أعتقد أن معرض الكتاب هو الذى قال «زورونى كل سنة مرة.. بلاش تنسونى بالمرة»، فحاول أن تزوره ولا تخف، فالأعمار بيد الله وأنا لى صديق حضر أكثر من ندوة ثقافية دون أن يصاب لالتزامه بتعليمات الأمن الصناعى والدفاع المدنى وارتدائه «الخوذة» أثناء الندوة، فنحن نرحب بالرأى وابن عمه - الرأى الآخر - لذلك تُعقد معظم هذه الندوات تحت عنوان «دع مائة مطواة تتفتح».. ومرة واحدة فقط فى «ندوة بلا غدوة» قاموا ب«عضّ» صديقى فى ذراعه للذكرى الخالدة عندما قال إن ما يشاهده فى الشارع ليس «تقوى حقيقية» بل «لوثة دينية»، وإن من يشرف على محو الأمية «لواء» بينما كبير الثقافة العربية والأدب «عميد» فقط.. ومعظمنا فى هذا الجو يرتدى «بلوفر تقيل» يحميه من «الضابط» ويرفع «الياقة» عند الكمين، احتراماً «لعربة الشرطة» وعلامة الرضا عن دولة تحافظ على «الأمن الثقافى» فتهتم بالمصادرة أكثر مما تهتم بالتصدير، وتستورد للمواطن كتب التهذيب وتستورد للضابط أدوات التعذيب.. نحن فى عصر لا يُقصف فيه القلم ولا يُصادر فيه الكتاب ولا يُغلق فيه الميكروفون، ولا يأكل فيه المواطن، فبدلاً من لحمتك وقلقاسك هات لك طاقية على راسك، وتوجه لزيارة المعرض وابحث عن عناوين الكتب واترك المخبرين يبحثون عن عناوين أقاربك.. الثقافة لا تُزرع فى «صوبة» الأمن لكنها تتفتح فى مناخ «الحرية»، لذلك تحولت معظم المكتبات إلى محال أحذية.. رغم أن الكتب تنمّى «العقل» والرياضة تنمّى «العضلات» ورفع الحديد ينمّى «الثروة».. فى هذا البلد العجيب من يسرق «كتاب» يتحول إلى أستاذ جامعى ومن يسرق «أرض» يتحول إلى رجل أعمال ومن يسرق «رغيف» يتحول إلى سفاح فلا تستطيع أن تعرف من يأخذ «إعدام» ومن يأخذ «وسام».. (أرد على التليفون وأرجع لحضرتك حالاً)... اللى اتصل ده صاحبى اللى قلت لحضرتك عليه بتاع الندوة.. وبيقول لى إنهم «عضّوه» تانى السنة دى. [email protected]