رمضان على الأبواب، وبعد تهنئة حضرتك بشهر الصوم، أتساءل: هل هناك علاقة بين التدين الصحيح والحب؟ فى يقينى أن تلك العاطفة النبيلة لابد أن تستند إلى علاقة حلوة مع الله أولا بعيدا عن التشدد، وأهمية الإيمان الصحيح تظهر فى أمور ثلاثة تحديدا، ويتعلق الأمر الأول بتوسيع مفهوم الحب، فلا يقتصر على الغرام وروميو وجوليت أو قيس وليلى،! بل يشمل الناس كلهم، وهذا أمر بالغ الأهمية فى عصرنا النكد! والسبب أن الشعار السائد فى حياتنا أنا وبعدى الطوفان.. وكل إنسان يفكر فى نفسه ومصلحته أولا، وأهلا بالصداقة بشرط ألا تتعارض مع طموحاتى!! وياسلام لو كانت فى خدمتها!! والمؤمن بحق يفكر بعقلية أخرى، إنه أبعد ما يكون عن الأنانية، بل يسعى لخدمة الناس كلهم من منطلق حبه لهم، ولا يريد فى ذلك جزاء ولا شكورا، بل يفعل ذلك لوجه الله الذى يحبه، فلابد أن يكون إيمانه قويا جدا حتى ينجح فى ذلك. وأنتقل إلى النقطة الثانية وهى تتعلق بالقلب عندما يدق! أو الغرام بين الشباب والصبايا وهى كلمة من بلاد الشام تعنى البنات! فالشاب المتدين يرفض أن يكون قلبه حقل تجارب! أو شغل مراهقين ولعب عيال وتسلية وانحرافاً باسم الغرام! بل يرتقى بالحب إلى السماء ولا يهبط به إلى الحضيض! وترى حبه نظيفاً طاهراً حلواً جميلاً وأهم ما يتميز به هذا الحب أنه يتم فى العلانية والنور وتحت رقابة الأهل وغايته تتويج حبه بالزواج، فهو لا يعرف الغرام الخفى الذى يتم بعيدا عن عيون الأسرة! والحب الحقيقى مثل الحديقة تحتاج إلى الهواء والشمس حتى تنمو أزهارها. وأنتقل إلى الأمر الثالث الذى تتضح فيه أهمية الإيمان بالحب وهى تتعلق بمنزل الزوجية، فالإنسان المتدين إذا أحب امرأته أكرمها، أما إذا أكرمها ودب بينهما الخلاف والشقاق، فإنه بالتأكيد لن يظلمها لأنه يخشى الله من ناحية، ولأن حبه للّه علمه الأخلاق والأدب فلا يتطاول على شريكة عمره باللسان أو باليد! والإنسان عادة تظهر أخلاقه الحقيقية فى المواقف الصعبة التى تحتاج إلى صبر ورباطة جأش، فإذا كانت علاقته حلوة مع الله فسينعكس ذلك على سلوكياته حتى فى حالة غضبه. ومن فضلك لاحظ أن حديثى سالف الذكر ينطلق كما قلت منذ البداية من الإيمان الصحيح لأن هناك- للأسف فى مجتمعنا- تديناً غليظاً وشكلياً أساء إلى كل المتدينين: وأخيراً فإننى أعترض بقوة على من يقول إن الدين علاقة شخصية بين الإنسان وربه لأن هذا التدين لابد أن ينعكس على العلاقات فى دنيا الناس! وغير معقول أن يحصل على امتياز فى عباداته وصلواته وفى ذات الوقت تراه فى تعاملاته يأخذ (صفر مربع).. يعنى ساقط بجدارة! وأنت دائما مع ربنا ناجح بشرط أن يكون إيمانك صحيحاً!