قال تعالى «الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح فى زجاجة الزجاجة كأنها كوكب درى يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضىء ولو لم تمسسه نار، نور على نور يهدى الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس، والله بكل شىء عليم» النور 35، ولا شك أننا عندما نتناول صفة من صفات الله، فإننا ننظر إليها من منطلق «ليس كمثله شىء»، فإذا كان الله نورا فهو لا يمكن أن يكون مثل أى من النور الذى نعرفه أو نراه، ويكفى أنه عندما تجلى للجبل جعله دكا، وخر موسى صعقا، إلا أن الخالق عز وجل عندما خلق آدم، نفخ فيه من روحه «ونفخنا فيه من روحنا»، لذا فلا بد أن يكون بداخل كل منا جزء من صفات الخالق عز وجل مثل النور والرحمة والعدل والغفران، وهى ما يطلق عليها صفات الكمال أو الجمال، وأيضا بعض من صفات القوة «المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف»، والشدة «أشداء على الكفار رحماء بينهم»، وغيرها، وكل هذا أيضاً فى إطار ليس كمثله شىء. ولأن القرآن هو كتاب الله المسطور، والإنسان هو خلق الله المنظور، فلا بد أن يكون للقرآن، وهو كلام الله المبين، وصراطه المستقيم، أثره الإيجابى على الإنسان، لأن فيه الهدى والنور، وبه تشرق القلوب، وتنشرح الصدور، وكذلك فلا غرابة أن نسمع حديث الرسول «القلوب تصدأ مثل الحديد فعليكم بجلائها بالقرآن»، وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، فيقول الصيام أى ربى منعته الطعام والشهوة فشفعنى فيه، ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعنى فيه، قال : فيشفعان». ولعل الدراسة التى نشرت فى مؤتمر الإعجاز العلمى للقرآن من الجمعية الطبية الإسلامية بولاية فلوريدا عن التأثير الفسيولوجى للاستماع للقرآن الكريم على أشخاص غير مسلمين لا ينطقون العربية، ومتوسط أعمارهم 22 عاماً، توضح ما للقرآن من تأثير إيجابى على الجهاز العصبى المركزى للإنسان، وقد تم ذلك من خلال 85 جلسة استماع لقراءات قرآنية بطريقة التجويد، ثم 85 جلسة استماع لقراءات غير قرآنية بنفس نغمة التجويد، مع الحرص على اختيار اللفظ والصورة والإيقاع ليكون مشابها لما فى القرآن، إلا إنه ليس قرآناً، بالمقارنة بأربعين جلسة استرخاء مشابهة لجلسات الاستماع ولكن بدون أى قراءات، وكان مقياس النتائج تهدئة النفس من خلال مؤشرات التغيرات الفسيولوجية التى تشير إلى استرخاء الجهاز العصبى المركزى مثل : قابلية الجلد للتوصيل الكهربائى، ودرجة حرارة الجلد والدورة الدموية بالجلد، وكذلك التيارات الكهربائية بالعضلات التى تعكس ردود الفعل العصبية، وعدد ضربات القلب، وضغط الدم، بالإضافة إلى الفحص النفسى المباشر. وجاءت النتائج لتؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أو الإيحاء بأن هناك تأثيرا إيجابيا، أى تهدئة للنفس، واسترخاء للجهاز، العصبى المركزى فى جلسات الاستماع القرآنية بنسبة تفوق أكثر من الضعف فى جلسات الاستماع غير القرآنية، بينما لم يحدث أى تأثير إيجابى من جلسات الصمت، وهو ما يؤكد أن القرآن - كلام الله لا بد أن يكون له تأثير إيجابى على الإنسان خلق الله الذى شهد بالفطرة على وحدانية الله «وإذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا». [email protected]