«كلام أخوك الكبير لازم يصير يا حسنين»... ليه ياماى.. «عشان هو الكبير يا ولدى».. بهذه الكلمات كانت تعلم الأم الصعيدية ابنها حسنين درسا أسريا فى مسلسل غوايش.. وباتت هذه الجملة الدرس الأول للأبناء فى كل بيت.. سواء كنت أخاً أصغر أو أكبر.. حتى تكونت للأخ الأكبر سلطة ضمنية خاصة.. وشيوع هذه السلطة منحها الشرعية التى منعت الكثير من اختبار مدى صحة تلك السلطة.. وهذه السلطة الخاصة لم يأخذها لأنه الأكفأ أو الأصلح.. لكن لأنه الأكبر.. وتظهر هذه السلطة فى سيطرته على أمور البيت فى غياب الأب أو فى سفره أو وفاته.. وأحيانا يبلغ الأمر استيلاءه على دخول بعض أفراد الأسرة.. أو التصرف فى حصة الإخوة والأم من الإرث.. وأحيانا تقرير مصيرهم من حيث الزواج والدراسة وغيرها.. إضافة إلى تحديد علاقات الأسرة بالأقرباء والجيران والأصدقاء. تقول ميادة: «شقيقى الذى يكبرنى بخمسة أعوام يتدخل فى كل خصوصياتى.. يختار لى أصدقائى ويمنعنى من الاختلاط بآخرين دون أن يبدى لى أى ملاحظات سلبية عنهم.. إنه يراقب تحركاتى ويقف على تفاصيل حياتى» وتضيف: «شقيقى الأكبر نشأ ديكتاتورا وسيظل على طبعه مادام على قيد الحياة.. لقد منحه الوالد حتى أثناء حياته (صلاحية) التدخل فى شؤوننا كما يشاء حتى إنه جعل شقيقتى تترك دراستها دون أى مبرر مقنع». مى التى تفصح عن أنها شخصيا عانت من هذه السلطة فتقول إن شقيقها الكبير أراد منها السير على خطاه وإن كانت خطواته غير صحيحة وهذا ما جعل القطيعة تفصل بينهما فلم تعد بعد زواجها تقابله إلا فى الأعياد والمناسبات.. وتكمل: «أخى حرمنى أيضا من ميراثى بحجة أنه كان يعمل مع أبى.. أليست هذه السلطة ما جعلتنا الإخوة الأعداء؟!». وعلى الجانب الآخر، الشقيق الأكبر عصام يقول: «أنا أكبر إخوتى، بعد وفاة والدى، رحمه الله، توليت مهمة الاعتناء بأشقائى وشقيقاتى إلى جانب والدتى ولم أذكر أننى بخست حق أى منهم بل على العكس ضحيت بدراستى وبحياتى الخاصة من أجل تمكينهم من إكمال كلياتهم ومدارسهم.. صحيح هناك (سلطة) أمارسها من أجل توجيههم ولكنها فى الأول والآخر من أجل مصلحتهم وأراها مسألة طبيعية لحرصى عليهم واستكمال ما بدأه الوالد»... إذن فما حدود تلك السلطة؟ ومن أين يستمدها الأخ الأكبر؟ هل الأمر يتعلق بموروثات اجتماعية أم دينية؟.. أم الدين هو مجرد مبرر يمنحه الشرعية لأفعاله؟ وهل هى حصيلة خوف وحس عال بالمسؤولية؟ أم هى مجرد تنفيس عن الرغبة فى التحكم فى الأضعف؟! إن سلطة الأخ الأكبر امتداد للسلطة الأبوية، وتتسم سلطة الأخ الأكبر بالقسوة من أجل إثبات رجولته وفرض سطوته على الأسرة خاصة الأخوات وهذا ناتج عن ضغوط نفسية نابعة من تحديات خلافة والده وإثبات ذاته أمامه وأمام أسرته وتحصل فى غالب الأحيان تجاوزات كبيرة تفوق سلطة الأب لضعف خبرة الأخ وقلة عاطفته مقارنة بالأب، لذلك تحولت إلى صورة من صور الظلم الاجتماعى تجاه المرأة. كل هذه التقاليد جعلته يرى نفسه (سى السيد) فيأمر وينهى لأنها نصبته الحارس لشرف أخواته بمباركة المجتمع.. كما يتم إسباغ القدسية عليها بمزجها سواء عن قصد أو جهل ببعض القراءات الخاطئة للدين.. والكارثة هنا أنه لا يرى ظلمه إنما يتصور أنه على حق بل وينفذ أوامر الله.. حينها يرتكب الخطأ دون أن يلام من أحد أو من نفسه. وعليه يعد ارتكاب أخواته لأى خطأ – خصوصا تلك الأخطاء التى تمس العرض و الشرف – جريمة عظيمة تستحق الأخت عليها الضرب المبرح، والقرارات التعسفية كالإجبار على الزواج والحرمان من التعليم.