أثار العرض البريطانى بعقد مؤتمر دولى فى العاصمة لندن فى 27 من يناير الجارى، والذى أُعلن عن مشاركة 21 وزير خارجية فيه لمناقشة الأوضاع فى اليمن، التساؤلات الواسعة. التفسير الأول للخطوة البريطانية أنها تعكس علاقات وطيدة بين لندن وواشنطن منذ غزو العراق.. التفسير الثانى يتعلق بمصالح بريطانيا فى اليمن، فبريطانيا تعتبر اليمن من ضمن امتيازاتها الدولية، منذ استعمار عدن، هذا إلى جانب التواجد العسكرى فى خليج عدن، الذى تعزز منذ أن ظهر خطر القراصنة، علمًا بأن بريطانيا تحتفظ بقيادات معارضة جنوبية لديها، يحظون برعايتها، بقيادة سالم البيض والمطالبة باستقلال الجنوب، وأنها تحركت سريعا بالإعلان عن مؤتمر لندن بعد ما تبين وجود عناصر القاعدة فى المحافظات الجنوبية، وهو ما قد يضر بمصالح بريطانيا التى ترغب فى الفصل ما بين «الحراك الجنوبى»، الداعى إلى انفصال جنوب اليمن، وبين تنظيم القاعدة. ويبدو أن القضية اليمنية تُدولت فى مؤتمر لندن بعيدا عن المحيط العربى، الأمر الذى أدى إلى استغراب الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، وإعلانه قبل أيام أنه لم تصله أى دعوة للمشاركة فى المؤتمر الذى يناقش أزمة دولة عربية، تداعياتها تؤثر على كل المنطقة العربية. وبعض ملامح التدويل تُظهر فى أرقام معلنة أن الولاياتالمتحدة هى القوة الداعمة الخارجية الرئيسية لجهود اليمن فى مكافحة الإرهاب فى مواجهة القاعدة، والتى يعتقد أن دعمها يأتى فى المرتبة الثانية بعد مساهمة كبيرة لا يكشف عنها من المملكة العربية السعودية. فى هذا السياق، خصص الاتحاد الأوروبى نحو عشرة ملايين يورو (14.38 مليون دولار)، لإدارة الحدود، وزيادة قوة الشرطة ونظام قضاء الأحداث، وسيبدأ تنفيذ أغلب هذه المهام فى 2010. وفى الثالث من يناير الماضى، قال رئيس الوزراء البريطانى جوردون براون إن الولاياتالمتحدة وبريطانيا اتفقتا على تمويل وحدة شرطة لمكافحة الإرهاب، وستدعمان أيضا خفر السواحل. وقال تيم تورلو، السفير البريطانى فى صنعاء فى حديثه بالمؤتمر الصحفى الذى عقده مساء الأربعاء الماضى فى العاصمة صنعاء لتوضيح إستراتيجية مؤتمر لندن حول اليمن: «إن المؤتمر سيناقش التحديات السياسية والاقتصادية التى تواجه اليمن، وإيجاد حلول لأسباب التطرف، وكيفية معالجته، ولا يوجد أى جوانب دعم مالى جديد لليمن»، مشيرا إلى أن التحدى الاقتصادى يعد أبرز التحديات المختلفة التى تواجه اليمن، نتيجة تراجع الزراعة وعوائد إنتاج النفط، اللتين قال إنهما تعدان أبرز مصادر دخل المواطنين والدخل القومى للبلاد، إضافة لشُح المياه، وتراجع أسعار النفط، وتزامنها مع التزايد السكانى الكبير الذى جعل اليمن من أكثر الدول فى نمو السكان. وقال السفير البريطانى إن مؤتمر لندن الدولى يسعى إلى إيجاد تعاون مشترك لحل مشاكل اليمن بشكل أفضل، غير أنه قال إن المؤتمر بالتأكيد لن يحل كل مشاكل اليمن فى غضون ساعتين من الزمن، وهو الزمن المقرر للمؤتمر، إلا أنه سيكون مؤتمرا استراتيجيا، وسيفتتحه رئيس الوزراء البريطانى ورئيس الوفد اليمنى، ثم سيرأس فعالياته وزير الخارجية البريطانى دافيد ميليباند، وستقوم الحكومة اليمنية بتقديم أوراق عمل عن التحديات الأساسية التى تواجه اليمن اقتصاديا وسياسيا وتنمويا، وأمنيا لطرحها للنقاش من قبل المشاركين. وأوضح أن النقاش سيتركز على ثلاثة محاور تتمثل فى: تحليل مشترك للتحديات التى تواجهها اليمن تشمل أسباب التطرف وعدم الاستقرار والاتفاق على مدخل شامل لمعالجة هذه التحديات، وكذا إعطاء زخم أكبر لبرنامج الإصلاحات السياسية والاقتصادية فى اليمن، إضافة إلى سبل تطوير التنسيق وحشد الدعم الدولى لليمن بما يمكنه من التغلب على تلك التحديات.. مشيرا إلى أن وزيرى الخارجية اليمنى والبريطانى سيعقدان مؤتمرا صحفياً فى ختام أعمال المؤتمر لكشف النتائج التى تمخضت عنه. السؤال الآن: وماذا عن الأمن القومى المصرى وسياسته الخارجية والمؤتمر؟!