الجوى الإسرائيلى فى مدى 72 ساعة- كان فى كتاب لى صدر عام 1976 عنوانه «صلاح نصر الأسطورة والمأساة»، وكان عبارة عن حوارات ومناقشات بينه وبينى تناول فيها كل ما أثير وقتها عنه وعن عمليات المخابرات وقضية مصطفى أمين، والحملات التى نظمتها المخابرات الأمريكية ضد المخابرات المصرية لتشويه صورتها، وحقيقة أموال الملك سعود، التى اُتهم عبدالناصر بالاستيلاء عليها وصراعه مع عبدالحكيم عامر، وكانت المرة الأولى التى يرد فيها صلاح أثناء نظر قضية مصطفى أمين.. وهذا للتوضيح، وسداً للفجوة التى ظهرت فى المقال.. وكنت أنوى مواصلة الكتابة عن الكارثة التى كشفتها معركة مباراة مصر والجزائر فى الخرطوم، وهى قيام مجموعة داخل النظام والحزب الحاكم- ولأول مرة فى تاريخ الحكم- بمحاولة الاستحواذ على اختصاصات وزارة سيادية- هى الخارجية- وأجهزة سيادية أخرى، وتوريط البلاد فى أزمات مع دول كان منها السودان.. وتجهز الآن لأزمة مع منظمة الفيفا بإعلان رئيس اتحاد الكرة سمير زاهر بأنه فى المؤتمر الصحفى الذى سيعقده فى الثالث من الشهر المقبل سيلطخ علم الفيفا بالدم، إعلاناً لتحيزها لصف الجزائر والتذكير بما تعرض له المشجعون المصريون فى الخرطوم على أيدى مشجعى الجزائر، أى أننا سوف نكون أضحوكة واشمئزاز العالم كله، ولفترة غير قصيرة وكأنه لا توجد فى البلاد رئاسات أو رئيس وزراء ووزارة خارجية وأجهزة أمن، إنما اتحاد كرة يحكم مصر ويجلب لها فضيحة دولية، ولا نعرف أى قوة يستند إليها سمير زاهر أوحت إليه بذلك، أو وصل غروره إلى أن يأخذ هذا القرار من تلقاء نفسه وهو واثق من إفلاته من الحساب. ولكن أزمة بناء الجدار العازل على الحدود مع غزة وانفجارها بعد أن كشفت عنها صحف أجنبية، وردود أفعال النظام عليها، ألقت مزيداً من الأضواء على عدم الصراحة والاستقامة التى يتصف بها النظام فى توضيح إجراءاته العلنية ومدى استهانته بالرأى العام، وحقه فى معرفة ما يحدث فعلاً على أرضه، فبينما العالم كله يتحدث عن الجدار، وتفاصيله لمنع التهريب نهائياً من مصر إلى غزة المحاصرة، ونشرت صحف مصرية هى «المصرى اليوم» و«الدستور» و«الشروق» عنه، وصور لأوناش شركة المقاولين العرب، فقد التزم المسؤولون الصمت التام، ثم صدر تصريح لوزير الخارجية، اتصف بالغموض، فلم نعرف منه إن كان جداراً يمتد تحت الأرض ثمانية عشر متراً بألواح متلاصقة من الصلب يستحيل نسفها بقنابل أو ديناميت، أم سوراً فوق الأرض، أم تطويراً لسور موجود، وكل ما فهمناه لا يختلف أحد معه فيه، وهو أننا أحرار داخل حدودنا، ومن حقنا أن نحميها بالطريقة التى نراها، أى أنه فسر الماء بعد الجهد بالماء. ثم ترك الباقى لعدد من زملائنا الصحفيين للرد على الهجمات التى شنها آخرون واتهموا النظام بأنه ينفذ مخططاً أمريكياً- إسرائيلياً لحصار أشقائنا الفلسطينيين، بأن هاجموا حماس واتهموها بالمتاجرة فى السلع المدعومة المهربة من مصر، واحتمال تهريب سلاح ومخدرات إليها باستثناء زميلنا محمد على إبراهيم، رئيس تحرير الجمهورية، الذى أشار إلى السبب الحقيقى وهو تجنب احتمال فرض عقوبات دولية ضد مصر، وتعرض سيناء لخطر الهجوم لمنع تهريب الأسلحة إلى حماس الموضوعة على لائحة المنظمات الإرهابية.. ولا أعرف لماذا لم يقل وزير الخارجية الحقيقة مباشرة، أو يكلف المتحدث الرسمى للوزارة بإعلانها أو أن يقوم رئيس الوزراء بنفسه بإعلانها، ليبعدوا عن النظام تهمة المشاركة فى خنق أهالى غزة، ووقتها سينالون تفهم وتعاطف قطاع كبير ممن يهاجمونهم داخل مصر وفى العالم العربى، لأن أحداً لن يوافق على تعرض بلاده لإهانة أو أذى أما أن نحاول إثبات أن هذا قرارنا، ولا خضوع لضغوط أمريكية ولا خوف من إجراءات ضدنا، فهى عملية عنترية ومكشوفة لأن كل مقدماتها نُشرت علناً فى العام الماضى فى مصر والعالم، عندما اتهمت إسرائيل مصر بأنها التى تقوم بتهريب الأسلحة إلى حماس، وقدمت المعلومات والصور لأمريكا، ونقلها وزير الدفاع إيهود باراك للرئيس مبارك فى اجتماع فى شرم الشيخ، وكذبها الرئيس فى تصريحات رسمية منشورة عندنا، وقال إن الإسرائيليين قاموا بفبركتها، وإن لدينا معلومات عن عمليات أخرى تقوم بها إسرائيل.. وشارك الأمريكيون والأوروبيون فى توجيه الاتهامات إلينا، واقترحوا قوة دولية للمراقبة فى سيناء، ومراقبة بحرية، فرفضنا بشدة وطالبنا بتعديل اتفاقية السلام بحيث نزيد عدد قوات الحدود من سبعمائة جندى شرطة بأسلحة خفيفة، حسب الاتفاقية إلى ثلاثة آلاف وتسليح أكبر، فرفضت إسرائيل مع تلميحات بأنها ستقوم بضرب مداخل الأنفاق فى رفح المصرية وعدم الاكتفاء بضرب مخارجها فى رفح الفلسطينية، وبدأت بالفعل فى ضرب المخارج وتعمدت استخدام قنابل ارتدادية أثناء وجود صفوت الشريف وجمال مبارك فى رفح، ....... فطلبنا تزويدنا بأجهزة مراقبة إلكترونية متطورة من أمريكا فوافقت، وقُدر ثمنها وقتها بعشرين مليون دولار، ولا أعرف إن كانت مساعدات أم سنشتريها، وجاءت وفود أمريكية من مجلس النواب والشيوخ وصحبتهم السفيرة لتفقد الحدود إلى أن وصلت الأمور إلى الاتفاق على بناء الجدار بالطريقة التى تم الكشف عنها.. وأنا هنا أتحدث عما نُشر فى الصحف القومية لا فى الصحف الخاصة أو الحزبية أو الأجنبية، فلماذا المراوغة وكأن الأمر سر وانكشف؟ لماذا لا يصدر بيان صريح بعيداً عن حكاية السيادة على الحدود، يوضح أننا مجبرون على ذلك، لدفع أخطار عن بلادنا، وأننا سنعمل على منح تسهيلات أكبر للسماح بمرور المساعدات لغزة من المعابر الرسمية إلى أن يتم الاتفاق بين حماس والسلطة على تشغيلها بالاتفاق مع اللجنة الرباعية والاتحاد الأوروبى وأمريكا وإسرائيل؟ ما المشكلة فى أن يكون النظام صريحاً؟!