نجحت ناقلة الغاز الروسية «بالتيكا» فى تنفيذ أول مرحلة من مهمتها لنقل الغاز المكثف من مدينة مورمانسك الروسية، إلى مدينة شنغهاى الصينية عبر الطريق المحاذى لسواحل روسيا الشمالية من المحيط المتجمد الشمالى، والتى ستعوضها عن استخدام الطريق الجنوبى عبر قناة السويس، وتعتمد على نجاح هذا الطريق الآفاق المستقبلية لنقل مصادر الطاقة الروسية شرقاً وغرباً. وانطلقت «بالتيكا» من مدينة مورمانسك الروسية فى 14 أغسطس الجارى، متوجهة إلى الصين فى أول رحلة تجريبية بهذا الطريق الجديد، وأكد الخبراء الروس أنه إذا نجحت «بالتيكا» فى مهمتها فسيصبح طريق ناقلات الغاز الروسية من مورمانسك إلى أسواق شرق آسيا أقصر ب 5 آلاف ميل بحرى، وأقل كلفة للوقود بنحو مليون دولار، وأقصر وقتا ب40 يوماً. وحملت «بالتيكا» على متنها 70 ألف طن من مكثفات الغاز، وقطعت 2500 ميل بحرى خلال 11 يوماً، حتى المحطة الأولى فى ميناء بيفيك (تشوكوتكا) عبر مياه المحيط المتجمد الشمالى ورافقتها كاسحة الجليد الذرية «50 عاما على النصر»، وقال قبطان الكاسحة فالنتين دافيدنيتس ل «المصرى اليوم»: «هذا العمل كان اعتيادياً بالنسبة لنا ولم نواجه أى صعوبات، ومن المحتمل أن يكون قائد الناقلة قد واجه بعض الصعوبات، لأن الناقلة معتادة على الإبحار فى المياه المفتوحة». وقال رئيس مجلس إدارة شركة «نوفوتيك» صاحبة الناقلة العملاقة، ليونيد ميخيلسون،: «الآن أصبح لدينا برهانا قاطعا أن هذا ممكن وأنها ليست تجربة لمرة واحدة، بل يجب أن تدخل حيز العمل المنتظم، ونخطط للقيام بعدة رحلات فى العام المقبل، وسنخطط لبناء مصنع إسالة الغاز فى (يامال) على ساحل هذا الطريق البحرى». كانت سفينتان ألمانيتان تمكنتا فى سبتمبر 2009، من الإبحار بمفرديهما من أحد موانئ كوريا الجنوبية إلى ميناء روتردام الهولندى عبر بحر الشمال بمحاذاة الحدود الروسية الشمالية، ما اعتبره الكثيرون فى روسيا سابقة، لأن رحلات كهذه كانت دائما تتم بمساعدة كاسحات الجليد. ورأى بعض المتخصصين أن هذا الحدث يكتسب أهمية بالنسبة للملاحة الدولية، لأنه يختصر المسافة بين أوروبا والشرق الأقصى، إذ كان على السفن التى تنطلق من الموانئ الأوروبية إلى اليابان أن تعبر قناة السويس وتقطع مسافة 20 ألفاً و500 كيلومتر، أما إذا سلكت هذه السفن طريق بحر الشمال، فإن عليها أن تقطع 1200 كيلومتر فقط، وهذا الاختصار فى المسافة يوفر على كل باخرة 10 أيام من الوقت، ومن المال 300 ألف دولار. ويكتسب هذا الحدث أهمية خاصة بالنسبة لروسيا، وفقاً لقطاع لا بأس به من الساسة والاقتصاديين من رجال الأعمال، باعتبار أن الطريق الجديد يمر عبر المياه الإقليمية الروسية، ما يعنى أن الخزينة الروسية سوف تحصل على مصدر إضافى للدخل من خلال رسوم العبور وتقديم مختلف الخدمات للسفن العابرة، بالإضافة إلى أن الطريق البحرى الجديد يعتبر، وفقا لرأيهم، مهماً بالنسبة للاقتصاد العالمى، لأنها تسهل استغلال الثروات الهائلة الكامنة تحت جليد القطب الشمالى، والتى تساوى 25% من احتياطيات العالم من النفط والغاز حسب تقديرات الخبراء. فى المقابل أكد مدير إدارة التسويق فى مجموعة «سوفرخت» الروسية لتأجير السفن، كارين ستيبانيان، أن محاولات استخدام الطريق البحرى فى القطب الشمالى ليست جديدة لأنه يستخدم أصلاً منذ ثلاثينيات القرن الماضى، موضحاً أن الأسطول البحرى والتجارى السوفيتى كان يستخدمه، ويمر عبره سنويا 6 مليارات ونصف المليار طن من الحمولات. وقال ستيبانيان إن الخبر المهم فى هذا الموضوع كان يتلخص فى أن السفينتين الألمانيتين هما أول سفينتين غير روسيتين تمران عبر هذا الطريق، لأنها فى الحقيقة كانت دوماً مغلقة أمام السفن الأجنبية، لافتاً إلى أنه إذا استمرت التغيرات المناخية، وعمليات ذوبان الجليد، فقد تتغير تركيبة جميع الطرق البحرية فى العالم، وقد تتحول حركة النقل لتصبح عبر طريق القطب الشمالى. واعتبر بعض الخبراء والمتخصصين أن تجربة السفن الألمانية ربما تفيد روسيا من حيث الثلوج الذائبة اقتصادياً وقد تضر بها أيضاً من جهة، ومن جهة أخرى قد يتحول هذا الطريق إلى ممر للعبور لأنه أقصر من ممرات ومعابر الجنوب بحوالى 1000 كيلومتر، ويرى البعض أنه قد يصبح بديلاً لقناة السويس فى فصل الصيف. وقبل إجراء التجربة الأخيرة أكد وزير النقل الروسى، إيجور ليفيتين، أن هذه التجربة ستثبت الجدوى الاقتصادية لاستخدام مسار بديل عن المسار الجنوبى عبر المحيط الهندى الذى أصبح محفوفاً بالمخاطر، فيما يرى الخبراء أن الفائدة من استخدام هذا المسار لن تتحقق إلا إذا تجاوزت كمية البضائع المنقولة عبره 30 مليون طن سنويا.