لا شك أن قيمة مصر يدركها أكثر من يجرب أن يفارقها ولو لأيام.. فما بالك من يقيم بعيداً عنها لسنوات؟ نعم تأخذه دائرة الحياة وسعيه الدؤوب للانخراط فى مجتمعه الجديد.. ولكن يبقى لمصر دائماً ركن أثير فى عقل كل مغترب.. هذا ما أدركته مصر الأم التى لا تفرق بين ابن قريب منها وآخر بعيد عن ناظريها، لذا وتحت شعار «شركاء فى وطن واحد نحو مستقبل واعد» استقبلت مصر، تحت سماء الإسكندرية الساحرة، المؤتمر الأول لأبناء المصريين بالخارج، والذى نظمته وزارة القوى العاملة والهجرة مع المجلس القومى للشباب، بالتعاون مع وزارتى الخارجية والاستثمار خلال الفترة من 29 إلى 31 يوليو 2010 والذى سعى لإحياء هذه العلاقة الحميمة التى تربط بين هؤلاء الشباب المقيمين بالخارج وأرض آبائهم، والذى شهد جولات من المناقشات المستفيضة لكل مشاكل الوطن بين شباب مصر المغترب الذى اتضح مدى إلمامه العميق بقضايا مصر الداخلية والخارجية مع صفوة من صناع القرار المصريين الذين حرصوا على فتح جميع سبل النقاش الهادف مع هذه الشريحة المجتمعية المهمة التى ستساهم مع أبناء الوطن بالداخل فى صنع مستقبل مصر. لقد أدركت مصر، ممثلة فى وزارة القوى العاملة والهجرة وبالتعاون مع المجلس القومى للشباب، أهمية ثروة مصر الكامنة التى تستثمرها بالخارج فى العديد من بلدان أوروبا وأمريكا، فضلاً عن البلدان العربية الشقيقة، حيث تلعب هذه العقول دوراً لا غنى عنه فى صنع القرار هناك، هذه الثروة لابد أن تستثمر كى يتفاعل معها الوطن بالإفادة والاستفادة من خلال تعزيز روح الانتماء لدى هذه الكوادر التى أنشأتها مصر كى يستفيد منها العالم، وتأصيل ولاء الأجيال الصاعدة من أبناء هؤلاء المصريين الذى نشأوا خارج حدودها، وإن تشبعوا بقيمها الأصيلة عن طريق أدائهم، وذلك كى يكونوا خير سفراء لها فى بلدان إقامتهم، يتواصلون مع بلدهم وينقلون لمجتمعاتهم صورة صحيحة عنه لا يمكن أن توصلها آلاف الحملات من الدعاية الموجهة. لقد استفاد الكثير من البلدان من استثماراتها البشرية خارج حدودها، ولنا أن نذكر فى هذا المقام بلدان المغرب العربى التى استطاعت خلال النصف الأول من القرن العشرين تكوين بنية مجتمعية فى فرنسا ذات ثقل وتواصل دائم مع بلدانها الأم، ولا تنكر هذه البلدان مدى استفادتها منها مادياً وثقافياً وعلمياً.. إلخ، وكذلك الأمر بالنسبة للأتراك فى ألمانيا والذين حاولت من خلالهم تركيا كثيراً التأثير بالإيجاب على الموقف الأوروبى منها، كما يجب أن أذكر وكم وددت لو لم أكن أذكرها دولة العدو التى قامت على أكتاف الشتات اليهودى بأوروبا وأمريكا والذين استطاعوا أن يخلقوا دولة من العدم ويدعموها بكل ما يملكون من خلال تأثير اللوبى الصهوينى على دوائر صنع القرار الدولى فى العالم. أعزائى القراء.. لقد أدركت وزارة القوى العاملة والهجرة منذ أن تولت مسؤوليتها السيدة الوزيرة عائشة عبدالهادى أن معايير العمل بهذه الوزارة قد تغيرت خلال العقد الأول من القرن الجديد، وأن آليات العمل بها تتطلب تحولاً نوعياً فى ضوء عدة عناصر استجدت بسبب الوضع الاقتصادى العالمى بدول المقصد، سواء العربية أو الأجنبية، مما فرض قيوداً كبيرة على تدفقات المصريين الخارجية عما كانت عليه ذى قبل، ومن ثم تقلص عدد المصريين بالخارج واختلفت نوعيتهم لتقتصر على الخبرات الفنية وشديدة التميز، والتى تتسم هجراتها بالثبات والديمومة على عكس الهجرات القصيرة والإعارات السنوية التى غلبت على نموذج الهجرات المصرى خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضى، مما يتطلب السعى لهؤلاء كى لا تنفصل عرى التواصل بين مصر وأجيال مصر الصاعدة من هؤلاء المصريين أبناء المصريين. عضو أمانة العلاقات الخارجية بالحزب الوطنى الديمقراطى أمين عام جمعية محبى مصر السلام [email protected]