للناس فيما يعشقون مذاهب، ومحسوبك يا سيدى، من أحب هواياته إلى قلبه وأكثرها إمتاعا لنفسه المعذبة (بكسر وتشديد الذال)، هواية جمع وتتبع الأخبار الغريبة، التى تقع فى شتى بلدان العالم. منذ سنوات بعيدة أقص هذه الأخبار أو أطبعها أينما وجدتها، وأقوم بأرشفتها فى ملفات ضاقت بها الأدراج، بل ووصل بى ذلك الهوس إلى حد الإاشتراك فى مجلة بريطانية متخصصة فى جمع تلك الأخبار الغريبة. أفعل كل ذلك لسبب لا يعلمه إلا الله، ربما لأننى أرتاح نفسيا بعض الشىء عندما أعرف أن الفظائع والغرائب لا تحدث لدينا فقط، وأن هناك أناسا فى الكون أكثر اختلالا ومرضا من الذين لدينا، على أساس أن من شاف بلاوى الناس هانت عليه بلاوى ناسه، وعلى أساس أن تتبع عورات العالم أريح بكثير من تتبع تطوره السياسى وإنجازاته العلمية التى تفطر الفؤاد على تخلفنا، وربما لكى لا أفلسف الحكاية، هى مجرد هواية تافهة أحبها، وأحب أن أشركك فيها بين الحين والآخر، إذا رغبت، أما إذا لم ترغب فأعط نفسك إجازة من قراءة هذا العمود، أو اترك قراءته لما بعد مدفع الإفطار، وفى كل الأحوال أستغفر الله لى ولك. إذا كان هوسى بالأخبار الغريبة يحتاج إلى تفسير، فبالتأكيد لا يحتاج الهوس بمارلين مونرو إلى تفسير، يكفيك مطالعة صورها، بعد الإفطار طبعا، لكى لا أُتّهم بدعوتك للفسوق، ومع ذلك فهوس البعض بالمرحومة مارلين فاق كل حد، (إذا كانت الرحمة تجوز على الحكام العرب فلم لا تجوز على مارلين مونرو؟)، مؤخرا وفى مزاد على الإنترنت عرضوا للبيع 3 صور أشعة إكس راى لصدر مارلين مونرو، كونها صور أشعة يفسر قرار بيعها بالطبع، كان منتظرا أن تباع الصور بكام مائة دولار على أقصى تقدير، لكن أحدا لم يتوقع أن يوصل الهوس المارلينى المشتركين إلى خوض غمار مزايدة شرسة حسمها رجل أعمال حرص على إخفاء هويته منعا للنبر، حيث فاز بالصور بعد أن دفع 45 ألف دولار، دولار ينطح دولار، (شوف يشتروا كام جهاز أشعة للغلابة يا أخى)، وقبل أن تقول لنفسك إن الرجل يمكن أن يكون قد اشترى الأونطة وباعوا له صور أشعة من مستشفى الصدر، ستعرف أن المزاد لم ينعقد على الصور إلا بسبب وجود اسم مارلين ديماجيو عليها، وهو الاسم الذى اتخذته لنفسها إبان زواجها القصير من اللاعب الأسطورى جو ديماجيو. محرر مجلة «نيو ستيتمان» التى نشرت الخبر الذى أشار إلى أن المزاد الإنترنتى نفسه شهد بيع قفاز كريستال للمغنى الراحل مايكل جاكسون بمائة وتسعين ألف دولار، وأعقب ذلك بسؤال للقراء: «يمكن للشارى أن يلبس القفازات لكن ماذا سيفعل مشترى صور الأشعة بها؟»، أمتلك إجابة لا تصلح للنشر لا فى رمضان ولا فى غيره من شهور ربنا، قمعتها بداخلى وفكرت أن أرسل إلى المحرر ترجمة للمثل الشعبى «اللى يفوته الخوخ يرضى بشرابه»، لكننى فشلت فى ترجمته. الآن ولكى أخفف من غلواء الشتائم التى سأنالها بسبب نشرى لهذا الكلام، سأقول إننى هدفت من وراء نشره إلى عرض الانحلال الأخلاقى الذى يمر به الغرب اللعين والذى سينهار بإذن الله، بينما سنظل نحن على قيد الحياة بسبب حفاظنا على الأخلاق الحميدة، وإدراكنا أن لصور الأشعة حرمة خصوصا لو كانت صور أشعة حُرمة. فى أستراليا نوع جديد «لانج» من الهوس يوصل إلى العناية المركزة رأسا، حيث تم إسعاف رجلين فى منتصف الثلاثينيات من عمرهما، بعد أن أطلقا النار على بعضيهما من الجنب ببندقية صيد فى اللحظة نفسها، فقط لكى يجربا إحساس دخول الطلقة فى الجسم (يا ترى بتوجع فعلا؟)، حدث ذلك بعد أن سكرا طينة والعياذ بالله، وقد يكون الدرس المستفاد هنا أن البانجو على كل سيئاته أقل ضررا من الخمور. أما فى بالينيزيا التى لا أعلم أين هى أساسا على الخريطة فقد تم الإمساك فى إحدى القرى بشاب فى الثامنة عشرة من عمره، أثناء عرضه ممارسة الرذيلة على بقرة، الشاب المهووس ادعى أن البقرة ظهرت له فى صورة امرأة شابة، وأصدرت له أصواتاً موحية، وعمدة القرية الجدع صدقه، لكنه حرصا على أخلاق القرية أصدر قرارا بأن يتزوج الشاب من البقرة فورا لكى ينضف سمعة القرية، وبالفعل تم إقامة حفل زفاف للشاب على البقرة انتهى بإغراق العروسة فى البحر، وإحنا مش لاقيين اللحمة أساسا. نخرج من أخبار الهوس فالباقى منها لا يصلح للنشر بتاتا، ونذهب إلى سويسرا حيث تعاقدت الشرطة مع ممثل محترف لمدة ستة أشهر لكى يقوم بارتداء أجنحة ويتقمص شخصية الملاك الحارس ويقف فى شوارع مقاطعة كانتو فرايبورج لكى يحذر السائقين من الإسراع فى القيادة ويرغبهم فى العودة إلى بيوتهم سالمين، قلت لنفسى لو اقتدت الداخلية لدينا بالتجربة وتعاقدت مع ممثل محترف لأداء الدور نفسه لدهسه سائق مقطورة لأنه كافر يجسد شخصية الملائكة. وفى مطار أركنسو الأمريكى فتح عمال المطار بالصدفة شحنة مغلقة ليتضح أنها تحتوى على أكثر من 40 رأساً بشرية مقطوعة، وبعد التحقيق اتضح أن الرؤوس مرسلة إلى مؤسسة طبية فى تكساس لأغراض دراسة الأنف والأذن والحنجرة، مش محتاجة فكاكة لكى تدرك أن الرؤوس كانت قادمة من دولة عالم ثالث، لا أظنها مصر، لأن طلبة الطب لدينا يستهلكون كل إنتاجنا المحلى. أخيرا ولكى لا تخرج من هذا العمود بعظة تنفعك فى دنياك، دعنى أحكى لك عن عالم أمريكى حائز على جائزة نوبل هو البروفيسور بارساد فارانسى، خرج إلى التقاعد مؤخرا بعد رحلة طويلة من العمل فى جامعة ستونى بروك فى نيويورك، وبدلا من أن يحضر حفل التقاعد الذى أقامته له الجامعة، أرسل إلى المحتفلين برسالة سربها إلى الصحافة، ترجمتها نصا كالتالى: «ماليش مزاج إنى أحضر الحفل بتاعكو، لإنى باكره بوب كيس البروفيسور الذى زامله لسنين والذى دعا إلى الحفل وباكره كل فريق البحث وباكره الطريقة اللى عاملتونى بيها الثلاث والأربعين سنة اللى فاتت، وباقولكم روحوا كلكو إلى الجحيم، وكل اللى نفسى فيه إن ريحة جامعتكم القذرة ماتفضلش فى جلدى لما أسيب المدينة دى وأسافر بمنتهى السعادة إلى هاواى، مافيش حاجة حلوة ممكن أقولها لأى حد فيكو، غير إنكو كلكم نكرات، وهافضل أنا بارساد فارانسى». يالها من روح صراحة عالية أتمنى أن نتحلى بها جميعا فى حياتنا المنقوعة فى النفاق الاجتماعى، ولتكن البداية مثلا فى الرسالة التى ستشرع فى كتابتها لى الآن، تعليقا على هذا العمود الذى أنوى نشره مرة كل أسبوع، إلا إذا هدانى الله وغيرت رأيى. [email protected]