رفعت لجنة الأمن القومى البريطانية حالة الطوارئ فى البلاد من درجة خطر عام (اللون الأصفر) إلى درجة «حرج» (اللون البرتقالى) عقب معلومات تلقتها من مخابرات صديقة دون تحديد المصدر أو الإدلاء بأى تفاصيل. قال المسؤولون إن المقصود رفع حالة اليقظة للانتباه لأخطار كحقيبة ملقاة بلا صاحب أو من يشتبه فيهم، حسب ما يعرف بالبروفايل، أى من يشير ملبسهم إلى التشدد الأصولى الإسلامى أو إلى انتمائهم لمسلمى شبه القارة الهندية، كجميع الإرهابيين الذين قبض عليهم أو نفذوا عمليات هنا وقد علمت «المصرى اليوم» أن المصدر كان المخابرات الهندية. فبعد تجميد رحلات الطيران المباشر بين مطارات بريطانيا واليمن فى اتجاهين، وتجميد رحلات الخطوط الجوية اليمنية إلى المطارات البريطانية، بدأت خطوط جوية أخرى من الخليج ومن شبه القارة الهندية الاستفادة اقتصاديا من الموقف، بأن توسعت فى توفير رحلات إلى المسافرين من اليمن للتوقف كمسافرين ترانزيت فى عواصم البلدان صاحبة هذه الخطوط ثم يستقلون رحلات هذه الخطوط إلى المطارات البريطانية المختلفة. المخابرات الهندية أخطرت زميلتها البريطانية بأنها منعت أحد المسافرين – القادمين من اليمن - من ركوب الطائرة المتجهة إلى مطلر هيثرو بعد أن وجدت اسمه على قوائم الممنوعين من ركوب الطائرات بسبب اتصالهم بجماعات إرهابية أو احتمال تجنيدهم فى الإرهاب. ولما راجعت المخابرات البريطانية ملفاتها حول اتصالات الشخص، توقعت تنشيط خلية نائمة، وبالتالى أخطرت لجنة مجلس الوزراء لمكافحة الإرهاب لرفع حالة التأهب.والاحتياط مطلوب، لكن هناك قضيتين اساسيتين، الأولى تتعلق بحقوق المواطنين وحرياتهم المدنية وما قد يؤدى من رد فعل عندما يبدأ رجال الأمن فى مراقبة الناس واعتراض طريقهم ومساءلتهم فيما يعرف بالبروفايل أو الاشتباه فى الناس لمظهرهم إذا كانوا يبدون مسلمين متشددين من طريقة الملبس، أو لون البشرة الذى يشير إلى أصولهم الشرق أوسطية أو من بلدان إسلامية آسيوية، رغم أن البوليس معذور فى ذلك. الأمر الثانى الحذر من الوقوع فى الشرك الذى تنصبه الجماعات الإرهابية للمجتمعات الديمقراطية الحرة بإلحاق أفدح الخسائر باقتصاديات هذه البلدان، وبشعوبها ومنشآتها الاقتصادية والتجارية من تعطيل للمصالح مثل طوابير التفتيش وإجراءات الأمن فى المطارات. فالإرهاب كلمة مرادفة لأخريات كالرعب والخوف والترهيب. أى أن زرع حالة من الفزع والقلق فى قلوب الناس، بغرض تعطيلهم عن أداء أعمالهم وإضاعة الوقت الثمين فى التفتيش وتفريغ الحقائب، هو أحد الأهداف الاستراتيجية للإرهابيين. الحكومات غير الديموقراطية وغير المنتخبة لا تعانى من مشاكل مثيلتها المنتخبة. الديكتاتوريات تصدر الأمر، وتنفذه الهيئات المختصة دون مناقشة ويتبعه الناس دون اعتراض. أما الحكومات الديمقراطية التى يستطيع الشعب «رفدها» من الوظيفة فى الانتخابات تضع فى اعتبارها الظهور بمحاولة حماية دافعى الضرائب الذين يمولون ميزانيتها. التغطية العلامية 7/24 (24 ساعة طوال الأسبوع) تدفع رجل السياسة إلى اختيار كلمات تصريحه أمام الميكروفون، ليس لإقناع الناخب بالتصويت له فى انتخابات لن تجرى قبل خمسة أشهر، وإنما تحسبا لرد فعل محررى نشرات الأخبار فى شبكات التليفزيون والإذاعة المستمرة لتصريحه ومتابعته بشكل يؤثر على مانشيتات الصفحة الأولى فى جرائد صباح اليوم التالى. ولذا فالتصريح باتخاذ إجراءات وقائية متشددة فى المطارات قد يحسب لحكومة براون بمواجهة الإرهاب بحسم ساعة اكتشاف محاولة تفجير الطائرة فوق مطار ديترويت، لكنها تحقق للإرهاببين أغراضهم على المدى الطويل بنشر حالة الفزع بين المسافرين من ناحية، وإلحاق الخسائر الفادحة بصناعة الطيران والسفر من ناحية أخرى ودق إسفين بين البوليس وبين من يستوقفهم من المهاجرين والمسلمين للتفتيش من ناحية ثالثة.